بقلم - طارق الشناوي
مثلما اكتشف كريستوفر كولومبس عن طريق الخطأ أميركا، فإن عدداً من الأعمال الفنية لعب الخطأ دور البطولة في نجاحها، لديكم مثلاً فيلم «أنت حبيبي»، سنجد مع اقتراب النهاية أنجح الأغنيات «زينة والله زينة» التي وجدت طريقها للفيلم، عندما شاهد فريد النسخة قبل النهائية خلسة من دون علم المخرج يوسف شاهين، فاكتشف أن الفيلم لا يتجاوز زمنه ساعة ونصف الساعة، وقال: فيلم فريد يجب أن يصبح الأطول، وهكذا أصر على أن يبحثوا عن موقف يملأون به الزمن، برغم اعتراض المخرج على المبدأ، وأضافوا للأحداث عُرساً نوبياً، من الممكن من الناحية الدرامية حذفه تماماً، شارك في أدائه بالغناء فريد وشادية وبالرقص هند رستم، وأدى هذا المشهد المقحم لرواج الفيلم، وكان يوسف شاهين يتجنب رؤيته ويعتبره أفشل أفلامه بسبب «زينة والله زينة»، وعن طريق الخطأ وجد الفيلم في باريس، أثناء إقامة احتفالية ليوسف شاهين، فوجد أن الجمهور الفرنسي يردد تحديداً «زينة والله زينة»، فأحب الفيلم.
الموسيقار محمود الشريف أقام دعوى قضائية ضد الإذاعة المصرية في الخمسينات من القرن الماضي لأنهم بسبب خطأ في المونتاج يذيعون الجزء الأول فقط من أغنية ليلى مراد «من بعيد يا حبيبي بسلم»، إلا أنه وبسبب عدم اكتمالها اعتبر الموسيقار محمد عبد الوهاب والكاتب إحسان عبد القدوس أن الأغنية حققت إنجازاً موسيقياً، وتراجع الشريف بعدها عن إقامة الدعوى القضائية.
قال لي محمد صبحي إنه ذهب مع رفيق الرحلة الكاتب لينين الرملي إلى محمد عوض وكان في حقبة السبعينات أحد أهم نجوم الكوميديا، ليتفقوا معه على بطولة مسرحية «انتهى الدرس يا غبي»، كان صبحي سيؤدي دوراً ثانوياً بجوار عوض، إلا أن عوض اعترض على الفصل الثالث، بينما رفض لينين إجراء أي تغيير، وأسند المخرج الدور لصبحي، وتم تدشينه بعدها نجماً جماهيرياً، ذهب عوض لمشاهدة العرض وصعد لتحية الأبطال وعلى المسرح طلب الكلمة، وقال للجمهور مازحاً: أعترف لكم أنني طلعت (....).
فيلم «سواق الأتوبيس»، وهو أحد أهم الأفلام العربية، كتب القصة المخرج محمد خان، إلا أنه بعد أن قرأ السيناريو الذي كتبه بشير الديك، لم يتحمس لإخراجه، وتم ترشيح المخرج خيري بشارة الذي قال إنه ميلودرامي زاعق، وجاء الفيلم إلى عاطف الطيب لإنقاذ الموقف، فكان هو الأهم في حقبة الثمانينات وقال بشارة: حسبتها غلط.
عندما استمع محمد رشدي إلى لحن «بهية» اعتذر لبليغ حمدي قائلاً: غنيت لـ«وهيبة» و«عدوية» و«نجاة» و«نواعم»، وغيرهن وأخجل أن أضيف لهن «بهية»، فكانت من نصيب منافسه التقليدي محمد العزبي، لتصبح أشهر أغانيه، وعندما سألوا عبد الحليم عن الأغنية قال: لو عُرضت علي لقدمتها فوراً، بينما محمد رشدي اعتبرها غلطة، ولكنه أضاف: «النجاح رزق يستحقه العزبي، وربما لم تكن ستحقق نفس الرواج لو رددتها أنا».
تخوف عادل إمام كثيراً من أداء دور «الشيخ حسني» الكفيف في فيلم «الكيت كات» إخراج داود عبد السيد، وذهب الفيلم إلى محمود عبد العزيز، وقال عادل إمام بعد النجاح الجماهيري والنقدي للفيلم إنها بالفعل شخصية درامية رائعة وأثنى أيضاً على أداء منافسه محمود عبد العزيز، وكانت تلك أهم غلطة سينمائية ارتكبها عادل ليقتنصها محمود، والغريب أن مسلسل «رأفت الهجان» جاء الدور أيضاً لمحمود بسبب غلطة مماثلة ارتكبها عادل فصار أشهر أدوار محمود.