الحياة تبدأ بعد التسعين

الحياة تبدأ بعد التسعين

الحياة تبدأ بعد التسعين

 العرب اليوم -

الحياة تبدأ بعد التسعين

بقلم - طارق الشناوي

كثيراً ما نردد أمثالاً تملؤها الحسرة مثل «بعد ما شاب ودوه الكُتاب»، والتي تعني فوات الأوان، والحصول على المراد بعد فقدان الاحتياج إليه، مثل جائزة «نوبل» التي برر جورج برنارد شو أسباب رفضها، وكأنه مثل من يصارع الموت في البحر ثم ألقوا له بطوق نجاة بعد وصوله لشاطئ الأمان، وعلق ساخراً: قد أغفر لألفريد نوبل اختراعه للديناميت، ولكني لن أغفر له أبداً إنشاءه لجائزة نوبل. رفضها فعلاً عام 1925. ووافق عليها في العام التالي، معتذراً فقط عن عدم قبول عائدها المادي.

هل الأحلام مثل الثمار تنضج على الأشجار وإذا فات وقت قطفها، تسقط على الأرض، وتسحقها الأقدام، أم أن هناك أحلاماً تنمو وتتغير لتواكب الزمن؟ قرأت على صفحات «الشرق الأوسط» عن عجوز إيطالي يفصله عن حاجز المائة أربعة أعوام، حقق حلمه القديم قبل أيام، وحصل على شهادة جامعية من قسم الفلسفة، ويعيش الآن أحلى سنوات عمره. مؤكد كان يقرأ طوال سنوات الدراسة هذا السؤال الذي يُطل في العيون وقبل حتى أن تنطق به الشفاه... هل الأمر يستحق كل تلك المعاناة قراءة وكتابة ومذاكرة وحفظاً وتوتراً وامتحانات؟

عندما نشاهد فناناً تجاوز مرحلة الشباب ويؤدي دور طالب نعتبرها مجالاً خصباً للضحك، فعلها عادل إمام أكثر من مرة، الأولى في بداية مشواره وكان قد تجاوز الثلاثين، ولعب دور طالب ثانوي في مسرحية «مدرسة المشاغبين»، وكررها لاحقاً بعد أن اقترب من السبعين وأدى دور طالب جامعي في فيلم «مرجان أحمد مرجان»، طوال زمن المشاهدة ونحن نضحك، بينما على أرض الواقع ومع الإيطالي جوزي باترنو، كان الأمر يتطلب لإنجازه منتهى الجدية.

عندما نقترب من حافة النهاية ونشعر بضآلة ما تبقى لنا من الأيام، تزداد رغبتنا في الحصول على كل ما فاتنا تحقيقه، اكتشفوا أن بعض المرضى، عندما يصارحهم الطبيب بأن الرصيد أمامهم تضاءل، يقررون تحقيق كل ما تكاسلوا عنه في شبابهم، حتى لو كانت لياقتهم الصحية لا تسمح، مثل القفز بالمظلة من الطائرة.

الفنان الكبير إسماعيل ياسين، ظل في سنواته الأخيرة مبتعداً عن الشاشة السينمائية، وتقدم بعشرات الشكاوى للمسؤولين، ثم تحقق حلمه، وأسندوا له دوراً في فيلم «الرغبة والضياع»، إلا أنه وجد دوره يتقلص ومشاهده تتضاءل، حتى اسمه الذي كان في الماضي يسبق الجميع، اكتشف أنه سيكتب ببنط صغير على «الأفيش»، ولم يكمل «الدوبلاج» الصوتي للفيلم، ورحل وهو حزين ومكتئب لأنهم اغتالوا حلمه، على الجانب الآخر مثلاً نجيب الريحاني التقى في «الأسانسير» مع جارته في العمارة ليلى مراد، وقال لها: ألم يحن الوقت لنلتقي على الشاشة قبل أن أموت؟، وأخبرت أنور وجدي برغبة الريحاني فكتب قصة «غزل البنات»، وقبل أن يُكمل تصوير المشهد الأخير، رحل نجيب الريحاني، وأعاد أنور وجدي «المونتاج»، وأصبح الفيلم واحداً من أفضل عشرة أفلام قدمتها السينما المصرية طوال تاريخها.

هناك أحلام تخترق حاجز الزمن وأخرى يقتلها الزمن، توقيت تحقيق الحلم ليس بالضرورة هو الفيصل، والدليل جوزي باترنو، لم يسأل ما الذي ستمنحه لي الشهادة الجامعية، فقط نالها، وسيعيش ما تبقى له من سنوات أو حتى ساعات، أحلى لحظات العمر.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحياة تبدأ بعد التسعين الحياة تبدأ بعد التسعين



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:23 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

السودان... تعثّر مخطط الحكومة «الموازية»

GMT 02:34 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

شهيد في قصف للاحتلال شرق رفح

GMT 16:22 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 160 ألف شهيد ومصاب

GMT 10:14 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

الكشف عن البرومو الأول لبرنامج رامز جلال

GMT 02:32 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

انفجارات تهز مدينة أوديسا جنوبي أوكرانيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab