بقلم - وليد خدوري
أدت العواصف الثلجية والصقيع في ولاية تكساس الأميركية مؤخراً، إلى بروز ردود فعل محلية أميركية، وعالمية. فقد قضى سكان الولاية أياماً عدة دون مصادر للطاقة؛ مما أدى إلى وفاة أكثر من 20 شخصاً نتيجة فقدان إمكانات التدفئة، أو حتى مياه الشرب. لقد أدى الصقيع إلى زيادة ضخمة وسريعة في الطلب على الكهرباء، أكثر مما هو متوفر للقطاع، ومن ثم الاضطرار إلى تقنين الكهرباء وتدويرها على المناطق لتقليص الاستهلاك.
تشير معلومات البنك الدولي إلى أن هناك انقطاعات كهرباء مستمرة ومتقطعة لنحو 800 مليون نسمة عالمياً، وأن عشر دول عربية (نفطية منها وغير نفطية) عانت من الانقطاعات الكهربائية مؤخراً.
أثار انقطاع الكهرباء بسبب الصقيع أسئلة عدة حول أداء ادارات الكهرباء والطاقة في الولاية ذات الـ29 مليون نسمة. والسؤال الرئيسي هو: كيف توقف الإنتاج البترولي والتكرير والكهرباء وطاقة الرياح في وقت واحد؟ بمعنى آخر، لماذا أخفقت إدارة الطاقة في تكساس في تأمين الإمدادات اللازمة عند الأزمات؟
تكمن إحدى مشكلات ولاية تكساس في أن قطاعها الكهربائي يدار كلياً من قبل القطاع الخاص، كما أنه غير متصل مع كهرباء الولايات المجاورة؛ مما يعني أن تكساس لا تستطيع الاستعانة عند الطوارئ بإمدادات الولايات الأخرى، أو أنها لا تخضع لمراقبة السلطات الفيدرالية التي تستطيع أن تراقب أو تساعد. والمسؤول عن إدارة قطاع الكهرباء في الولاية «هيئة الاعتماد الكهربائي لتكساس» (اركوت)، التي سيجري استجواب كبار المسؤولين فيها لمحاسبتهم عن الأزمة. إلا أن هناك تبايناً في الآراء حول مسؤولية الانقطاعات. فحاكم الولاية الجمهوري ألقى مسؤولية انقطاع الكهرباء على انقطاع طاقة الرياح لعدم تمكنها من سد الفجوة أثناء الصقيع والعواصف.
تزامن انقطاع كهرباء تكساس مع بداية حملة إدارة بايدن في الدعوة لتقليص الانبعاثات الكربونية والاعتماد الأوسع على الطاقات النظيفة. وستشكل تجربة تكساس موضوعاً بارزاً في النقاشات الأميركية المستقبلية لهذا الحوار.
من جانبه، أدى انقطاع الإنتاج البترولي وإغلاق الممرات البحرية لناقلات النفط إلى تقلص إمدادات النفط العالمية. الأمر الذي أدى بدوره إلى إعطاء زخم أكبر لارتفاع أسعار النفط من نحو 55 - 60 دولاراً إلى نحو 60 - 65 دولاراً. كما ستأخذ تجربة تكساس أبعاداً عالمية للنقاش حول زيادة الاعتماد على الطاقات النظيفة. فالسؤال: ما هي المسيرة الأنجع للتحول إلى طاقات أخرى؟ بالذات أن طاقة الرياح الواسعة في تكساس لم تف بالغرض.
ويتوقع أن تثير أوساط الحزب الجمهوري وجماعات الرئيس السابق ترمب معارضة شديدة للانتقال إلى الطاقات النظيفة؛ بحجة أنها مضرة بالاقتصاد الأميركي. وستستعمل المعارضة تجربة تكساس هذه كإنذار لما يمكن أن يحصل من انقطاعات، رغم أن الصقيع أوقف العمل بالإنتاج البترولي ومصافي التكرير ومحطات طاقات الرياح في أن واحد. من ثم: كيفية إدارة قطاع الطاقة برمته، وكيفية التأكد من سلامة عمله أثناء الأزمات؟
إلا أن السؤال الآخر الذي سيتم طرحه أيضاً هو: هل يمكن الاعتماد على شركات القطاع الخاص فقط، كما هو الأمر في تكساس، وعدم مشاركة القطاع العام في الإنتاج والرقابة؟ إذ إن غياب دور رقابي للسلطات الحكومية مهم، وكذلك التعاون مع شبكات المناطق المجاورة لسد النقص أثناء الذروة. وهناك ظاهرة أخرى لدور الشركات في أزمة تكساس، ففاتورة الكهرباء ترتفع مع ازدياد الطلب وانخفاض الإمدادات. ووصلت قيمة الفاتورة الشهرية آلاف الدولارات؛ مما آثار ضجة كبرى. والواضح في تجربة تكساس هو إخفاق تشبث سكان الولاية بثقافة وحدانيتهم وخصوصيتهم في العمل.
وستقود تجربة تكساس لكيفية الاستفادة من الطاقات النظيفة لتصدير الإمدادات إقليمياً أو عالمياً، وعدم الاكتفاء بها محلياً فقط، هذا إذا نجحت الطاقات النظيفة في أخذ الدور الواسع والعالمي للطاقات الهيدروكربونية.