روح جديدة تسري في الموصل

روح جديدة تسري في الموصل

روح جديدة تسري في الموصل

 العرب اليوم -

روح جديدة تسري في الموصل

بقلم - نورة بنت محمد الكعبي

في يوليو (تموز) 2017، وبعد سقوط دولة الإرهاب التي أسسها تنظيم «داعش» في مدينة الموصل العراقية، بدأت قصص الألم تخرج من تحت رماد الحرب والقتل لتظهر للعالم مدى بشاعة الكراهية التي مارسها التنظيم ضد البشر والحجر، ضد المسجد والكنيسة، المسلم والمسيحي، وضد الإنسانية والحياة.
ولأن روح الموصل أوجعها الإرهاب والظلام، لم يتأخر الأمل ليشع من أبوظبي ويشرق على المدينة عبر مبادرة «إحياء روح الموصل» التي أطلقتها اليونيسكو، فكانت الإمارات أول المبادرين وأسرعهم إلى المساهمة في إعادة إعمار الجامع النوري ومنارته الحدباء في عام 2018. ولأن المبادئ الإنسانية لا تتجزأ ولا تقبل التفرقة والعنصرية، وبعد زيارة البابا فرنسيس التاريخية إلى الإمارات في عام 2019 تم توسيع المشروع، ليشمل ترميم وإعادة إعمار كنيستي الطاهرة والساعة، في مبادرة أمل وتسامح هدفها إعادة المكانة التاريخية لمدينة الموصل وتراثها الإنساني الذي لم يفرق يوماً بين إنسان وإنسان، على أساس دين أو عرق أو لون.
واليوم تحتفي الموصل والعراق كله بزيارة البابا فرنسيس، لعلها تعطي دفعة جديدة للأخوة الإنسانية التي انطلقت كلماتها الأولى من أبوظبي، تعزيزاً للتلاحم الاجتماعي والوئام الإنساني، وترسيخاً لقيم الوسطية والاعتدال والتسامح وقبول الآخر، والعيش المشترك الذي هو السبيل الوحيد لتطور البشرية ونهضتها.
إن زيارة البابا للموصل التي تحمل شعار «أنتم جميعاً إخوة» تجسيد حي لوثيقة «الأخوة الإنسانية» التي وقعها البابا فرنسيس مع فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في أبوظبي عام 2019، تلك الوثيقة التي مثلت رسالة إلى العالم بأن الحوار بين أتباع الديانات ولغة التسامح والتنوع الثقافي والحضاري هو خيارنا، وخيار الإنسانية، وهو الرد الإنساني القوي على الأفكار الظلامية والإرهابية التي تدعو إلى التناحر والصراعات بين بني البشر.

في الموصل أخذت تسري روح جديدة، مغايرة تماماً لتلك الروح السوداء التي حاول تنظيم «داعش» زرعها في نفوس شباب المدينة وعقولهم، فاليوم نرى المسيحيين يساهمون في إعادة إعمار مسجد النوري ومنارته الحدباء، فيما يساهم المسلمون في ترميم وإعمار كنيستي الطاهرة والساعة، يكتشفون معاً (من دون تفرقة) إرثهم الموصلي العريق الذي تأسس على التماسك والتعاضد بين الثقافات والأديان والصداقة بين الأفراد من مختلف الطوائف الدينية، في صورة حضارية تمثل روح «الأخوة الإنسانية»، والهدف السامي الذي سعت إليه الوثيقة الموقعة في أبوظبي.
إن شراكة الإمارات مع اليونيسكو في هذا المشروع الحضاري المهم، جاءت بهدف إحياء ثلاثة مواقع في الموصل تشكل مجتمعة تراثاً إنسانياً وإرثاً حضارياً للبشرية وشاهداً على عظمة الإنسان ورقيه، وفي الوقت ذاته خلق فرص عمل لأبناء الموصل، والمساهمة في التنمية المستدامة عبر التأسيس لبيئة جاذبة للسياح من مختلف دول العالم لتكون رافداً اقتصادياً لأهل المدينة، وذلك بعد انتهاء عمليات إعادة الإعمار والترميم واستقرار الوضع السياسي في المنطقة.
لقد كان دعم مبادرة «إحياء روح الموصل» امتداداً لنهج الإمارات الحضاري وحفاظها على الإرث الإنساني، بعيداً عن أي اعتبارات دينية أو طائفية أو جغرافية، فقد ساهمت الإمارات منذ عشرات السنين في العديد من مشاريع ترميم التراث العالمي، منها ترميم قبة الصخرة في الحرم القدسي الشريف، ومسجد عمر بن الخطاب، وكنيسة المهد في بيت لحم، ومسرح الشيخ خليفة بن زايد - قصر فونتينبلو الإمبراطوري سابقاً في باريس، ومتحف الفن الإسلامي في مصر، وإحياء مكتبة الإسكندرية القديمة، وإعادة بناء سد مأرب في اليمن، ومكتبة ماكميلان التاريخية في نيروبي، و«نُزُل السلام» في مدينة المحرق البحرينية، وغيرها العديد من المشاريع والمبادرات الحضارية والثقافية.
نرحب بالبابا فرنسيس في منطقتنا العربية، وسنواصل تعزيز وترسيخ رسالة «الأخوة الإنسانية»، رسالة الوئام والمحبة التي نسعى إلى أن تسود العالم، ليكون الإنسان عوناً لأخيه الإنسان، ويكون البشر شركاء في الرفاه والتقدم، بدلاً من الصراعات والحروب والكراهية والتناحر.

* وزيرة الثقافة والشباب - دولة الإمارات العربية المتحدة

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روح جديدة تسري في الموصل روح جديدة تسري في الموصل



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab