شعارات واستثمارات ارتباك مقاربة الحالة اليمنية

شعارات واستثمارات: ارتباك مقاربة الحالة اليمنية

شعارات واستثمارات: ارتباك مقاربة الحالة اليمنية

 العرب اليوم -

شعارات واستثمارات ارتباك مقاربة الحالة اليمنية

بقلم - يوسف الديني

كانت وكالات الأنباء الإيرانية مغتبطة وهي تسارع في نقل خبر زيارة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن لطهران بعد أيام من الإعلان الأميركي المرتبك الذي يقول الكثير عن ازدواجية المعايير بين الحرص على بدء إدارة بايدن عهدها بالقطيعة مع ترمب ولو عبر شعارات لا يمكن أن تجترح حلولاً في ملف معقد وشائك كالملف اليمني، كما أنها رغم التأكيد الواضح على دعم السعودية ورفض استهدافها شكلت فرصة استثمار لملالي طهران مجانية حين تم الاعتراف بوكالتهم لميليشيا الحوثي الإرهابية والتي مضى عليها اليوم قرابة سبع سنوات بعد أن قرر الحوثيون التحوّل من مكون سياسي منقلب على نظام صالح إلى دولة داخل دولة وإحدى أكثر أذرع طهران نشاطاً على طريقة «حزب الله» لتحويلها إلى خاصرة هشة وملتهبة في جنوب الجزيرة العربية العصّية على كل محاولات الاستثمار فيها منذ رحيل الاستعمار، وهذه حقائق على الأرض لا يمكن للشعارت تغييرها، كما لا يمكن تجاهل التاريخ الطويل للمملكة في دعم اليمن بما في ذلك كل المكونات السياسية، من احتضان الرموز الدينية للحوثيين في نجران حين كانوا أقلية مضطهدة إلى استقبال صالح وعلاجه بعد حادثة الانفجار التي دبّرها الحوثيون قبل اغتياله بأوامر إيرانية مباشرة، كما نقل ذلك مؤلف الوثيقة المهمة والخطيرة «قائد الظل» أول كتاب يتحدث عن سيرة سليماني وفيها فصول وإشارات مهمة عن استثمار طهران للحالة اليمنية رغم ما يصفه المؤلف باحتقار قادة «فيلق القدس» وسليماني للحوثيين وعدم الثقة بإمكانية من المعلومات المثيرة في الحوار والكتاب أن سليماني هو من أعطى الأمر مباشرة باغتيال الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح بحسب إفادة عنصرين من «فيلق القدس» معنيين بوضع السياسة الإيرانية تجاه اليمن.
ويضيف المؤلف أن ذلك تأكد بعد إفادة مصدر في قيادة الحوثيين بأن الاغتيال حصل نزولاً عند طلب سليماني وبموافقة الحوثيين وهو ما دفع المؤلف إلى التأكد من ذلك، خصوصاً مع الظروف التي وصفوها إلى الاعتقاد بأن هذه المعلومات موثوقة، وانسجم ذلك مع ما أعرفه عن سليماني وأسلوبه في اتخاذ القرارات.
اللافت في هذا الكتاب المعتمد على مقابلات وأبحاث ميدانية ورصد لوثائق وإفادات عناصر من «الحرس الثوري» هو الحديث عن نظرة ملالي طهران إلى «حزب الله» مقارنة بميليشيا الحوثيين، حيث يؤكد أنه رغم تزايد عدد الإيرانيين المرسَلين إلى اليمن، لا مجال للمقارنة بين انخراط طهران مع حركة الحوثيين ومستوى انخراطها مع «حزب الله» الذي أسسته وتولّت إدارته وما زال يعتمد اعتماداً كبيراً على قوات «الحرس الثوري»، فالدافع الإيراني في الاستثمار في اليمن يستند إلى مسارين أساسيين؛ الأول: مساعدة الحوثيين على تطوير قدراتهم العسكرية والاستثمار في تحويلهم إلى ذراع عسكرية لثورتها، والثاني هو بناء آيديولوجية انقلابية متطرفة ومتينة في الجزيرة العربية، لكن المفاجأة لا تنتهي مع وصفه إلى حالة التبخيس البراغماتي لدى ملالي طهران في نظرتهم لليمن والحوثيين، معبراً وفقاً لما أكدته عناصر تحدث معها في «فليق القدس» معنية بملف اليمن أن «الحرس الثوري» بقيادة سليماني اعتمد نهجاً متعالياً تجاه اليمنيين، حيث اعتبر هؤلاء القادة التطورات التي حصلت في اليمن مجرد انتفاضة قبلية وليست ثورة إسلامية قويمة، ومن هنا يعتقد المؤلف أن إيران لم تخصص موارد كافية لليمن لزيادة نفوذها فيه حتى الآن.
وفي مقابلة له مع مركز كارنيغي للأبحاث على هامش نشر الكتاب، تطرق إلى تأثير مسألة فوز بايدن في الولايات المتحدة وكيف أنه منح جرعة أمل لأجنحة الصقور والمواجهة في إيران. وهو ما يمكن قراءته في أن استمرار الارتباك في مقاربة الملف الإيراني بمخرجاتها الناعمة والشعاراتية التي ترضي تيار القطيعة مع ترمب من اليسار سوف يساهم في تحولات المشهد الإيراني العسكري وبروز شخصيات تمنح هذا الارتباك عمقاً أكبر عبر المزيد من المكتسبات على الأرض، وهو ما يمكن قراءته في عودة العنف في العراق واستمرار صواريخ ميليشيا الحوثي الموجّهة للمملكة مع حملة لإعادة تصنيفهم كمنظمة إرهابية، وهو الأمر الذي لا يخرج عن المسار الشعاراتي، خصوصاً مع قراءة التسبيب السياسي والقانوني له، فالمخاوف من انهيار الوضع الإنساني في اليمن مسبباته هو ترك اليد للحوثيين للعبث بالمساعدات الإنسانية وسرقتها وبيعها وأخذ الإتاوات من المنظمات الدولية لتمريرها، إضافة إلى حملات التجنيد للأطفال وتجريف الهويّة الثقافية لليمن وقمع المعارضين، لكن مع التلبّس بحالة الدولة كما هو حال «حزب الله» في كل ما يخص المجتمع الدولي والدول الغربية، فالحوثيون الذين يرفعون شعار «الموت لأميركا» هم من يحمي سفارتها في صنعاء، وتلك مفارقة قدرة الميليشيات الإرهابية التابعة لطهران على التلبس بحالة الدولة في خطابها للغرب، وخلع هذا القناع في التعامل مع معطيات الأرض، وهو أحد الفوارق الكبيرة بينها وبين التنظيمات الإرهابية ذات المنزع السني كـ«داعش» و«القاعدة» وحتى «طالبان» التي حين فشلت في المفاوضات مع الولايات المتحدة اتجهت لنقل خدماتها ووكالتها لملالي طهران على مرأى ومسمع من العالم أجمع.
أزمة اليمن الحقيقية لم تبدأ مع «عاصفة الحزم»، التي كان هدفها الأساسي إعادة الشرعية المختطفة لليمن وليس الحرب ضده، وإيقاع العمليات العسكرية للتحالف الذي تحاول الدول اليوم التنصّل منه هو استباقي ودفاعي. أزمة اليمن خارج أقواس الحرب والسلام تمثلت في ارتهانه لآماد طويلة للفوضى على مستوى اللاعبين والفاعلين على الأرض، مع شكلانية تداول السلطة وغياب مؤسسات الدولة المتداعية ما قبل اختطاف الشرعية من قبل ميليشيات الحوثي، وميليشيات أخرى مضمرة تعمل على إبقاء حالة غياب الدولة، وعلاجه لن يكون على طريقة الوجبات السريعة كما كان الحال مع «تنظيم القاعدة» بطائرات من دون طيار أو مع منح ميليشيا الحوثي الإرهابية الشرعية مجدداً فهذا من شأنه تعقيد الأوضاع ومفاقمة المأساة الإنسانية وعرقلة جهود التحالف بقيادة السعودية في عودة اليمن الواحد وإعادة الأمل إليه مجدداً.
اليوم أثبتت المقاربة الأميركية كما كانت تقارير بعض المنظمات الدولية إلى اليمن أنها لا تفهم حجم وتعقيد ما آلت إليه الأوضاع هناك، وأن مجرد إطلاق الشعارات والآمال بإنهاء الحرب وهو هدف رئيسي وأولوية سعودية منذ اللحظة الأولى هو من زاوية أخرى استثمار كبير لملالي طهران والميليشيات للاستثمار واكتساب أسهم ذات قيمة تفاوضية عالية في سوق السياسة السوداء.

 

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شعارات واستثمارات ارتباك مقاربة الحالة اليمنية شعارات واستثمارات ارتباك مقاربة الحالة اليمنية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab