لماذا يسهر الصغار صيفاً

لماذا يسهر الصغار صيفاً؟

لماذا يسهر الصغار صيفاً؟

 العرب اليوم -

لماذا يسهر الصغار صيفاً

بقلم - علي أبو الريش

بعد أن تغلق المدارس أبوابها، تفتح العقول نوافذها على عالم البلاي استيشن وترتفع حدة الشكوى والنجوى، وتصيح الأمهات من فوضى الليل وضجيج الغرف المغلقة وحراك الربيع الطفولي الذي يعج ويضج، ويجعل البيوت شوارع تزدحم فيها الأقدام الصغيرة ويتعالى العراك بين الديكة والدجاج، وكل يبكي على ممتلكات ضائعة في حومة الصراع بين الغالب والمغلوب.

لا أحد يستطيع أن يصدّ أو يحدّ من المطالب المفتوحة على الأفق، مثل طيور جامحة، مثل أمواجٍ هائجة، مثل عواصفَ عاتيةٍ، مثل أمطار غزيرة.

محاولات يائسة لخضوع الصغار لقوانين الطبيعة، والقبول بالأمر الواقع والهجوع إلى المخادع، بسكينة وهدوء، ولكن لا جدوى، لأن العيون المفتوحة على الشاشات الفضية، فرت منها طيور النوم، وغادرت إلى مكان مجهول، ولن يعثر لها على ظل.

فراغ وسيع يفتح أدراجه على مثيرات تلهب وجدان الصغار، وتسهب في إثارة نوازعهم، واستفزاز مشاعرهم، ولو تضامنت كل القوى العظمى لترويض مخالب التوتر في نفوس هؤلاء الصغار فلن تستطيع أن تهدئ من الروع، لأن الفراغ يدفع بالعقول إلى الغوص في غابة البحث عن ملاذ آمن يشبع الرغبات، ويقنع العقول، بقيمة الوقت، فكل المؤشرات تدل على أن النهار الطويل، والحار، يؤجج في نفوس الصغار رغبة في النوم، وقتل الوقت، لذلك لا بد من قضاء الليل في السهر، حتى تتم عملية نسيان ساعات النهار، ودفنها في نوم عميق.

ولو حاولت حصر عدد ساعات النهار لوجدتها كلها ضائعة في النوم، بينما تظل ساعات الليل ساهرة على متابعة شغب الصغار، وانغماسهم في لهو، وعبثية الألعاب الإلكترونية، والتي تجول بهم في عوالم تخيلية، افتراضية، وهمية، تعمل على إشعال الحرائق في البيوت، ونسف مواقيت الزمن، وقلب نواميس الطبيعة، وتحويل الأجساد النضرة إلى هياكل عظمية وأشباح تشبه البشر، ووجوه صفراء باهتة وعيون حمراء وجفون ذابلة، وعزلة تزيد من رخاوة المشاعر وخوائها من الدفء والحنان والإحساس الطفولي المرهف.

إنك عندما تنظر إلى وجه طفل في سن السادسة من العمر، لكأنك أمام كهل أتعبته السنون، وأرهقته أيام العمر الطويلة.

أطفال في عمر الزهور، يتكورون أمام أجهزة الكمبيوتر، يشبهون عجائز أحنت ظهورهن إبر خياطة البراقع، أو تنانير الخبز المسائي.


أطفال أمضت أرواحهم عادات، وتقاليد مرحلة ما بعد الفراغ، وأيام خوال تمتص رحيق طفولتهم، ليبقوا مثل أعواد جافة.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يسهر الصغار صيفاً لماذا يسهر الصغار صيفاً



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:53 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

محمد هنيدي يخوض تجربة فنية جديدة في السعودية
 العرب اليوم - محمد هنيدي يخوض تجربة فنية جديدة في السعودية

GMT 02:54 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

انتشال جثث 39 شهيدًا من غزة بعد أشهر من الحرب

GMT 03:50 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الاتحاد الأوروبي يحاول تجنب حرب تجارية مع أميركا

GMT 09:30 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

ماذا ينتظر العرب؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab