عن تغيّر المزاج الأميركي حيال المنطقة

عن تغيّر المزاج الأميركي حيال المنطقة

عن تغيّر المزاج الأميركي حيال المنطقة

 العرب اليوم -

عن تغيّر المزاج الأميركي حيال المنطقة

بقلم - يوسف الديني

ربما كان تعبير «تغير المزاج» الأكثر ملاءمة لوصف حالة الرسائل المتناقضة من قبل الإدارة الأميركية الحالية حيال الملفات الكبرى في المنطقة، وكان آخرها الموقف من مسألة التسليح الدفاعي، والتعليق على أسعار النفط، والموقف من الميليشيات ومن ورائهم ملالي طهران، والمشروع المقوضّ، وصولاً إلى أي تحولات في العلاقة من نظام الأسد في سوريا والملف الأخير كشف عن ذلك المزاج، حيث بدت إدارة بايدن مرتبكة بين تخفيف حدتها تجاه أي علاقة أو انخراط محدود مع نظام الأسد، في مقابل إعادة تكرار التحذيرات والتلويح بضرورة مراعاة قانون قيصر الذي أقرته الولايات المتحدة والذي يقضي بمعاقبة النظام على جرائم الحرب من دون أي ذكر لروسيا، ما قرأه المراقبون في الولايات المتحدة على أنه عربون حسن نية مقدم على طبق من المزاج العائم إلى روسيا بوتين.
والسؤال اليوم عن المزاج مرتبط بحدود المرونة التي تبديها إدارة بايدن حيال ملفات المنطقة، كما هو الحال تجاه تخفيف أو رفع مستوى الضغط على نظام طهران لتعديل سلوكه، وهل يعبّر عن مواقف مبدئية ثابتة أو رؤية واضحة عما يجب فعله، أم هو في سياق حساب الأثمان السياسية والقدرة على التأثير والفعل في منطقة تزداد تعقيداتها باضطراد، بسبب ثنائية اضطراب المزاج السياسي الذي يعود في الأصل إلى تعارض المواقف المبنية على موقف سياسي مع المصالح الضاغطة في استخدام نزاعات الشرق الأوسط بأدوات سياسية في مرحلة ما، بعد الانسحاب العسكري الكبير من أفغانستان وتبعاته، أو ما يمكن وصفه قدرة أميركا على التأثير السياسي من دون وجودها العسكري على الأرض.
والحال أن الانسحاب الكبير أغرى وألهم المناطق الأقل وعورة على مستوى السياسة والتعقيد بالاستفادة من حالة تغيّر مزاج إدارة بايدن، وإمكانية إعادة النظر في وجودها العسكري، وهو ما يقلق قوات سوريا الديمقراطية «قسد» من جهة، ويحفز العديد من الدول على اتخاذ خطوات أكثر اقتراباً من نظام الأسد كل بحسب دوافعه، وربما كان الدافع الأكبر هو إعادة موضعة العلاقات السياسية والرؤية مع روسيا اللاعب الأكثر تأثيراً في الملف السوري والأكثر نشاطاً، في مقابل حالة السأم التي لا تخطؤها العين من قبل الولايات المتحدة، والذي بدأ في مرحلة تسبق إدارة بايدن وترمب، كما أنه يستبطن اللحاق بالنفوذ الصيني المتنامي في آسيا.
المزاج الأميركي اليوم يعيد التفكير في أدواره حول العالم... ذات مرة وصف ويلسون الحرب العالمية الأولى بأنها الحرب التي ستوقف كل الحروب بعدها، وربما كان الانسحاب الكبير من أفغانستان، هو الذي سيعبّد الطريق لكل الانسحابات الصغيرة من بعده طمعاً في أدوار جديدة نسغها الأساسي هو «سياسات الإرغام» والضغط الأقصى من دون الحاجة إلى تدخل عسكري، واللعب على تناقضات مصالح المنطقة، وهو ما سيعيد الجدل مرة أخرى عن مآلات المزاج الأميركي الجديد من دون الاكتراث بالشعارات وبشكل أخص من إدارة بايدن حول القيادة الأميركية للعالم، فالتحديات الداخلية للولايات المتحدة والأجواء السائدة حول الكفاءة الاقتصادية، وخصوصاً من الطبقة الوسطى التي يعلو صوتها اليوم تجاه نقد السلوك العام حول مسألة الطاقة والإمدادات والإنتاج المحلي.
المقلق في المزاج السياسي بالإدارة الأميركية هو تبدّل التصريحات حول مشروع ملالي طهران من الوعود التي أطلقت في بدايات تسلم إدارة البيت الأبيض، إلى التصريحات الناعمة بشأن الاتفاق النووي من دون صرامة في نقد سلوكها في دعم الإرهاب، وهي التي أثارت مخاوف مشروعة وجادة في المنطقة حتى من الدول التي اعتادت رعاية شبه مطلقة من صناع القرار في البيت الأبيض، بمن فيهم بايدن، وهنا أتحدث عن البحثية الإسرائيلية التي تطرح رؤاها وأوراقها وتحليلاتها حول مقاربة ملف إيران لدى بايدن والتساؤلات حول العودة إلى الاتفاق النووي، وإن كانت بشروط مختلفة تمليها تحرّكات إيران وتمددها وأذرعها التي باتت في كل مكان معيقة للأمن العالمي وإمدادات الطاقة والنفط، وصولاً إلى التبني الكامل لميليشيا الحوثي وإرسال الخبرات والتدريبات والأسلحة والطائرات المسيّرة لاستهداف أمن الخليج والسعودية.
وعود بايدن التي أطلقها في السباق الرئيسي لا يمكن عزلها عن سياق طويل من التحوّلات العميقة في المنطقة، هذه التحولات لم تترجم إلى تغييرات كبرى في المقاربة السياسية للإدارة الأميركية، لا سيما في ملفات جذرية غير قابلة للمساس كملف الإرهاب وسلوك طهران ورعاية الميليشيات، وتهديد أمن الممرات العالمية للاقتصاديات النفطية وإمدادات الطاقة، واللافت أن مقاربة الرئيس بايدن قبل الترشح كانت تشير إلى ذلك المزاج لكن بلغة دبلوماسية، مقاله الشهير في مجلة «فورين بوليسي» كان يحمل بدايات كاشفة ترسم ملامح سياساته التي وصفها بأنها تنتمي للمدرسة الذرائعية البراغماتية والواقعية، داعياً إلى أن على الولايات المتحدة أن تقود العالم مجدداً، ما يعني إعادة الأولوية للسياسة على حساب أولوية الاقتصاد، لكن هذا اليوم مدفوع في الداخل الأميركي بأسئلة كبرى حول ضغوطات الحياة اليومية ومتطلباتها.
وبعيداً عن المزاج، فالسؤال الأدق هو قدرة الدبلوماسية الأميركية وسياسات الإرغام على كبح جماح مشاريع العسكرة وصعود الميليشيات، والاستقواء بتناقضات المزاج في مقابل تضخم الدور الروسي والتمدد الصيني، وهو أحال جغرافية المنطقة على مستوى حدود الفعل للقوى الكبرى إلى نشوء فراغات ضخمة للتأثير السياسي، وهو ما سيعيد مسألة التحالفات الثنائية والتكتّلات الدفاعية المحددة، وهنا الفرصة مواتية لدول الاعتدال وفي مقدمتها السعودية إلى رفع مستوى أمن الخليج كأولوية قصوى، بعيداً عن اضطرابات المزاج السياسي للقوى الدولية.

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن تغيّر المزاج الأميركي حيال المنطقة عن تغيّر المزاج الأميركي حيال المنطقة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab