مع «بريندي» حول أسئلة الفوضى

مع «بريندي» حول أسئلة الفوضى

مع «بريندي» حول أسئلة الفوضى

 العرب اليوم -

مع «بريندي» حول أسئلة الفوضى

بقلم : فهد سليمان الشقيران

 

يبدو الإقليم في حالةٍ يصعب فهمها والتبويب عليها؛ وآية ذلك أن النخب الآن متضاربةٌ حول المجال الموجود، والحدث المشهود، وعلى المستويات الأمنية. مع أن المشهد يحمل بدهياتٍ كثيرة من المستغرب ألا يدركها بعض دهاة التحليل وعباقرة التنبؤات في شتى المنصات. ما هداني إلى هذا الموضوع للكتابة عنه قول مهم للرئيس الأميركي دونالد ترمب تحدّث به عن مستجدات الشرق الأوسط، وخلاصة فكرته أن المشهد الآن «فوضوي».

بالتأكيد أن هذه الأحداث المستجدّة تزيد من تكلفة التحديات على الحكومات، وزيادة على الأعباء السياسية ثمة تحديات أمنية واقتصادية واجتماعية. ثمة أكثر من دولةٍ مرشّحة، حسب التقديرات، لأن تواجه مخاطر الحرب الأهلية. نعم الدول الهشّة متنوّعة الأديان والطوائف، ومن الوارد أن تشهد مشاريع انتقام أو ثأر، وعليه يشعل هذا الشرر السريع وقود نارٍ ويكون لها ضرام.

مفهوم «الفوضى» تمّ تداوله كثيراً لدى المتخصصين والباحثين، وله تقييمه ووضعه ودرسه في مراكز الدراسات. وهنا أستشهد بالكاتب بورغ بريندي الذي نشر مقالةً في «نيويورك تايمز» عنونها بسؤال: «هل العالم اليوم أكثر فوضوية؟»، وترجمتْه «الشرق الأوسط»، وهو مقالٌ راهنٌ ومهم ينطبق على محيطنا الحالي المشوّش خصوصاً بعد كل ما حدث منذ «7 أكتوبر (تشرين الأول)».

في البداية يكتب بريندي: «المشهد العالمي اليوم أقل قابلية للتنبؤ وأكثر اضطراباً. ولكن لا يلزم أن يكون أقل تعاوناً، يبدو أن العالم ينزلق نحو قدر أعظم من الفوضى. وازداد عدد الصراعات وشدتها بشكل كبير في العام الماضي، مع نشوب حروب في الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا. وفي الوقت نفسه، بلغت حالة عدم اليقين بشأن السياسة الاقتصادية أعلى المستويات منذ تفشّي الوباء، في الوقت الذي تلوح فيه التوترات التجارية في الأفق. ويقترن بذلك التقدم السريع في التقنيات الرائدة -وأبرزها الذكاء الاصطناعي التوليدي- التي توفّر إمكانية تحقيق مكاسب اقتصادية، ولكنها تتحول بسرعة إلى خط المواجهة للمعلومات المضلّلة والمنافسة بين الدول».

إن الفوضى ليست اعتباطية، أو خبط عشواء، وإنما لها تأصيلها الآيديولوجي فيما ورثتْه الشعوب من زعاماتٍ خطابية شعاراتية صمّت آذان مجتمعاتها بالصراخ طوال نصف قرن، وهذا الإرث له تكلفته الفكرية الكبيرة من ناحية إيجاد سبيل لتغييره. إن الفوضى معدية مثل بعض الأمراض، وترسيخ المناعة المجتمعية لدولنا التنموية ضروري، وهذا دور الإعلام والمؤسسات الثقافية والتربوية والتعليمية.

وبالعودة إلى مقالة الكاتب بريندي فإن نتيجته النهائية فيما كتب مهمة، يقول: «رغم أن الدروس المستفادة من الفترات السابقة مفيدة، فمن الخطأ أن نحاول تكرار بنية الماضي. والواقع أن نظام ما بعد الحرب الباردة الذي ظل قائماً لفترة طويلة كان مستقراً وتعاونياً إلى حد كبير، ولكنه كان يقوده الغرب ولا يعكس احتياجات البلدان الأخرى، سيما بلدان العالم النامي. والواقع أن توسّع مجموعات مثل (البريكس) التي تشكّل التعاون بين بلدان الأسواق الناشئة، والدعوة إلى تغيير النظام الدولي؛ دليل على الرغبة في إعادة النظر في كيفية بناء التعاون. وحتى الأمم المتحدة نفسها دعت إلى إصلاح المؤسسات متعددة الأطراف لجعلها أكثر تمثيلاً واستجابة، وهي علامة قوية على ضرورة اتباع نُهُج جديدة».

الخلاصة؛ أن من يعيش الفوضى لا يدرك أنه في عمقها، بل تأخذه الحماسة والاغتباط، ويعتقد أنه مستقر، ولذلك فإن الخطورة الآن تكمن في كيفية ترتيب الخطاب الشعبي الجامح والمتحمس، وتبويب فكرة الدولة وتمتينها وزيادة مناعة المجتمعات في الدول التنموية بوجه خطابات وشعارات النصر والهزيمة، أو المقاومة والجهاد، لصالح خطابٍ مدني بحت يخضع للمعايير القانونية والأخلاقية.

arabstoday

GMT 09:58 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

قربى البوادي

GMT 09:55 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

الترمبية... المخاطر والفرص

GMT 09:48 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

عهد الفرصة السانحة يحتاج إلى حكومة صدمة!

GMT 09:45 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

السودان... حرب ضد المواطن

GMT 09:43 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

ثقة اللبنانيين ضمانة قيام الدولة المرتجاة!

GMT 09:41 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

البحث عن الهرم المفقود في سقارة

GMT 09:40 2025 الخميس ,06 شباط / فبراير

استراتيجية «ترمب ــ ماسك»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع «بريندي» حول أسئلة الفوضى مع «بريندي» حول أسئلة الفوضى



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - أحمد سعد يحتفل بنجاح ألبومه ويفاجئ علياء بسيوني

GMT 02:54 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

انتشال جثث 39 شهيدًا من غزة بعد أشهر من الحرب

GMT 03:50 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الاتحاد الأوروبي يحاول تجنب حرب تجارية مع أميركا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab