بقلم : طارق الشناوي
لاحظت فى تاريخ المطربة الكبيرة نجاة رغبة منها- تكررت عدة مرات- لإعادة تقديم اللحن الذى ردده زميل لها، حتى بعد نجاحه.
لا يعنى بالضرورة أنها تطلب ذلك، إلا أن تكرار الحكاية يستحق التأمل.
مثلا نجحت أغنية (ع الحلوة والمرة) بصوت عبد الغنى السيد كتبها سيد مرسى ولحنها محمود الشريف، تكتشف فى الإذاعة تسجيلا لها بصوت نجاة، لم يحقق بالمناسبة نجاحا طاغيا ولا حتى موازيا، الكلمات والموسيقى كانت تنطق بملامح صوت عبد الغنى السيد.
أغنية (ليه خلتنى أحبك) التى كتبها مأمون الشناوى ولحنها كمال الطويل، غنتها ليلى فى فيلم (الماضى المجهول)، واعترضت الإذاعة المصرية على بعض الكلمات ورفضت تداولها، مثل (فين تهرب من ذنبك) والتى صارت (فين أهرب من حبك)، وأيضا (بادعيلك بأمانة/ روح منك لله)، وتم تغييرها إلى ( بادعيلك آه يانا/ روح منك لله)، عندما أجرى مأمون الشناوى التغيير، المطلوب رقابيا، رفضت ليلى إعادة تسجيلها، وقالت إن ليلى مراد عندما تغنى فليس من حق أحد الاعتراض، وبالطبع لجنة النصوص فى الإذاعة ازدادت إصرارا على الرفض، واشتهرت الأغنية بصوت نجاة، وحققت جماهيرية واسعة، والناس تنسبها أكثر لمطربتها الثانية نجاة، ولم يفرج عنها بصوت ليلى إلا بعد أربعين عاما من المنع الرقابى. عندما سألت كمال الطويل من يفضل أجابنى ليلى مراد، بينما مأمون الشناوى قال إن كلا منهما نجحت فى إضفاء طابع جذاب للكلمة واللحن.
الأغنية الدينية (قل ادعُ الله إن يمسسك ضر)، كلمات زكى الطويل وتلحين كمال الطويل، قدمتها شادية فى فيلم (اشهدوا يا ناس) عام 53، وأعادتها بعد ذلك نجاة، أيضا بترشيح كمال الطويل، لم أعرف فى الحقيقة من الأستاذ كمال الملابسات، والأغنية ناجحة بالصوتين.
أغنية (يا حبيبى قولى آخرة جرحى إيه) غناها محرم فؤاد بكلمات مرسى جميل عزيز فى فيلم (وداعا يا حب) عام 63، اختلف محرم مع ملحن الأغنية محمد الموجى، التراشق بينهما انتقل من الصحافة إلى ساحة القضاء، الموجى اتهم محرم بعدم تسديد الأجر المتفق عليه، كما قال إنه لم يستطع أداء اللحن كما هو مطلوب، ناهيك أنه نعته بالتلميذ العاق، ناكر الجميل.
محرم هو أشطر وأهم تلاميذ مدرسة (محمد الموجى)، الذى فتح أبواب الالتحاق بها فى نهاية الخمسينيات، وهكذا مثلا غنى محرم للموجى أولى أغنياته (رمش عينه) و(الحلوة داير شباكها)، فى فيلم (حسن ونعيمة)، وكتب له شهادة الميلاد كأول مطرب ينجح بعد عبد الحليم. أراد الموجى أن يلقن محرم درسا، عرض اللحن على عبد الحليم حافظ ورغم إعجابه بالأغنية رفض أن يدخل فى صراع مع محرم، ورشح الموجى نجاة ووافقت على الفور.
وفى حفل (أضواء المدينة) الذى كان يشرف عليه الإذاعى جلال معوض، قررت نجاة أن تغنيها فى الفقرة الأخيرة، التى كان يشارك فيه محرم فؤاد، ورغم السرية الشديدة علم محرم بالخطة واعتبرها مؤامرة، وكانت فقرته الغنائية أسبق من نجاة فقرر غناء اللحن وتجاوب معه الجمهور، ورغم ذلك أصرت نجاة أن تختتم بها الحفل، إلا أن الناس لا تتذكر (يا حبيبى قولى آخرة جرحى إيه) إلا فقط بصوت محرم فؤاد.
تعرضت نجاة لموقف عكسى مع عبد الحليم حافظ، عندما نجحت بصوتها قصيدة (لا تكذبى) شعر كامل الشناوى وتلحين عبد الوهاب، قرر عبد الحليم غناءها بحجة أن المنطق أن يردد هذه الكلمات رجل، ولم تتوهج القصيدة إلا بصوت نجاة!!.