أثر الهجوم على سياسات الفلسفة

أثر الهجوم على سياسات الفلسفة

أثر الهجوم على سياسات الفلسفة

 العرب اليوم -

أثر الهجوم على سياسات الفلسفة

بقلم : فهد سليمان الشقيران

لطالما ظلّ فضاء الفلسفة مولّداً للكثير من الأسئلة الحيوية، وبخاصةٍ ونحن نعيش ضمن حومة من الأحداث المفصلية الكبرى، والتحديات الأخلاقية، والصراعات السياسية. والمعنى الرئيسي للفلسفة هو السؤال، ولا يمكن فصل أي فلسفةٍ عن سؤالها؛ إذ الفلسفة تعمل على أسئلة كاتبها، وعلى وعي متلقيها، هذا هو الترابط المؤسس لأي موضوع فلسفي مطروح.

قلتها مراراً إن الفلسفة كما يرى لويس ألتوسير في كتابه المهم «تأهيل الفلسفة للذين ليسوا بفلاسفة» أن: «أي فلسفة تريد أن تعرف نفسها حقّاً، بصدق، وتعرف المكان الذي تشغله في عالَم الفلسفة، وما يميّزها تخصيصاً عن سواها من الفلسفات، فعلى هذه الفلسفة أن تقوم بالالتفاف الكبير حول تاريخ الفلسفة، وأن تُقدِم على أفعال قريبة وبعيدة، وأكثرها بُعداً عنها؛ كي تتمكّن من الرجوع إلى المنزل محمّلة بالمقارنات، ومن اكتشاف ما يجعل معرفتَها بنفسها أفضل قليلاً. كلّ الفلسفات الكبرى تقوم بهذا الالتفاف الكبير: كانط راح يبحث لدى أفلاطون البعيد ولدى ديكارت القريب، عمّا يتعرّف به إلى نفسه. وماركس راح يبحث في نهاية العالَم لدى أرسطو ولدى الأقرب».

في مقالةٍ مهمةٍ نشرتها مجلة «حكمة» ومؤسسها الراحل الدكتور يوسف الصمعان، بعنوان: «ضرورة الهجوم على الفلسفة» كتبتْها إيرين غوميز أولانو، والحقّ أن فيها الكثير من التأملات المهمة؛ فهي ترى أننا: «إذا تأملنا بالفكر الفلسفي المعاصر فسنجد أن أكثر الذين انتقدوا الفلسفة كانوا ينتمون إلى حقول خارجة عن الفلسفة، ولكن أصبحوا فلاسفة بانتقادهم، فهذا أشهر فيلولوجي في القرن التاسع عشر، فريديريك نيتشه ينتقد بشدة الميتافيزيقا لا لشيء إلا لأن الفلسفة انجرفت كلياً إليها، فسعى إلى إذكاء جذوة الفكر ومعارضة تاريخ الفلسفة».

ماركس انتفض ضد النزوع التأملي للفلسفة (على طريقة نزعة هيغل)؛ إذ يقول إن «الفلسفة لم تفعل شيئاً أكثر من التأمل في العالم وإصدار تأويلات حوله، في حين أنه يجب تغيير العالم»، إضافة إلى أن ماركس قد عرى عن الطابع الآيديولوجي الذي تخفيه الفلسفة».

أما عن الفلسفات الشذرية التي نمت بها أفكار العديد من الفلاسفة، ومنهم نيتشه في بعض كتبه وليس كلها، فتقول عنها: «إذا تأملنا الفكر الفلسفي المعاصر فسنجد أن أكثر الذين انتقدوا الفلسفة كانوا ينتمون إلى حقول خارجة عن الفلسفة، ولكن أصبحوا فلاسفة بانتقادهم، فهذا أشهر فيلولوجي في القرن التاسع عشر، فريديريك نيتشه ينتقد بشدة الميتافيزيقا، لا لشيء إلا لأن الفلسفة انجرفت كلياً إليها، فسعى إلى إذكاء جذوة الفكر ومعارضة تاريخ الفلسفة. وهذا أيضا ماركس انتفض ضد النزوع التأملي للفلسفة؛ إذ يقول: إن «الفلسفة لم تفعل شيئاً أكثر من التأمل في العالم، وإصدار تأويلات حوله، في حين أنه يجب تغيير العالم».

الخلاصة أنَّ الفلسفة نجحت بمهمة «نزع السحر عن العالم»، كما يقول ماكس فيبر. لقد تمكَّنت الفلسفة من طرح الرؤى القديمة على أنَّها أفكار اعتيادية، وفي نظر «هابرماس» فإنَّ هيغل: «أول من طرح مسألة قطيعة الحداثة مع الإلهامات المعيارية للماضي التي هي غريبة عنها في صيغة مُشكل فلسفي». ثم إنَّ مفعول الفلسفة يتطوّر تبعاً لتطوّر منابع الإشكاليات الفلسفية، وذلك بتغيّر العصر، كما أنَّ «أثرها» لا يبدو واضحاً للعيان، وتحتاج إلى عبقرية تشبه عبقرية الفيلسوف الرياضي «فريجه»، الذي لم يحفل علماء عصره بما كتب، فكتب إلى ابنه يتوسل إليه ويطلبه أن يحتفظ بهذه الوريقات، فسيأتي يوم ما من يرى فيها ما يفيد، وهو ما حصل فعلاً مع قراءة بيرتراند راسل لها. إنَّ أثرها سيختلف عن المفاعيل الأخرى كالجهود السياسية، أو الأعمال العادية من ناحية سرعة التأثير، بل التدمير، بل وظيفة الفلسفة مبنيّة على سؤالها؛ إذ لكل فلسفة أسئلتها الخاصة، فالفلسفة فضاء ممتد خالٍ من المضامين، وبطرح السؤال تتكوّن الفلسفات وتتخلّق، وعليه فإنَّ التأهيل الحقيقي لأي مشروعٍ فلسفي كامن في التشجيع على السؤال، والاستفادة من حيوية العقل البشري الجبّار الذي يمكّن الإنسان دوماً من طرح الأسئلة الجديدة التي تشجع من فاعلية المجال الفلسفي، في سبيل تطوّر قوّة الإجابة أو محاولة الإجابة عن السؤال.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أثر الهجوم على سياسات الفلسفة أثر الهجوم على سياسات الفلسفة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 العرب اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab