بقلم - طارق الشناوي
المعلومة التى يتم تصحيحها، وشهودها أحياء تعيد صياغة التاريخ، استوقفنى ما قاله محمد صبحى للزميلين جمال عبد الناصر وشروق وجدى فى (اليوم السابع)، عبر تطبيق (زووم)، ردا على الصورة الذهنية الراسخة، والتى تضعهما فى مواجهة دائمة (الزعيم والديكتاتور). الحكاية لها جذور تعود لقرابة 50 عاما، عندما حدث خلاف مع عادل إمام فى فرقة (الفنانين المتحدين) أثناء بروفات (مدرسة المشاغبين)، فتم إسناد دوره (بهجت الأباصيرى) إلى محمد صبحى، قبل رفع الستار عاد الدور إلى عادل إمام، صبحى يقول إنه تقبل وقتها الأمر ببساطة، صعب أن نصدق تماما حكاية البساطة التى أعلنها صُبحى ببساطة، ولكن دعونا نُكمل.
قطعا كانت ح تفرق، المسرحية لعبت دورا محوريا فى صعود اسم عادل إمام، وهو ما حدث مع زميليه فى (المشاغبين) سعيد صالح ويونس شلبى، عادل الأكثر ذكاء قفز بعدها كبطل شعبى جماهيرى منفرد فى (شاهد ماشفش حاجة)، وهى الأفضل فى تاريخ عادل المسرحى، ثم تلتقطه السينما ليقفز إلى قمة عرش الإيرادات.صبحى له منهج مختلف، لخصه فى جملتين، الناس تذهب لمشاهدة عادل إمام بطل المسرحية، بينما يذهبون لمشاهدة مسرح محمد صبحى.ساحة الصراع هى خشبة المسرح، شاشة السينما وضعت عادل فى مكانة بعيدة عن أى تنافس، بينما صبحى حدد علاقته بالسينما على طريقة (يا بخت من زار وخفف)، كثير من الأفلام الهامة، كان يعتذر عنها، بحجة أنه مشغول بمشروع مسرحى، مثل (الراقصة والطبال)، رشحه المخرج أشرف فهمى للدور بعد اعتذار عادل إمام، اعتذر صبحى فذهب الدور للمرشح الثالث أحمد زكى.
الحياة الفنية ليست أبدا مثالية، إلا أن هناك أسلحة مشروعة وأخرى محرمة، صبحى يجيد بمهارة استخدام النوع الأول، فهو يقول مثلا عادل هو النجم الأهم عربيا، وعندما يسأل متى يشتركان فى فيلم وما هى شروطه؟ يقول اسم عادل على (الأفيش) يسبقنى بلا جدال، وأجره عشرة أضعاف أجرى، هذا حقه، ولكنه ينهى ذلك العرض قائلا بس المهم نعمل سينما!!.صبحى لا يجادل فى نجومية عادل مهما كانت لديه من ملاحظات، ولكن لديه دائما أسباب، تطيح بكل ما يعلنه من إيجابيات، أو فى الحد الأدنى تفتح الباب لتساؤلات، ليست فى صالح عادل إمام.على الجانب الآخر، عادل لم أجد لديه فيما تابعته من أرشيف، وما تبقى أيضا فى الذاكرة، حديثا مباشرا عن تجربة صبحى، فهو يوحى فى كل أحاديثه بأنه لا توجد أساسا منافسة، وهى ضربة قاسية بقدر ما هى ناعمة!!.
فى رمضان الماضى شاهدنا كلا من نادية الجندى ونبيلة عبيد معا، بعد أن مضى بهما قطار العمر فى مسلسل (سكر زيادة)، برغم الضربات المغموسة بالشر، التى نالت فيها كل منهما من الأخرى، ورغم ذلك لا أتصور، برغم الهدوء النسبى للصراع، الذى عاشه عادل وصبحى أن هذا ممكن، يظل تصحيح التاريخ الذى قام به صبحى مؤخرا هو المطلوب فورا وبقوة.ليسا ملكين ولكنهما، فى الحدود الدنيا، لم يحمل أى منهما تجاه الآخر مخالب وأنياب الشياطين!!.