العاروري وتكنولوجيا القتل

العاروري... وتكنولوجيا القتل

العاروري... وتكنولوجيا القتل

 العرب اليوم -

العاروري وتكنولوجيا القتل

بقلم - نبيل عمرو

عندما اختار صالح العاروري أن يسير على الدرب الذي يتحول فيه الإنسان مشروع شهيد، كان قرّر مصيره.

اعتقالاً طويلاً داخل الوطن، أو استشهاداً في أي مكان تقوده حربه إليه.

هُدد بالقتل في تركيا مع أنه كان يتمتع بحماية معقولة إلا أنها لا تصل إلى حد ضمانة أكيدة بألا يقتل.

وكان على مهداف المسيّرات حين استقر في بيروت ليس لاجئاً سياسياً ولا هارباً من الموت، بل كقائد لجبهة آلمت إسرائيل كثيراً، فأصدرت حكماً بالإعدام عليه، لم يخلُ الأمر من محاولات حثيثة تم الإقدام عليها إلى أن ظفرت به، في المكان الذي سويت فيه بنايات بالأرض حين كان يشتبه بوجود ياسر عرفات فيها.

وفي المكان ذاته الذي قُتل فيه الثلاثة البررة كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار، حين سُيرت إليهم قوة ضخمة، ولولا حذر ياسر عرفات الذي لازمه طيلة حياته لكان رابعهم.

وفي بيروت عاصمة الاغتيالات في الشرق الأوسط، ظلت المتفجرات الإسرائيلية وكواتم الصوت وطائرات الاستكشاف والقصف تعمل بلا توقف، تلاحق قادة وكوادر ومن ضمنهم نجم النجوم الشهيد بن الشهيد علي حسن سلامة حتى قيل في تلك الحقبة، أنت فلسطيني إذن فإن اسمك مطبوع على رصاصة أو قنبلة أو قذيفة.

نحن في زمن ازدهار تكنولوجيا القتل، التي تفوقت فيها إسرائيل على كل قتلة العصر، واخترعت لكل آدمي وسيلة قتله.

للطفل حتى لو كان جنيناً في بطن أمه... موت.

وللأم حتى لو كانت مرضعاً... موت.

ولطالب المدرسة والجامعة وأساتذته... موت.

ولكل آدمي ذي مهنة أو حامل قلم أو حتى عابر سبيل... صُمم موت.

وفي زمن ازدهار تكنولوجيا القتل، ألغت المسيّرات وفوهات المسدسات الصريحة أو المكتومة الصوت المسافات، فحيث يوجد الفلسطيني تُسخّر كل الوسائل للوصول إليه، روما... باريس... نيقوسيا... مالطا... تونس.

تتحد استخبارات العالم جميعاً عليه، تتبادل المعلومات عنه، تحصي أنفاسه في فراش النوم، تصوره على باب المكتبة التي يرتادها ووسيلة النقل التي يستخدمها، ومن أجل القتل سُيّر جسر جوي من قاعدة عسكرية في ضواحي تل أبيب لتقطع ثلاثة آلاف ميل مع تزود جوي بالوقود لقتل عرفات في حمام الشط بتونس، إلا أن حذر الرجل أفشلها. ومثله سُيّر لقتل خليل الوزير في المكان عينه، إلا أن قدرية أبو جهاد مكّنتهم منه.

صالح العاروري كما هو ليس أول السلسلة، فهو ليس آخرها، كان الرجل يعرف مصيره، بل هو اختاره وقرره، هو يعرف أن خياره بمقاتلة إسرائيل لا أمان شخصياً فيه.

ولا نجاة منه في زمن ازدهار تكنولوجيا القتل، التي ليس له فيها ما لدى قتلته، هذه التكنولوجيا التي تقتل عن قرب وعن بعد تقتل بالبارود والبولونيوم السام، وبضغطة زر على نقطة في آخر الكون، تؤمر مسيّرة بإلقاء قنابلها بدقة إصابة لا تقل عن مائة في المائة.

لسوء الحظ أن إسرائيل إن لم تملكها فسيدة التكنولوجيا أميركا تزودها به، وليس للعاروري الذي هو أحد الأهداف الملحّة مثلها ليوجهها إلى خصومه في حرب... سمتها الأزلية أنها غير متكافئة.

تحققت نبوءة العاروري لنفسه، بأن يستشهد أخيراً وأن يكون موته كحياته زلزالاً هز الكون، وأنزل قادة وجيشاً إلى الملاجئ، وفرض استنفاراً من باب المندب إلى غزة، وأنتج سؤالاً محيراً لكل غرف العمليات العسكرية، كيف سيكون الرد ومتى وأين.

الإسرائيليون يتبادلون الأنخاب احتفالاً، ولكن للحظة وهم يعرفون أن الأمر ليس حكاية شخص لاحقوه طويلاً إلى أن ظفروا به... هي حكاية ظلم مستديم واقع على شعب ينشد الحياة ما استطاع إليها سبيلاً، وهذا لغز لا تحله المسيّرات ولا فوهات المدافع والرشاشات وكواتم الصوت...

إن الذي يحله أمر واحد لا بديل عنه... العدالة.

arabstoday

GMT 00:32 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

حاذروا الأمزجة في الحرّ

GMT 00:29 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

نعم لغزة وفلسطين ولا للميليشيات

GMT 00:27 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

الحج بين المثوبة والسلامة

GMT 00:23 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

بوتين وكيم جونغ أون... والنظام الليبرالي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العاروري وتكنولوجيا القتل العاروري وتكنولوجيا القتل



درّة تتألق بفستان من تصميمها يجمع بين الأناقة الكلاسيكية واللمسة العصرية

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - هنية يؤكد أن أي اتفاق لا يضمن وقف الحرب في غزة "مرفوض"

GMT 00:37 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

أحمد عز مع سيد رجب للمرة الثانية على المسرح
 العرب اليوم - أحمد عز مع سيد رجب للمرة الثانية على المسرح

GMT 10:13 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

لافروف يُحذر من استمرار حرب غزة وامتدادها إلى لبنان
 العرب اليوم - لافروف يُحذر من استمرار حرب غزة وامتدادها إلى لبنان

GMT 14:29 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

الإفراط في تناول الفلفل الحار قد يُسبب التسمم

GMT 00:29 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

نعم لغزة وفلسطين ولا للميليشيات

GMT 03:16 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

جولة في مطار بيروت لتفنيد تقرير تلغراف

GMT 06:07 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

الأهلي يعلن فوزه في مباراة القمة رسميًا

GMT 15:54 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

غوغل تجلب الذكاء الاصطناعي إلى طلاب المدارس

GMT 14:45 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

أسماك القرش تُودي بحياة ممثل أميركي في هاواي

GMT 07:46 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

إصابة خطيرة لفارغا لاعب منتخب المجر في يورو 2024
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab