التهديد بقطع الأرزاق

التهديد بقطع الأرزاق

التهديد بقطع الأرزاق

 العرب اليوم -

التهديد بقطع الأرزاق

بقلم : طارق الشناوي

 

دخل الفنان أشرف زكي نقيب الممثلين مسرعاً كعادته على الخط، وبدلاً من أن يطفئ الحريق المشتعل، مناصراً حرية التعبير، وجدناه يشتط، من خلال بيان متعجل أصدرته النقابة محذراً كل من تسول له نفسه (الأمارة بالسوء)، من إهانة الرموز وثوابت الأمة بالشطب النهائي من جداول النقابة.

هل صار الإدلاء برأي سلبي عن فنان سواء على قيد الحياة أو غادرنا، جريمة تستحق أشد أنواع العقاب، وهو قطع الأرزاق؟

الحياة الفنية طوال التاريخ قائمة على التباين في وجهات النظر، مثلاً في مطلع الخمسينيات طالب بعض أعضاء نقابة المهن الموسيقية بشطب اسم الموسيقار محمد عبد الوهاب من النقابة، بحجة أنه أفسد الذوق العام، كما أن عبد الوهاب هو أكثر ملحن في التاريخ تعرض لاتهامات من زملائه بالسرقة، لدرجة أن الموسيقار د. جمال سلامة قال بالحرف الواحد (وعبد الوهاب على قيد الحياة): «المطرب الشعبي الريس متقال أكثر ثقافة موسيقية من عبد الوهاب»، ولم يحدث حتى أن نقابة الموسيقيين وقتها وجهت إنذاراً لجمال سلامة أو طلبت منه مراجعة رأيه أو الاعتذار عنه.

الموسيقار محمود الشريف قال في أعقاب نكسة 67 وأم كلثوم على قيد الحياة: «إن أغنياتها واحدة من أهم أسباب الهزيمة». كمال الشناوي سخر من أنور وجدي قائلاً: «إزاي واحد عنده كرش وألدغ ويطلق على نفسه فتى أول». العقاد أطلق في لحظة غضب على طه حسين «عميد الأدب العربي» وصفه بأنه «عميد العمى العربي».

محمد الموجي كثيراً ما هاجم ألحان بليغ حمدي، ومحمد رشدي اتهم عبد الحليم في حياته بأنه يستغل نفوذه في تحقيق المكانة التي وصل إليها، وهو أيضاً ما كرره محرم فؤاد.

المخرج حسن الإمام كان دائم السخرية من أفلام يوسف شاهين قائلاً: «دي عايزه فهامة»، أحمد شوقي أمير الشعراء لا يزال بعض الشعراء يعتبرونه «ناظماً محترفاً وليس شاعراً كبيراً»، نجيب محفوظ قبل وبعد «نوبل» تعرض للكثير من الانتقادات، ولا نزال نتذكر هجوم د. يوسف إدريس الذي قال إن «نوبل» أخطأته وجاءت لنجيب محفوظ بسبب مواقفه السياسية، عمر الشريف في مهرجان الإسكندرية قبل نحو 15 عاماً قال: «من المؤسف أن يضحك الجمهور على إسماعيل ياسين».

لا يمكن أن نتحول إلى أمة تكرر وتؤيد ما استقر عليه الأولون، من حق أي إنسان وليس فقط الفنان، أن يجهر برأيه، سواء اتفقنا أو اختلفنا، ليس من صلاحية أحد أن يقول له: «ومن أنت وما مؤهلاتك؟».

العمل الفني يوجه للناس كافة، وعندما تقطع تذكرة لدخول فيلم أو تشتري شريط كاسيت لمطرب، فمن حقك أن تقول رأيك سلباً أو إيجاباً.

لماذا أصبح بعضنا يصادر آراء بعض، ولا نتحمل من يخالف قناعتنا، الخط الفاصل بين الرأي والإهانة والسب والقذف واضح جداً، من يتناول العمل الفني وليس شخص الفنان، حق يكفله القانون والدستور وكل منظمات حقوق الإنسان.

عندما يُنْتَقد ممثل كبير بحجم شكري سرحان، يظل رأياً حتى لو أدلى به فنانان صاعدان، لا أتفق معهما، ولكن هما لم يخطئا عندما جهرا بالرأي، يجب ألا تضيق صدورنا بمن يختلف معنا.

التوقف عند كل ما قدمه الآخرون من أعمال فنية حتى لو حظي بعضها بإعجاب قطاع عريض من الناس وعبر عقود من الزمان، لا يعني أبداً المصادرة على حق الاختلاف.

أتمنى أن تتسع مظلة نقابة الممثلين لاحتواء الجميع، دون الخوف من استخدام سلاح قطع الأرزاق بالشطب من عضوية النقابة!

arabstoday

GMT 11:12 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

كما في العنوان

GMT 11:10 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

خيارات أخرى.. بعد لقاء ترامب - عبدالله الثاني

GMT 11:05 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

العودة للدولة ونهاية الميليشيات!

GMT 11:01 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

كويكب مخيف... وكوكب خائف

GMT 11:00 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

إيران: إما الحديث أو عدمه... هذا هو السؤال

GMT 10:59 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

لبنان وتجربة الثنائيات الإيرانية

GMT 10:58 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

الاستعداد لمحن إعمار غزة

GMT 10:56 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

تحديات ورهانات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التهديد بقطع الأرزاق التهديد بقطع الأرزاق



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:15 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

غزة.. التي أصبحت محط أنظار العالم فجأة!

GMT 06:22 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

استعادة الدولة بتفكيك «دولة الفساد العميقة»!

GMT 19:00 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

لبنان يحذر مواطنيه من عاصفة "آدم"

GMT 06:23 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

السودان... تعثّر مخطط الحكومة «الموازية»

GMT 01:14 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

الإفراج عن صحفي تونسي بارز من معارضي سعيد

GMT 01:46 2025 الجمعة ,21 شباط / فبراير

انفجارات عديدة تهز العاصمة الأوكرانية كييف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab