إيران في الزاوية الحادة

إيران في الزاوية الحادة

إيران في الزاوية الحادة

 العرب اليوم -

إيران في الزاوية الحادة

بقلم: نبيل عمرو

كلّما شرعت في كتابة مقالة يراودني شعورٌ بأنَّ مفاجأة ما لا بدَّ وأن تقعَ تجعل ما أكتب غيرَ ذي صلة.

ولأنَّني أعيش في فلسطين، حيث بؤرة الاشتعال المركزية، فقد بدا لي أنَّ المفاجآت صارت القاعدة، والتوقعات المستندة إلى الحسابات السائدة هي الاستثناء.

طوال أمدِ الحرب على غزة، وفي أشدّ فصولها وأشرسها، تعوَّد العالم على رؤيتها والتفاعل مع تطوراتها عن بعد، وفي حالاتٍ عديدة، منها التي نحن فيها الآنَ، أضحتِ الحربُ على غزة كما لو أنَّها مجردُ تحصيلِ حاصل روتيني بسبب انصرافِ العالم كلّه إلى الاهتمام بالاحتمالات القوية لاتساع مساحتها المسيطر عليها حتى الآن، لتتحوَّل إلى حربٍ إقليمية دولية، يجري سباقٌ محمومٌ بين محاولات الاحتواء المسبق لها، وترويضِها تحت الأسقف القديمة التي ما تزال تعمل حتى اللحظة، وبين الترتيبات الفعلية على الأرض التي تُتَّخذ كما لو أنَّ الحربَ الإقليميةَ الدولية واقعةٌ لا محالة.

فالرئيس بايدن ينتقل إلى غرفةِ العمليات في واشنطن لمتابعةِ التطورات، والجنرال كوريلا يقود الترتيباتِ الميدانيةَ في المنطقة، وإطارُها صيانةُ وتفعيلُ التحالف الإقليمي الدولي ليكونَ جاهزاً للعمل إذا ما استدعتِ الضرورة ذلك.

المفاجآتُ التي تغيّر المسارات غالباً، إن لم يكن دائماً، عدا زلزال السابعِ من أكتوبر (تشرين الأول)، تنتجها إسرائيل، التي كانت في البدايةِ ضحيةَ مفاجأة «حماس»، إلا أنَّها في كل ما حدث بعد ذلك، هي المنتجة والمستثمرة للمفاجآت.

ليس مجدياً كثيراً استعراضُ مفاجآتِ حرب الأشهر العشرة، غير أنَّ ما يجدر الانتباه إليه هو المبدأ الإسرائيلي، الذي يعتبر المفاجآت غيرَ المتوقعة أحدَ أهم مستلزماتِ الحرب وشروط تحقيق أهدافها.

مفاجأة المفاجآت، كانت النجاحَ التكتيكيَّ الصارخَ الذي تحقَّق من خلال العملية الثلاثية التي ضربت في الرأس... إيران واختراق طهران، «حماس» وتصفية رجلها الأول، و«حزب الله» الذي وصل مسلسل الاغتيالات لذروته في الشخص والوقت والمكان.

أضلاعُ المثلث المصاب، متفاوتةُ التأثر بما حدث؛ فلا جديدَ على «حماس»، التي تمارس فعلَها وفق مبدأ الاستشهاد هو القاعدة والنجاة هي الاستثناء، منذ حسن البنا مؤسسِ حركة الإخوان المسلمين التي اتَّسعت وتطورت لتصبحَ إقليمية ودولية، مروراً بمؤسس «حماس» الشهيد أحمد ياسين، وليس انتهاءً بخليفته على القمة الشهيد إسماعيل هنية، وما بينهم جميعاً من قادة وكوادر قضوا على ذات المبدأ وذات الطريق.

و«حزب الله» الذي لم يتوقف نزفُ القيادات من بنيته وناسه، ويخسر قائداً كل يوم، ولا يُبدي تأثراً، بل عناداً ومكابرةً وسعياً دائماً لتغيير المعادلات، دون النظر مليّاً في الإمكانات.

أمّا قاعدة المثلث إيران، الأكثر سخاءً في الإنفاق على الأذرع والاستثمار فيها، فقد ضاقت الحالة عليها في أحرج الأوقات التي تمر بها، والتي ميّزتها من خلال الحالة الملتبسة لمصرع أهم شخصيتين قياديتين على مستوى الدولة؛ الرئيس ووزير الخارجية، مع الاختراقات المقر بها من قِبل القيادة وعلى رأسها المرشد، والتي أودت بحياةِ علماء وقادةٍ في قلب إيران وداخلَ ساحاتِ أذرعتها في كل مكان.

إيران صاحبةُ أوسعِ أجندةِ نفوذ إقليمي، بدت الأكثرَ تضرراً مما حدث فيها ومن حولها، وبداهةً وهي الدولة الإقليمية العظمى، أن تجد نفسَها أمام خيارين أحدهما حتمي؛ الأول أن تردَّ عسكرياً، وهذه المرة ليس من خلال الأذرع، وإنما مباشرة من داخل حدودها، أو أن تذهبَ إلى تسوية حول حجم الرد بما يحول دون الرد المضاد الذي ينطوي على احتمالات حرب إقليمية دولية تُحسب بقواها وإمكاناتها وليس بعدالة دوافعِ المُعتدَى عليه فيها. خيار التسوية على طريقة ما حدث في حالة قاسم سليماني، له ثمنٌ معنوي، وخيارُ الذهابِ إلى حرب واسعة، له ثمنٌ استراتيجي.

أوشكت على الانتهاءِ من كتابة هذه المقالة من دون أن يفارقني شعور بأنَّ مفاجأةً ستحدث مثل بدء الحرب، أو نجاح الجهود لتفادي اتّساعِها، أو اغتيال جديد داخل المثلث المكابر أو حتى خارجَه.

 

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران في الزاوية الحادة إيران في الزاوية الحادة



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab