بقلم _ طارق الشناوي
اكتب على (غوغل) فساتين، ستجد عشرات من المواقع، تجمع بين كلمتي فساتين والجونة، كأنهما وجهان لعملة واحدة.
قبل قرابة 30 عاماً تابعنا هذا الحوار في فيلم المخرج شريف عرفة (المنسي)، محمد هنيدي يسأل عادل إمام: (الفيلم ده قصة ولا مناظر)، التقط الكاتب وحيد حامد الجملة من جمهور مهرجان القاهرة السينمائي، حيث تتسامح الرقابة عادة مع عدد من تلك المشاهد الجريئة وتمنحها موافقة على العرض، وهو ما يعني في الدلالة الشعبية (مناظر)، بينما المقصود بالفيلم (القصة)، الذي يحتوي على حبكة درامية متقنة ولغة سينمائية متميزة، والجمهور في العادة سيتجنبه، ولن يدفع من أجله ثمن التذكرة.
جاءت الألفية الثالثة بانفتاح فضائي يسمح لكل الأفلام، بالوجود المجاني، ولم تعد هناك ضرورة لانتظارها في المهرجانات، ومع انتشار التعاطي مع (السوشيال ميديا) ازداد الشغف بمتابعة الذي يحدث على السجادة الحمراء (الريد كاربت)، وفي تلك الدورة بمهرجان (الجونة) الذي انتهت فعالياته قبل يومين، صارت الأحاديث في أغلبها تتناول فقط فساتين النجوم.
الجمهور لديه اعتقاد أن كل إنجازات المهرجان لم تتجاوز عروض (ديفيليه)، ولا وجود لأي جهد مضنٍ قام به عدد كبير من السينمائيين المحترفين لاختيار أفضل الأفلام، ومناقشة العديد من القضايا المتعلقة بصناعة (الفن السابع) عربياً وعالمياً.
في كل دول العالم نرى ما هو مماثل مع اختلاف قطعاً الجرعة، البعض قد يستخدم الفستان والحلي لأسباب تجارية، كثيراً ما تتعاقد شركات الموضة مع بعض النجمات أو النجوم للترويج لمنتجاتها، كما أن السياسة من الممكن أن نجدها واضحة في الإعلان عن نفسها، مثلما ارتدت في افتتاح مهرجان (كان) قبل بضع سنوات وزيرة الثقافة الإسرائيلية فستاناً مطبوعاً عليه
القدس، لديكم مثلاً تحية كاريوكا قبل 65 عاماً ارتدت الملاية اللف الشعبية الخاصة بـ(شفاعات) في فيلم (شباب امرأة)، عندما كان مشاركاً في التسابق بمهرجان (كان)، وكانت وقتها حديث الوكالات الإخبارية. سرقة الكاميرا ولفت الانتباه، قد يدفعان بعض النجمات للسير مثلاً وهن حافيات على (الريد كاربت)، للاعتراض على قرار إدارة أحد المهرجانات بإلزام النساء بارتداء أحذية ذات الكعب العالي. مهرجان (القاهرة) الأعرق تاريخياً انطلقت أولى دوراته عام 1976، بينما (الجونة) 2017، (القاهرة) يتعرض أحياناً لتلك الانتقادات، لأن لديه حفلات قليلة (ريد كاربت) يحرص عدد أقل من النجوم والنجمات على حضوره، قبل عامين انتقدت (السوشيال ميديا) إحدى الفنانات لأنها نسيت ارتداء (بطانة) الفستان، بينما في (الجونة) يبدو كأن أغلب النجمات قد تفرغن طوال أيام المهرجان للوجود على (السجادة).
النجم الذي يعرف كيف يدير موهبته، يقنن حضوره ووجوده إلى حد الندرة، ليصبح عزيز المنال، مثلما يفعل مثلاً عمرو دياب، بينما كثرة الحضور على السجادة تخصم كثيراً من وهج النجومية. (الميديا) وجدتها فرصة لتشغل الناس بأحلى وأغرب وأسوأ إطلالة، والصحافة أيضاً كثيراً ما تنقل تلك الأحداث للناس، وهكذا تصبح الصورة الذهنية السائدة عن المهرجان أنه (فساتين)، رغم أن (الجونة) عرض أفضل الأفلام المتاحة عالمياً، ونجح عن طريق زيادة الإجراءات الاحترازية في مواجهة جائحة (كورونا)، إلا أنه أخفق في التصدي لجائحة الفساتين!!