الأزمات مفتوحة تحصين الهوية العربية

الأزمات مفتوحة... تحصين الهوية العربية!

الأزمات مفتوحة... تحصين الهوية العربية!

 العرب اليوم -

الأزمات مفتوحة تحصين الهوية العربية

بقلم - زهير الحارثي

إيران وتركيا دولتان جارتان للعرب، ولا نقلل من قيمة الحضارة والتاريخ، ونحترم الشعوب وعقائدها، لكن ما يحدث أحياناً أنه قد يتعرض هذا الشعب أو ذاك في بعض الأوقات إلى محن ومصائب بوصول زعامات وقيادات تتولى السلطة، وبالتالي تتحكم في مصائر تلك الشعوب التي لا حول لها ولا قوة. حزب العدالة والتنمية في تركيا ونظام الملالي في إيران نموذجان يجسدان تلك الحالة وبامتياز، ويلعبان اليوم بسياسة بلديهما ويقحمانهما في مشاكل ونزاعات، ويضمران الشر والبغض للأمة العربية، ولا يستطيعان الانفكاك من رواسب الزمن والتاريخ.
لسنا في حاجة لتبيان مدى النزعة القومية الفارسية واختراقها النسيج العربي، وقد سمعنا مراراً تصريحات لمسؤولي النظام الإيراني من أن طهران نجحت في تصدير ثورتها، وأنها تزيد نفوذها بسيطرتها على القرار السياسي في أربع دول عربية عن طريق ميليشيات طائفية تابعة لها.
دعونا نركز هنا على جزئية التدخل الخارجي في شؤون الدول العربية، فعندما تقترب ملفات المنطقة مثلاً لحلول بتوافق دولي وفجأة تتعقد الأمور، عليك أن تفتش عن إيران التي تضع العراقيل، وتفعل في الخفاء ما تنكره في العلن، ساعية لضمان وجودها ونفوذها في تلك الدول التي دمرتها. لن نذهب بعيداً، فالتعاطي مع المبادرة السعودية للأزمة اليمنية برعاية أممية، التي رحب بها المجتمع الدولي بشكل غير مسبوق تكشف لنا، وبوضوح، أن الحوثي لا يملك قراره، لأنه لا يوجد مسوّغ قانوني أو أخلاقي أو تبرير مقنع لرفض وقف الحرب وفتح المطار، ولكن صاحب القرار رفضها، كما جاء على لسان الحاكم العسكري الإيراني في صنعاء، لأن بقاء الوضع على ما هو عليه يصب وبامتياز في مصلحة نظام إيران، كونها ورقة لا يمكن التفريط فيها، وتُستغل في المفاوضات والمقايضات، من دون أي اكتراث لمصلحة اليمن وشعبه ما يؤكد أن إيران كانت وما زالت السبب الرئيس وراء إطالة الحرب، إن أردنا الحقيقة.
هذا يقودنا إلى تلك الإشكالية، وأعني بها إدارة الأزمات/ التحالفات، سواء داخل المحيط العربي، أو في النطاقين الإقليمي والدولي. عالمنا العربي مثلاً، وبمزيد من الشفافية، لم يعش ومنذ التحرر من الاستعمار حالة من الانكشاف كما يعيشها اليوم. العالم العربي بدوله الاثنتين والعشرين يواجه تحديات، تتباين من دولة لأخرى، منها ما هو داخلي وما هو خارجي.
دول تفتقد للسلم الأهلي، ودول مخترقة وتعاني الويل من التدخل الخارجي كما تفعل إيران وتركيا، ومما يثير الاشمئزاز بمساعدة قيادات وشخصيات محلية في دولها لتعبث بمقدرات الشعوب والأوطان. بعض الزعامات والقيادات وبأفعالها غير السوية قدمت قناعاتها المؤدلجة واهتماماتها الفئوية على حساب مصالح أوطانها لتجر بلادها إلى شبح الحرب الأهلية وعدم الاستقرار. المثير للدهشة أنه عندما تُطرح صراعات العرب ومشكلاتهم للنقاش والبحث والمعالجة تجد تدخلاً وتعليقاً وحضوراً من أطراف ومشاركين وفاعلين، ولكنهم للأسف من غير العرب في حين لا وجود لدور عربي فاعل.
جامعة الدول العربية تأتي في مقدمة هؤلاء من ناحية عدم قدرتها أو عجزها عن حل تلك الأزمات، رغم أن معظم الدول العربية تتفق على التحديات والمخاطر المشتركة، لكنها في المقابل لا تفعل شيئاً منتجاً تجاهها، بدليل أنه لا توجد استراتيجية عربية للتعاطي مع تلك التحديات والتهديدات بما يدفع باتجاه الوصول لحلول وتسويات.
غياب الاستراتيجية العربية ساهم في تعميق الشرخ ما وفر الفرص لتلك القوى دولية كانت أم إقليمية في المنطقة لصناعة عمق استراتيجي، وفق أجندتها، وعبر الضغط في مناطق عربية مجاورة لها، أو من خلال تعميق الخلافات والصراعات العربية - العربية.
يبدو للمرقب أن نظام الجامعة الحالي أثبت فشله، وليس من باب المبالغة القول إنه أخذ في التآكل والذوبان. النظام الإقليمي العربي الراهن عجز عن القيام بوظائفه الأساسية؛ كوظيفة الأمن الجماعي العربي، أو التكامل الاقتصادي، أو حتى التنسيق في السياسة الخارجية، ما فتح الباب لتلك القوى الإقليمية لتشرع بملء الفراغ.
لقد آن الأوان لاستشعار المجتمع الدولي خطورة ما تفعله إيران، وذلك باللجوء إلى تقليم أظافرها المنتشرة في عالمنا العربي، والتصدي بقوة أكبر للتهديد الذي تشكله، وبما يكفل الامتثال لقرارات الأمم المتحدة، فالمسألة ليست تنديداً واستنكاراً بقدر ما هي مرحلة وزن لخطورة أفعال طهران وجسامتها، وأن تكون الضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية أدوات حازمة لمحاسبتها هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى الاستشعار بضرورة بناء حصن للهوية العربية والقومية في اليمن والعراق ولبنان وسوريا لمواجهة النفوذ الإيراني، لأنه لا يوجد حقيقة ولاء في تلك الدول لفكر الإمامة الشيعي الثوري في إيران، وإنما لأسباب ومنافع مادية واقتصادية بحتة.
حماية الأمن القومي العربي تكون عبر مواجهة المشاريع التي تُحاك ما يخلق حالة من توازن القوى في المنطقة، ولذا من المهم وجود سياسة عربية فاعلة تستطيع أن تملأ الفراغ والتحرك جدياً لإصلاح البيت العربي عبر خريطة طريق تحقق تطلعات الشعوب

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزمات مفتوحة تحصين الهوية العربية الأزمات مفتوحة تحصين الهوية العربية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab