ما وراء زيارة ميلوني إلى ليبيا

ما وراء زيارة ميلوني إلى ليبيا

ما وراء زيارة ميلوني إلى ليبيا

 العرب اليوم -

ما وراء زيارة ميلوني إلى ليبيا

بقلم - جمعة بوكليب

قد لا يعرفُ كثيرون أن البيانات الختامية، التي تصدر لدى انتهاء الزيارات الرسمية لرؤساء الدول أو الحكومات وكبار المسؤولين، يتمّ إعدادها مسبقاً قبل بدء الزيارة، من قبل تكنوقراطيين وبيروقراطيين يتحركون كأشباح وراء الكواليس، ويعملون وراء أبواب مغلقة. لكن من صدف وعمل في دوائر السلك الدبلوماسي على علم بهذه التفاصيل. إذ لا شيء يترك للصدفة إلا نادراً، وفي ظروف استثنائية. أمّا في غيرها من الظروف، فالأمور لا بدّ أن تكون تحت السيطرة، وفق المخطط لها. هذا من ناحية.

من ناحية أخرى، إنّ ما يرد في تلك البيانات، من مفردات وجمل وصياغات تقليدية ومتعارف عليها، لا يمثل حقيقة ما دار وراء أبواب مغلقة، ولا ينبئ في كثير من الأحيان عن السبب الحقيقي وراء لقاءات أو اجتماعات تمّت بين رؤساء دول، أو حكومات... إلخ.

وما يقال عن جبل الجليد في أعماق البحر، الذي لا يبدو منه للناظر إلا قمّته، والباقي مخفي في عتمة مياه الأعماق، من الممكن استعارته للاستخدام في أمور السياسة. فنقول إن ما يتمّ في تلك اللقاءات والاجتماعات المغلقة خلال الزيارات لا يظهر منه على السطح إلا ما أراد له المجتمعون.

الساسةُ -في الأغلب–، وهذا ليس خافياً على أحد، ما يقولونه في العلن يكون غرضه التمويه عما ينوون فعله. وما نشاهده أو نسمعه أو نقرأه من تصريحات لسياسيين لا يمثل سوى جزء ضئيل من حقيقة حدث أو لقاء أو اجتماع ما. وهذا يفضي بنا مباشرة إلى زيارة رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني إلى ليبيا مؤخراً، واجتماعها في طرابلس مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ثم مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وبعد ذلك انتقالها إلى بنغازي، واجتماعها بالمشير خليفة حفتر.

الذين اطلعوا على البيان الختامي للزيارة ربما يتذكرون صياغته الدبلوماسية، وما ورد فيه من مفردات وجمل لا تخرج عن سياق المتعارف عليه دبلوماسياً في هذه المناسبات. أما السبب الحقيقي فهو موضوع الهجرة غير القانونية، وقرب موعد انتخابات البرلمان الأوروبي. ذلك أن «موسم الهجرة إلى الشمال» قد حان وقته، متزامناً مع موعد انتخابات البرلمان الأوروبي في الشهر المقبل.

الصيف على الأبواب، والأجواء الطقسية مناسبة جداً، وعصابات التهريب جاهزة، وعلى أتم الاستعداد لشحن عبواتها من البشر شمالاً، هرباً من جحيم الفقر والاضطهاد إلى جنّة موعودة في بلدان وشعوب لا تريدهم، وتزدريهم.

الغرض الحقيقي غير المعلن من الزيارة هو حثّ الحكومة الليبية في طرابلس، والقيادة العامة في بنغازي، على تشديد القبضة الأمنية ضد عمليات التهريب عبر البحر إلى إيطاليا.

ولعل كثيرين غيري اطلعوا على بيانات نشرت في وسائل الإعلام صادرة عن جهات أمنية ليبية مكرسة لمكافحة تجارة تهريب البشر. في تلك البيانات قرأنا قيام مفارز من تلك الأجهزة بالإغارة على مقرّات مهرّبين في مدينة الكُفرة الصحراوية، وتدمير مقرّاتهم، والقبض على نساء ورجال وأطفال كانوا يعدّون لتهريبهم عبر البحر إلى إيطاليا. الجدير بالذكر، واستناداً إلى تقارير صادرة عن منظمات الهجرة الدولية وأجهزة أمنية أوروبية، فإنَّ الهجرة إلى الساحل الإيطالي من ليبيا بدأت في الفترات الأخيرة تنطلق من ساحل المنطقة الشرقية بشكل واضح. ويبدو أنَّ المهرّبين نقلوا نشاطهم إلى تلك المنطقة نتيجة تضييق الرقابة عليهم في الغرب.

وما يعرفه الليبيون هو أن أجهزتهم الأمنية باختلافها، غرباً وشرقاً وجنوباً، على علم بكل مقرّات المهرّبين، وبنشاطاتهم، ولا يفوت أفرادها فرصة ابتزاز تلك العصابات مالياً. وأنّهم لا يتعرضون للمهربين بسوء إلا بعد زيارة مسؤول أوروبي إلى ليبيا. إذ كلما زار مسؤول أجنبي كبير ليبيا من دول شمال البحر المتوسط، ورجع إلى بلاده، تطالعنا عقب الزيارة في وسائل الإعلام المحلية عمليات اعتقال في البحر أو في البرّ لمهرّبين ولمهاجرين غير قانونيين. بمعنى أن مهمة المسؤول الزائر لليبيا هي تسخين الفرن الأمني الليبي، وأن مدة بقاء النار مشتعلة في الفرن تتوقف على وزن الزائر، وما قدمه من خدمات، أو وعود لتحسين صورة المسؤولين الليبيين، وإظهارهم بصورة رجال دولة يحظون بالاحترام والتقدير دولياً.

أعيدوا قراءة بيان الزيارة، وحاولوا الربط بين الزيارة والاطلاع على نشاطات مؤسسات مكافحة الهجرة غير القانونية المنشورة في وسائل الإعلام بتاريخ متزامن مع زيارة السيدة ميلوني إلى بلادنا. ودققوا جيداً في الجمل التي تؤكد التعاون بين البلدين، لتعرفوا أن التعاون المذكور لا صلة له بما ورد فيه من إشارات إلى عقد انتخابات، وحكومة موحدة، ولا بتدريب شباب، أو تعليمهم، أو غيرها. التعاون المقصود هو تقديم خدمة للسيدة ميلوني بوقف قوارب المهاجرين خلال الأيام المقبلة، كي ترفع من حظوظ أسهمها، وأسهم حزبها انتخابياً في انتخابات البرلمان الأوروبي في الشهر المقبل، وكذلك التحذير من مغبة الوجود الروسي في ليبيا، وما يشكله من تهديد على أوروبا.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما وراء زيارة ميلوني إلى ليبيا ما وراء زيارة ميلوني إلى ليبيا



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab