بقلم - حسن المستكاوي
** كانت كأس العالم للأندية التى استضافتها مدينة جدة السعودية فرصة لنعيش أجواء مختلفة، فيها كسر الملل، والفوز بمشاهد البهجة والإثارة. بعيدا عن المباريات المحلية الرتيبة وحتى تلك المباريات الأوروبية الدرامية المتكررة. ففى كأس العالم للأندية منافسات بين فرق متنوعة ومختلفة تعبر عن كرة القدم فى القارات الست. كما قال هارى لوى قائد مجموعة الدراسات الفنية فى كأس العالم للأندية قبل أيام: « إن أهم ما يميز كأس العالم للأندية هو توقيته، حيث تجرى البطولة بينما لا تزال بعض الأندية المشاركة فى منتصف مواسمها المحلية. وما يميز البطولة أيضا أن الفرق التى اعتادت على مواجهة خصوم مألوفين أسبوعا تلو الآخر تجد نفسها فجأة فى مواجهة أندية نادرا ما تواجهها. هذه الديناميكية تضيف طبقة إضافية من الإثارة إلى البطولة».
** كانت مباريات الأهلى التى خاضها قد جذبت الملايين عبر الشاشات لما فى المنافسة من طابع مختلف عن المباريات المحلية، بداية من مواجهة فريق الاتحاد ثم فلومينينسى البرازيلى ثم أوراوا اليابانى. وفى النهاية خرج الأهلى بإنجاز المركز الثالث للمرة الرابعة، والأهم أنه خرج بمستويات أداء أعلى بكثير جدا مما يقدمه على المستوى المحلى، من جهة الجهد الدنى والإيقاع والسرعة والضغط واللعب كتلة واحدة دفاعا وهجوما، وكان الفريق قريبا من التأهل للمباراة النهائية على حساب فلومينينسى فى الشوط الأول تحديدا بحساب الفرص التى لاحت للاعبيه كهربا وبيرىسى تاو والشحات. وبحساب تجاوز الحكم عن عنف الفريق البرازيلى وكان كافيا بمنح الأهلى ضربة جزاء على الأقل. لكن الحصيلة فى النهاية تجربة عالمية أخرى أضافت انتصارا وتميزا للكرة المصرية والإفريقية.
** أما فوز مانشستر سيتى باللقب، فقد كان معروفا مقدما، وليس متوقعا فحسب. وحين سئلت قبل المباراة مباشرة فى الإذاعة من معلقنا الزميل أمير محروس عن توقعاتى للمباراة قلت: مبروك للسيتى وهارد لك للفريق البرازيلى. لأن هناك فارقا شاسعا بين الفريقين من جميع الجوانب. ويبدأ الأمر بفارق متوسط السن. السيتى متوسط أعمار لاعبيه 27.3 سنة وفلومينينسى متوسط أعمار لاعبيه 32.3 سنة. ثم تأتى كل الفروق المهمة الأخرى. فلسفة اللعب، والسرعة، والتكتيك، وابتكار المدرب، والضغط، واللياقة، والمهارات الفنية، والقدرات البدنية.. فماذا بقى لفريق توج بكأس أندية أمريكا الجنوبية؟!
** بقى له ما بقى من ظلال الكرة اللاتينية التى تعانى فقر المهارات الجديدة للعبة الآن. وفقر التدريب. وفقر الأندية، وفقر المسابقات، وفقر التسويق، وفقر الملاعب، وفقر التكنولجيا. وهو ما ترجمته أوروبا فى تفوقها على مستوى المنتخبات منذ كأس العالم 2006 حتى 2018. إلى أن استردت الأرجنتين اللقب بفضل عبقرية ميسى. وبقى ايضا لفريق فلومينينسى خدعة ما سمى بثورة كرة القدم فى البرازيل، باعتبار أن أسلوب فرناندو دينيز الجديد يعد ثورة جديدة فى اللعبة، بما يمنحه من حرية مطلقة للاعبيه، وهو ما سميته الفوضى الشاملة.
** ما قدمه فرناندو دينيز وهو مدرب منتخب البرازيل المؤقت أيضا، يعد ثورة فعلا لكنها ثورة نجحت فى مناخ فقير، وفى مسابقة دون كل المسابقات التى خاضها ومنها دورى البرازيل حيث حصل على المركز السابع، وسجل أهدافا ومنى مرماه بأهداف كثيرة، وفى الحالة الإيجابية المتعلقة بإحراز الأهداف كان متوسط التهديف ضئيلا يتجاوز نسبة 1.1 هدف فى المباراة.
** تقدير أسلوب فرناندو دينيز كان مصدره مستوى مباريات كأس الليبراتادروس، وهو أقل من دورى أبطال أوروبا، واقل من منافسات الدورى فى إنجلترا وألمانيا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا، وأقل من تطور الكرة الأوروبية عموما فى شتى الإتجاهات.. وكانت ثورة محل شك، جرى اعتبارها صحية جديدة دون عمق وتدقيق ودون النظر فى دائرة الكرة الأعلى والأوسع!