السعودية والعراق المساهمة في استعادة منطق الدولة

السعودية والعراق: المساهمة في استعادة منطق الدولة

السعودية والعراق: المساهمة في استعادة منطق الدولة

 العرب اليوم -

السعودية والعراق المساهمة في استعادة منطق الدولة

بقلم - يوسف الديني

استضافة العراق في معرض الكتاب الدولي بالرياض، الفعالية الأهم اليوم على مستوى الشرق الأوسط فيما يخص الثقافة والشرق العربي وما سبقها وسيليها من تعميق العلاقات المشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة العراق، تعني شيئاً واحداً، وهو أن بغداد تستعيد منطق الدولة على حساب أي منطق آخر من الميليشيا المتذررة إلى محاولات ابتلاع الحالة العراقية من قبل المكونات السياسية والميليشيوية المحسوبة على نظام طهران.
لماذا الثقافة إذن؟ لأنها في كل المحطات التاريخية التي تعيشها المنطقة أكثر المناطق تعالياً على الصراعات الضيقة والطائفية والحزبية، ولأنها الضمانة الوحيدة في عراق موحد، إضافة إلى علاقات جوار عربية وخليجية متميزة، وربما كانت رمزية اختيار وزير الثقافة العراقي بشكل مستقل وغير محسوب على أي من الأقواس المعتادة دليلاً على التعافي.
لكن الأهم هو أن حالة التعافي العراقية اليوم لم تكن وليدة تغير في المزاج أو الصدفة، فالتاريخ سيدون ما قامت به «حركة تشرين» الاحتجاجية في انبعاث صوت العراق من ركام المحسوبيات والطائفية، فالواقع هو إفراز الكثير من التضحيات الأكثر تأثيراً من الشعارات في إيقاظ منطق الدولة واستحضاره واستعادته، وتلقي الفاعلين السياسيين لهذا النداء الذي جاء من الشارع قوياً ومدوياً ضد أي تدخل في سيادة العراق أو استغلال لأوضاعه، وهو ما ساهم في إسراع الحكومة على التطوير والالتزام بتعديلات واسعة على النظام الانتخابي، وإن كانت بالنسبة للمحتجين دون المأمول، لكن هذا على مستوى التحولات الجذرية متفهم كما هو حال مقاطعة بعض الفاعلين في ملف التعافي ممن كانوا يأملون اقتطاع جزء أكبر من النجاحات لحكومة مستقرة وذات سيادة تتشكل ملامحها القادمة، وبفضل حرص دول الاعتدال، في مقدمتهم السعودية، على تغليب منطق الدولة وتقليم أظافر التدخلات السيادية، لا سيما شبكة الميليشيات لطهران في ظل انكفاء أميركي إلى حد ما، وهذا بمجموعه ساهم في إنعاش الحديث والنقاشات الموسعة حول دستور العراق، وضرورة أن يمحو كل الأقواس الضيقة الدينية والعرقية والجهوية، بل ويتجاوز مسألة الاعتماد الإدماني على النفط وتوسع مجال الاقتصاد، لا سيما بعد حالة التعافي النسبي أيضاً من التنظيمات المتطرفة، على رأسها «داعش»، لكن الأخطر مما يجب التصدي له معالجة مسألة الاغتيالات واستهداف الناشطين من قبل الضفة الأخرى من مسلسل الدم العراقي الذي يأمل العقلاء من أصدقاء العراق أن يتغير مع المساعي الحثيثة من الدولة لاستعادة منطقها والجو العام المؤكد على فضيلة الاستقرار، بل ومحاولة الاستفادة من التجارب الملهمة لدول الاعتدال، منها «رؤية 2030» السعودية التي بدأ تأثيرها يتجاوز الأرقام المحلية ليصل إلى حالة تأثير الهالة والعدوى الإيجابية.
المهم اليوم هو دعم الحكومة العراقية وليس التأثير على خياراتها التنظيمية، كما تسعى طهران، أو كانت تفعل بشكل مضاد الولايات المتحدة قبل مشروع الانسحاب. واليوم من يتابع الحالة العراقية، لا سيما على منصات التواصل الاجتماعي، تحديداً المناخ المضطرب لميليشيات الدم والموت والدمار والنزاعات على الشرعية بينها، وهو ما بدا واضحاً في الحرب الكلامية المستعرة بين «كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق» يدرك أن الوقت حان فعلاً لدعم استعادة دولة العراق لمنطق الدولة، وللتعامل الحازم مع محاولة تقويضه.
التدخل الإيراني في الشأن العراقي في السابق كان لحظة إيذان بتكريس المحاصصة السياسية الطائفية، والولاءات مع آيديولوجيا ولاية الفقيه التي تحاول إيران تدويلها، كبديل لتصدير الثورة المباشرة، في العراق ولبنان واليمن، وتحويل ساحات النفوذ إلى مصادر لإنتاج الفوضى السياسية، وتقويض استقرار الدول، وخرق التوافقية بين المكونات السياسية المختلفة. وبالطبع عادة ما يجد هذا التدخل قبولاً عند الشخصيات الانتهازية، كما هي الحال في بعض التيارات السياسية في لبنان، وبعض التيارات السياسية من أنصار الإسلام السياسي الشيعي في الخليج؛ لكنه ولاء مشروط بالبحث عن دور، وليس عن قناعة بجدوى السلوك الإيراني في المنطقة الذي هو سلوك تقويضي هدمي، لا يمكن أن يسهم في بناء دولة، غير أنه قادر على مفاعيل التدمير للدول المضطربة.
العراق بإرادة سياسية وتعاون مشترك يغلب منطق الدولة والعقلانية والسلام، قادر على التعافي من ارتباكه الذي طال أمده باتجاه عراق واحد عربي يمثله كله أبناؤه الذين دفعوا كثيراً من الأثمان، للتخلص من نظام البعث ومن الإرهاب و«داعش». في الوقت ذاته آن لهم اليوم التخلص من الإرث الطائفي والتدخلات السيادية، من المشروعات التقويضية وأحلاف الأزمات، ليصبح العراق للعراقيين قبل كل شيء.
كلنا يتذكر بداية القصة الجديدة لعراق منطق الدولة والدور السعودي الريادي للوقوف مع بلاد الرافدين وأرض السواد واستعادة بغداد لعافيتها وإرثها التاريخي، التي بدأت بزيارات وفود سعودية رفيعة المستوى تحمل مشروعات تنموية كبرى تهدف إلى عافية العراق، وهي الاستراتيجية الخليجية ذاتها التي تقودها السعودية لخلق مناخات استقرار في المنطقة تعتمد على دعم مشروع أساسي، وهو الاستقرار ومنطق الدولة، واستراتيجيات الرفاه الاقتصادي وجودة الحياة، بعيداً عن مشروعات الظل والحقائب السوداء لأحلاف الأزمات أو التعامل المتحيز النفعي من بعض الدول التي تحاول استخدام العراق لا خدمته!

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية والعراق المساهمة في استعادة منطق الدولة السعودية والعراق المساهمة في استعادة منطق الدولة



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab