الخطاب الرابع «الإيباك» تدفع والكونغرس يصفق

الخطاب الرابع... «الإيباك» تدفع والكونغرس يصفق

الخطاب الرابع... «الإيباك» تدفع والكونغرس يصفق

 العرب اليوم -

الخطاب الرابع «الإيباك» تدفع والكونغرس يصفق

بقلم : نبيل عمرو

فرقٌ كبيرٌ بين الخطابات الثلاثة التي ألقاها بنيامين نتنياهو من على المنصةِ الرئيسية للكونغرس وبين الخطابِ الرابع الذي ألقاه أخيراً، وحربُه على غزة تقتربُ من دخول شهرها العاشر.

الفرق الذي أراه كبيراً ظهرَ أولاً من داخل إسرائيل، حيث تحوّل نتنياهو من ملك متوَّج لم يستطع منافسوه النيلَ من احتكاره رئاسة الحكومة لأطول فترة زمنية، إلى شخصية إشكالية تطالب أغلبيةُ الجمهور الإسرائيلي بالتَّخلّصِ منه ومن إدارته الفاشلة لأطول حرب خاضتها إسرائيل منذ تأسيسها.

أمّا في أميركا ذاتِها فقد تحوّل نتنياهو من زعيم نشط وفعّال ومحبوب وحَّد الدولة العظمى وراء قيادته وحتى مغامراته، إلى عنصر نشط وفعّال في إثارة انقسام داخل الطبقة السياسية والحزبية الأميركية وتبديد الإجماع عليه، الذي لم يعبر عنه خلو مائة وعشرين مقعداً من النواب الديمقراطيين الذين اعترضوا على مجرد دعوتِه، بل سبقَت ذلك أقوى المظاهرات الشعبية التي أدانت حربَه على غزة وطالبت الإدارة بالتوقف عن شراكتها له في هذه الحرب، وتغطياتها لنفقاتها ولما تحتاج من دعم سياسي.

جاءَ إلى الكونغرس حيث المستوطنة الأكثر ولاءً له ولمغامراته، غير أنَّه هذه المرة وصل جريحاً نازفاً، أرهقته المظاهرات المليونية التي اجتاحت زعامته قبل حرب غزة وأثناءها، وأرهقته المطالبات الشرسة بوقف الحرب بما في ذلك مطالبات عدد من أقطاب المؤسسة العسكرية والأمنية.

جاء إلى الكونغرس حاملاً على كتفيه أثقالاً تهد الجبال وقضايا فساد مثبتة، لولا الحرب لأرسلته إلى السجن، وإلى جانبها الثقل الأخلاقي والقانوني الأهم الذي جسّدته محكمة العدل الدولية، بإدانتها الصريحة والحاسمة لاحتلاله واستيطانه، وتنكيله المنهجي بالشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة الإنسانية والتاريخية والسياسية.

ذلك إضافة إلى ما ترتّب له محكمة الجنايات التي أدانته كمجرم حرب ينتظر الملاحقة والعقاب.

لقد تم ترتيب دعوته من وراء ظهر الإدارة الديمقراطية، ليسهم في إسقاط بايدن وإنجاح ترمب، وأنفقت «الإيباك» ما أنفقت لجعل خطابه في الكونغرس أكبرَ تظاهرة دعم لحملة الجمهوريين، ذلك قبل السقوط المدوّي لبايدن في المناظرة الحاسمة.

لقد دُعيَ نتنياهو ليسدّد ضربة قاتلة للرئيس المترنح بايدن.

أثناء خطابه الرابع، ظهر جليّاً أنَّ الحفاوة مدفوعة التكاليف التي تنظمها عادة «الإيباك»، والتصفيق وقوفاً بعد كلّ جملة فارغة كان يقولها، لم تغطِ على يافطة صغيرة رفعتها رشيدة طليب مكتوب عليها «مجرم حرب».

كانت اليافطة الصغيرة أكثرَ صدقية من التصفيق وقوفاً، لأنَّها ببساطة لم تكن مدفوعةَ الأجر، ولأنَّ كاميرات العالم التي ملّت مشاهدَ الإجرام الإسرائيلي جعلتها اللقطةَ الأهم في المشهد كله.

أمّا خارج الكونغرس ورغم الترتيبات المحكمة التي اتخذت، فقد ارتفع علمُ فلسطين عالياً في مشهد اختزل ما سبقه، حين اندلعت انتفاضة الجامعات الجبارة، التي ذكرّت بالانتفاضات الشعبية القوية التي حسمت حربَ فيتنام في القرن الماضي.

رحلة الخطاب الرابع كانت استعراضاً من جانب نتنياهو، لما توصلت إليه قريحته من فنون إهانة أميركا وإظهارها كأصغر مستوطنة إسرائيلية، أو كعربة تجرها أحصنة صهيونية.

قال نتنياهو بصريح العبارة إنَّ إسرائيل هي من يحمي أميركا وليس العكس، والشعب الأميركي الذي تظاهر ضد حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة هو مجرد مجموعات من المرتزقة والمارقين، ومصيبة المصائب أنَّ ممثلي الشعب الأميركي صفقوا وقوفاً لهذه الإهانات فكل شيء مرحب به ما دام نتنياهو يتكلم و«الإيباك» تدفع.

نتنياهو يعرف كل ذلك فهو خبير في الحالة الأميركية وتقلباتها غير أنه لا يأبه بما يعرف، خصوصاً وهو يخوض معركته الأخيرة، فأميركا بالنسبة له في هذه المعركة هي مجرد خزّان وقود لتطلعاته السلطوية، وهي تكفي كيفما كانت حالتها للمدة التي يحتاجها للبقاء أو التجديد، فهو يعدّ أيام الديمقراطيين في البيت الأبيض ساعة بساعة، ويتطلّع لمغادرتهم مطرودين أمام الجمهوريين وزعيمهم ترمب، ذلك رغم يقينه بأن ما قدّمه له الديمقراطيون في هذه الحرب كان الأكثر سخاءً من كل ما قُدم لإسرائيل من قبل كل الإدارات السابقة.

غير أن نتنياهو ولأسباب شخصية صرفة يتوق لزعامة ترمب الذي منحه صفقة القرن بكل موبقاتها ومآسيها، من دون أن يدقّق ولو بكلمة واحدة، من نصوصها ومؤشراتها.

غير أنَّ هذه المعادلة لن توقف حالة التقدم الأميركي الشعبي نحو توازن لا بد منه، ولكنَّه سيكون حتماً في غير مصلحة إسرائيل واحتلالها واستيطانها.

الكونغرس والإدارات مقيدون بحسابات واعتبارات الأصوات والتمويل، أمَّا الشعب الأميركي الذي تظاهر وندَّد بالحرب، فيستحق الرهان عليه، وهكذا تكسبُ الشعوبُ معاركَها، ومنها الشعب الفلسطيني بالطبع.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخطاب الرابع «الإيباك» تدفع والكونغرس يصفق الخطاب الرابع «الإيباك» تدفع والكونغرس يصفق



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab