جرعة مقوية غير محسوبة للتشدد العنيف بوجهيه

جرعة مقوية غير محسوبة للتشدد العنيف بوجهيه

جرعة مقوية غير محسوبة للتشدد العنيف بوجهيه

 العرب اليوم -

جرعة مقوية غير محسوبة للتشدد العنيف بوجهيه

بقلم - سام منسى

العنوان الأصح للحدث الأفغاني ليس هزيمة أميركا بقدر ما هو انتصار أعدائها. نشوتهم لن تحجبها كل التبريرات والأدبيات لتفسير أو تبرير ما حصل في هذه الأرض المتعبة، والذي يعزز مقولة إن النصر ضد الاستبداد والإرهاب ليس بالقضاء على دعاته ومقاوليه بقدر ما هو على سموم الأفكار والشطط العقائدي، وهذا ما لم تفقهه واشنطن وحلفاؤها الغربيون لأنهم لم ينصتوا لأصدقائهم من أبناء المنطقة.
رغم وجود أسباب وضرورات أميركية لقرار الانسحاب ومنطق متكامل له يعكس رغبة حثيثة بوقف التمدد الصيني، فالطريقة التي تم بها والنتائج التي ستترتب عليه تبقى كارثية ومهولة؛ لا سيما أنه لم يتزامن مع تشكيل حكومة انتقالية تحمي إنجازات أقله لصالح الأقليات والنساء. الثابت الأول هو أن مغادرة واشنطن أو بقاءها وفق ما عرفناه عن ممارستها خلال وجودها لن يغيرا من الواقع المرير ولو بعد مائة سنة. والثابت الثاني هو أن انتصار طالبان يمكن أن يقدم جرعة قوة للجماعات المتشددة على مستوى العالم.
الأقل تضرراً من هذه الخطوة، ولا نغالي، هي أميركا نفسها، إذ كل ما يكتب من تحليلات بشأن إمكانية عودة الإرهاب إلى داخلها يبقى غير مرجح لأسباب كثيرة؛ أبرزها المتغيرات التي أعقبت جريمة 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وطالت تطور تقنيات مكافحة الإرهاب والتشدد في الرقابة كما نقل ساحة الحرب إلى مناطق وجود الجماعات الإرهابية. إنما الضرر القليل لا يعني أبداً أن واشنطن لن تدفع كلفة استعجال خطط انسحابها من أفغانستان، أقله في سمعتها وهيبتها ومصداقيتها وبريقها كدولة عظمى. عشرون سنة من الجهد تآكلت في دقائق، وتم تسليم بلد بحجم أفغانستان لحركة طالبان.
ولا يمكننا هنا القفز فوق مشهد تحلق الآلاف من الأفغان حول الطائرات التي تحمل «المحتل» المغادر مستميتين للخروج معه، في تعبير عن واقع لا تدحضه مقولة إن هؤلاء عملاء للأميركيين، فالتهم الموجهة للأميركي بوصفه المستعمر البغيض وصاحب السطوة المستبد، سقطت أمام الهلع من الآتي بعد رحيله.
صحيح أن طالبان تعلن عن نيات حسنة بالعفو العام وعدم الانتقام وإشراك المرأة في الحكم، لكن هذا السيل من المواقف المطمئنة يفسره استمرار الوجود الأميركي كما الرغبة في امتصاص النقمة والرفض الداخليين ومحاولة استرضاء المجتمع الدولي. لكن مثلما لم تفِ طالبان بتعهد عدم دخول العاصمة قبل إجراء تفاهمات، فهل تفي بوعودها الأخرى تلك! وعلينا أيضاً أن نتذكر أن طالبان ليست قوة مركزية وموحدة، وإذا كان بعض قادتها يرغبون في عدم إثارة المشاكل مع الغرب، فالمتشددون منهم قد لا يوافقونهم الرأي. كابل سقطت في ساعات وأسقطت معها عصر الأميركيين والأوروبيين في أفغانستان والذي امتد على نحو 20 عاماً، كما أسقط تصرف هؤلاء حجة تدخلهم تحت شعارات حقوق الإنسان. كل هذا يستدعي التفكير في مستقبل هذه المنطقة، سواء كنا نتحدث عن آسيا الوسطى أو عن امتدادات الوجود الطالباني وتعدد داعميه في الشرق الأوسط.
اليوم أفغانستان بيد طالبان، فماذا ينتظرنا في اليوم التالي نحن أبناء الإقليم؟
لا شك أن حال العالم اليوم بات أكثر تعقيداً! فطالبان ليست بحزب، إنما هي حركة آيديولوجية توازي النظام الإيراني، وإضافة إلى مواجهته لمشكلة الملالي في إيران، قد يواجه العالم طبعة جديدة في أفغانستان سيكون لها كما الأولى امتداداتها وطموحاتها التوسعية وخصوصياتها...
وسنشهد أيضاً تغييراً في التحالفات الجيوسياسية كما حصل بعد حرب العراق. أول الغيث هو غزل الخارجية الروسية مع طالبان، والروس يتقنون السياسات التكتيكية القصيرة النظر بغية الإفادة من الظروف الراهنة وهمهم الرئيس هو دوماً كيفية إلحاق أكبر ضرر ممكن بواشنطن والغرب. وثاني الغيث هو الصين التي أعلنت أن طالبان لا تشكل خطراً عليها، وعينها على الثروة المنجمية الأفغانية الضخمة.
إلى هذا، ما حصل أثبت فشل أميركا في معرفة البيئة التي تتدخل فيها. لم يكن هناك يوماً حكومة مركزية في أفغانستان، واعتقاد الأميركيين أنهم قادرون على إقامة واحدة كان أخرق ولم يأخذ بعين الاعتبار الديناميكيات القبلية. وأثبت أيضاً خللاً في التنسيق بين أميركا وحلفائها الأوروبيين، وأظهر الجبهة الغربية مفككة ما ضاعف التشكيك في مصداقية سياستها الخارجية في الأزمات المستقبلية.
إقليمياً، يغلب الرأي القائل أنه يصعب الاعتماد على أميركا كونها تخذلنا دوماً، وقد يكون ذلك صحيحاً، إنما هل البديل هو روسيا أو الصين أم البحث عن مقاربة جديدة وجدية على مستوى التحالفات الإقليمية وإعادة النظر في العلاقات مع واشنطن على أسس جديدة تسوق مصالح العالم العربي دولياً والمصالح الأميركية في منطقتنا للأميركيين أنفسهم؟ هذه مهمة العقلاء العرب بعد ضياع سوريا وفلسطين ولبنان واليمن. هذه المقاربة تصبح أكثر إلحاحاً جراء سلوك إيران العدائي وكيفية العلاقة بينها وبين طالبان. فهل تُصبح إيران من أكبر حلفاء طالبان، إذ يبقى العداء للغرب وخصوصاً الولايات المتحدة أكبر من خلافاتهما المذهبية والجوهرية..؟
العلاقة بين طالبان وإيران موضوع مستقبلي مستجد وملتبس. فالإيرانيون أصحاب باع في المناورة والتقية، وطالبان أصحاب منفعة تشهد عليها مفاوضات الدوحة الأخيرة مع الأميركيين. فإيران قد تستخدم طالبان، والعكس ممكن، لهدف واحد وهو محاربة الغرب ومصالحه.
السهولة الأميركية في التعاطي مع طالبان، دلَّت على عدم فهم للمنطقة وللمفاوض الذي جلسوا معه لسنوات عدة. فقد تبين أن المشكلة هي فعلاً حضارية، وأن الأميركي لم يتعلم حتى الآن من أشخاص أساسيين في الإنتليجنسيا الأميركية تناولوا هذا الموضوع مئات المرات كبرنارد لويس وصمويل هانتنغتون. فهل المشكلة هي مزيج من قلة فهم وسذاجة، مضاف إليهما براغماتية أدت إلى نتائج السياسة الأميركية في المنطقة كما نعيشها؟

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جرعة مقوية غير محسوبة للتشدد العنيف بوجهيه جرعة مقوية غير محسوبة للتشدد العنيف بوجهيه



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab