مسؤولية استقرار الأسواق في عصر تحول الطاقة

مسؤولية استقرار الأسواق في عصر تحول الطاقة

مسؤولية استقرار الأسواق في عصر تحول الطاقة

 العرب اليوم -

مسؤولية استقرار الأسواق في عصر تحول الطاقة

بقلم - وليد خدوري

شهد الاقتصاد العالمي في القرن العشرين، ولأول مرة، ظاهرة عولمة الطاقة، نتيجة توسع استعمال النفط عالمياً وفي مختلف الصناعات. وبرزت أهمية توازن العرض والطلب العالمي للنفط مع الظاهرة الجديدة.

تبنت شركات النفط الكبرى في عقد العشرينات أول مسؤولية لإنتاج وتوزيع ما هو مطلوب من النفط عالمياً. وعقد رؤساء الشركات النفطية العملاقة اتفاقاً سرياً في عام 1928 عُرف باتفاق «اشكناري» حيث التقوا تحت غطاء رحلة صيد في قلعة «اشكناري» الأسكوتلندية، ووقعوا على اتفاق احتكاري حددوا فيه كميات الإنتاج والتسويق لكل منهم، وعدم منافستهم الواحد للآخر. وكان هذا الأمر متاحاً في حينه للتجمع الاحتكاري ذي اتفاقات الامتياز للإنتاج، وعلى مصافي التكرير والأنابيب والناقلات، والتسويق عالمياً. استمر هذا الاتفاق حتى بداية الحرب العالمية الثانية عندما قررت الحكومة الأميركية انسحاب الشركات الأميركية من التجمع الاحتكاري (الكارتل)، مما أدى إلى انتهائه.

تبنت «أوبك» في عام 1973 مسؤولية تحديد الإنتاج لأعضائها. لم تشكل «أوبك» احتكاراً، كما يدعي الإعلام الغربي. فقد كانت تملك حق تحديد الإنتاج فقط في حينه، في حين استمر لفترة طويلة تسعير النفط من قبل الشركات والبورصات النفطية، كما استمرت الشركات المالكة للمصافي والناقلات والتوزيع في الأسواق، بالإضافة إلى دورها في الأبحاث العلمية، مما ساعد على تطوير الصناعة، للاستكشاف والإنتاج في البحار العميقة، وحيازتها محافظ مالية ضخمة.

استلمت أقطار «أوبك» وشركاتها الوطنية تدريجياً مسؤوليات أوسع من خلال شركاتها النفطية الوطنية، بحيث أصبح إنتاجها يشكل نحو 30 في المائة من مجمل الإنتاج العالمي.

ومما أعطى المنظمة النفوذ الدولي الكبير هو ليس فقط إمدادها بنحو ثلث الإنتاج العالمي من النفط، بل الأهم، هو الطاقة الإنتاجية الكامنة التي استعملتها في توازن العرض والطلب العالمي للنفط أثناء الأزمات الاقتصادية والحوادث الطبيعية والصناعية. وقد وفرت هذه الإمكانية في استعمال الطاقة الإنتاجية «الإضافية» لتوازن الأسواق واستقرارها عند الأزمات القوة الكامنة لـ«أوبك». وهنا تلعب السعودية دوراً، ليس فقط باحتياطاتها الضخمة، لكن أيضاً والأهم، الطاقة الإنتاجية الإضافية المتوفرة لديها ومصداقية معلوماتها، في استقرار الأسواق. والمثال على ذلك هو زيادة الإنتاج السعودي أثناء الغزو العراقي للكويت في صيف عام 1990 حيث توقفت الصادرات العراقية والكويتية بسبب الحرب والحصار. انخفض الإنتاج النفطي العالمي إثر نشوب هذه الحرب نحو 4 ملايين برميل يومياً، استطاعت السعودية تعويضها دون إخلال كبير باستقرار الأسواق.

الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي، أكد خلال مشاركته أخيراً في مؤتمر في الظهران أن «المملكة تحترم قرارات منظمة (أوبك)، وعلى الدول المنتجة للنفط الالتزام بالإنتاج اليومي المحدد»، مضيفاً أن «مهمتنا في (أوبك) أن نكون منتبهين لأي تحركات في السوق... ونحن مستعدون للزيادة أو النقصان في أي وقت مهما كانت مقتضيات السوق». كما أكد وزير الطاقة السعودي أن «المملكة حريصة على أن تكون إمدادات الطاقة العالمية آمنة ومستقرة، فالمحافظة على استقرار الإمدادات ليست مسؤولية السعودية وحدها، بل هي مسؤولية منظمة (أوبك) وكل الدول الأخرى المنتجة للنفط».

استمرت هذه المرحلة الهجينة في لعب شركات النفط العالمية جنباً إلى جنب مع «أوبك»، دوراً مهماً في الصناعة العالمية، ساعدها في ذلك استمراريتها، رغم تحول معظم الاحتياطات النفطية إلى ملكية أقطار «أوبك»، واستمرار التعامل والتعاون مع أقطار المنظمة، رغم الاختلاف الكبير في الأسس التي كانت تربطهم سابقاً، ولحاجة الواحد للآخر في تطوير الصناعة النفطية.

أما الآن، ومع الولوج في القرن الحادي والعشرين، فقد دخلت صناعة الطاقة العالمية مرحلة جديدة. بدأت أولاً (السنوات 2014-2016) بالإنتاج الواسع للنفط الصخري الأميركي، مما أدى إلى هبوط الأسعار إلى معدلات متدنية. كما بدأ في عام 2016 تحالف استراتيجي ما بين قطبين نفطيين بارزين؛ روسيا والسعودية، أدى إلى تأسيس مجموعة «أوبك بلس» المتكونة من أكثر من 20 دولة في عام 2016، تشمل جميع أقطار «أوبك» وروسيا ودولاً منتجة أخرى.

يتضح الآن، وبالذات بعد مؤتمر «كوب-28»، أن النفط المنخفض الانبعاثات سيلعب دوراً في مجال الطاقة المتوفرة عالمياً، جنباً إلى جنب مع الطاقات المستدامة. هذا سيعني أن قواعد اللعبة في استقرار أسواق الطاقة مقبلة على تغييرات كبيرة. فأي تغيير مهم في سياسات التصدير لوقود معين من دول منتجة مهمة، سيواجه انتقادات مهمة، لما له من انعكاسات على مجمل صناعة الطاقة العالمية.

على سبيل المثال، برزت الأهمية الاستراتيجية للغاز المسال منذ نشوب الحرب الأوكرانية، فمن الممكن بيعه بعقود فورية، قصيرة أو طويلة المدى. كما يشحن على الناقلات، بدلاً من الأنابيب، إلى مختلف أسواق العالم. لكن أصبح واضحاً الآن وبعد عامين على الحرب الأوكرانية، الدور المهم والمتزايد للغاز المسال، بالذات لأهمية صناعة البترول الروسية التي تنتج الغاز المسال من القطب الشمالي، أو لأهمية الأسواق الأوروبية، في حال رفع المقاطعة ضد روسيا مستقبلاً.

والمثال على أهمية الغاز المسال، الانتقادات المؤخرة في الولايات المتحدة التي واجهت إدارة الرئيس بايدن التي قررت «التوقف مؤقتاً» عن منح الرخص لتشييد مشاريع جديدة لصناعة وتصدير الغاز المسال. وقد احتجت الشركات البترولية الكبرى على القرار؛ نظراً لحاجة أوروبا الماسة لهذه الإمدادات التي كان من المفروض الاستعجال بتزويدها لتعويض الغاز الروسي. فأي تأخير في تزويد الإمدادات سيؤدي إلى اضطراب أسواق الغاز الأوروبية، مما سيرفع أسعار الغاز العالمية.

في نفس الوقت، ستستمر المسؤولية على أقطار «أوبك» ومجموعة «أوبك بلس» في الاتفاق والالتزام بتحديد حصص الإنتاج لكل منها؛ نظراً لاستمرار أهمية النفط الدولية مستقبلاً، لكن ستبرز أهمية أخرى، وهي استقرار أسواق بدائل الطاقة جمعاء، التي يشكل النفط والغاز عنصرين مهمين فيها.

تظهر أرقام «أوبك» أن الطلب على النفط بلغ مستوى غير مسبوق في عام 2023؛ إذ تجاوز 102 مليون برميل يومياً، وتوقع الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية»، أمين الناصر، أن يرتفع الطلب في عام 2024 ليسجل الطلب نحو 104 ملايين برميل يومياً، و105 ملايين برميل يومياً في عام 2025.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسؤولية استقرار الأسواق في عصر تحول الطاقة مسؤولية استقرار الأسواق في عصر تحول الطاقة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab