دبلوماسية الطاقة الدفء ليس مقابلاً للمناخ

دبلوماسية الطاقة: الدفء ليس مقابلاً للمناخ

دبلوماسية الطاقة: الدفء ليس مقابلاً للمناخ

 العرب اليوم -

دبلوماسية الطاقة الدفء ليس مقابلاً للمناخ

بقلم - يوسف الديني

هناك صخب لا تخطئه عين المراقب للأطروحات المتصلة بالمستقبليات في الولايات المتحدة، لكن الحديث اليوم لا ينقطع عن أسعار النفط والغاز، وارتباطهما بالتكلفة السياسية الباهظة لاستراتيجيات الإدارة الأميركية وتأثيرات ذلك على الانتخابات المقبلة.
وإذا ما تجاوزنا مسألة موسمية الجدل حول أسعار الغاز والنفط في بدايات الشتاء، إلا أن وقعه كان أكثر صخباً في مراكز الأبحاث والتقارير المستقلة ما بعد مؤتمر التغيير المناخي في غلاسكو وما بعده، مما أفرز ما يمكن وصفه بالعقلانية والاتزان تدشين مسألة الدبلوماسية السياسية والاستقرار والسيادة في ملف النفط وما يتبعها من خدمات لوجيستية، وفي الصدارة رؤية منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك بلس)، التي عبر عنها الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي، الذي طالب بضرورة الاعتراف بتنوع الحلول المناخية، وأن أمن الطاقة هو الركيزة الأساسية لما وصفه بمعركة التصدي لتغيير المناخ، وهو ما أكده مرة أخرى بعبارته الصارمة في إعادة مركزية النفط في أي تموضع للطاقة (Energy positioning)، مؤكداً مغالطة نبذ أي مصدر من مصادرها، فالجهود العالمية يجب عليها ألا تقوض أمن الطاقة وتعالج إشكالية المناخ بتقوية اقتصادات الدول بما يحترم خصوصيتها وسيادتها من دون إخلال بالأولويات.
هذه التصريحات الشارحة لأزمة ثنائية الطاقة مقابل المناخ أسست لما يمكن تسميته الدبلوماسية السيادية للطاقة، وهو الملف الذي واجه الكثير من الضغط والبلبلة في الأطروحات الغربية، لا سيما في صحافة اليسار وبعض الأصوات الديمقراطية في مرحلة الإدارة الجديدة التي تصور المسألة وكأنها منافسة محتدمة حول النفط مقابل إهمال المناخ مع شعارات سياسية تشبه إلى حد ما شعارات ملف الحقوق والأقليات... إلخ، والقائمة المنسدلة من تداخل البراغماتية السياسية مع المصلحة الاقتصادية الخاصة على حساب السيادة ومصالح الدول، خصوصاً «أوبك بلس» الذي يسمى من باب التشغيب والمناكفة السياسية التي تصل للابتزاز بــ«الكارتل النفطي»... منظمة «أوبك» تصر بكل عقلانية ورعاية للمصلحة على أن تبقى الأسعار كما هي أملاً في ارتفاعها، في حين أن أطروحات شعارات المناخ، ومنها «الاستدامة» مثلاً، تستبطن المزيد من النفط بأرخص ثمن، لكن البحث عن دفء الشتاء سيطرح هذه الأصوات الحالمة المزيد من الواقعية السياسية والنفطية، وهو ما نشهده عن أصوات أميركية تطالب بضرورة تدعيم النقص بفتح احتياط النفط الاستراتيجي تحسباً لأي أزمة مقبلة، كما أن أصواتاً أكثر حنقاً على استبدال الدفء بالاستدامة، لا سيما مع دخول أزمة الغاز الطبيعي المسال وتعقيدات نقله والممررات الآمنة التي تهددها الميليشيات، ومشروع ملالي طهران الذي تنعشه بعض تلك الشعارات المتسارعة لاتفاق نووي هش لا يشترط تغيير السلوك.
صحيح أن الأصوات الجمهورية الغاضبة في الولايات المتحدة تلقي باللوم على الإجراءات المتشددة حول مسألة الطاقة على حساب الشعارات الوردية في مسألة المناخ، إلا أن العبء الإضافي على الملف هو ما تناغم بين مجموعة «أوبك بلس» وعزف منفرد للدول الواقعة تحت عبء نقص الطاقة من خلال اتفاقيات أحادية في محاولة للعب دور أكثر واقعية في تحديات الآماد القريبة.
انتصار «أوبك بلس» بقيادة السعودية هو أخلاقي واقتصادي في آن، وهي جديرة بالانتشاء، حسب تعبير «بلومبرغ»، بعد 18 شهراً من خفض الإنتاج في أحلك الظروف بسبب جائحة «كورونا»، ومن المرجح أن يرتفع الإنتاج إلى نقطة التعادل وذات المستوى ما قبل الأزمة، لكن في توقيت بالغ الأهمية والعالم يبحث عن دفء الطاقة بلا اكتراث بحرارة الشعارات والتصريحات.
الفخر كبير اليوم ليس فقط بمسار الأسعار بقدر الإدارة الخلاقة لأزمة «كورونا» على كل المستويات، ومنها النجاحات الكبرى على مستوى ملف الطاقة، حيث أوفت السعودية بوعودها وكانت عقلانية جداً في الزيادة التدريجية للحصص حتى في خضم حرب التصريحات الشرسة من قبل المستهلكين.
ستظل لعبة الأسعار والطلب خاضعة لتقلبات كثيرة ورهينة بعدد كبير من العوامل المؤثرة، إلا أن الثابت اليوم هو الرؤية الواضحة والدبلوماسية العقلانية في إدارة ملف الطاقة بمهارة عالية ووضوح مطمئن، وهو ما انعكس على ثقة مجموعة «أوبك بلس» بسياساتها حول راهنية سوق الطاقة اليوم التي تمضي بخطى ثابتة للحفاظ على الانتعاش ما بعد حقبة «كورونا».

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دبلوماسية الطاقة الدفء ليس مقابلاً للمناخ دبلوماسية الطاقة الدفء ليس مقابلاً للمناخ



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab