ستقرأ على (السوشيال ميديا) اسم محيى إسماعيل فى بيان يندد فيه بتكريم جيرارد ديبارديو ويطالب بمقاطعة مهرجان (الجونة)، ستجد فى نفس الوقت محيى إسماعيل بشحمه ولحمه متواجدًا فى حفل الافتتاح، مبتسمًا وسعيدًا ومتعجبًا بمن زج باسمه فى قائمة المقاطعين.
ما انطباعكم على تواجد أشرف زكى، نقيب الممثلين ورئيس أكاديمية الفنون ونائب رئيس اتحاد النقابات الفنية، بـ(الجونة)؟ بينما عمر عبد العزيز، رئيس اتحاد النقابات الفنية، أصدر بيانًا يهدد فيه كل من يطبع بتطبيق اللائحة والتى تصل إلى الطرد من جداول النقابة.
وليس فقط أشرف هو الوحيد المخالف للقرار، عشرات من الفنانين والفنيين المفروض نظريًّا معرضون للعقاب، مسعد فودة نقيب السينمائيين موقع على بيان المقاطعة، ناهيك عن أن عددا من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين أصدروا بيانًا مماثلًا وبدأوا فى تجميع التوقيعات ضد زملائهم.
إنها العشوائية فى أجلّ صورها، كل طرف يعتقد فقط أنه على صواب بينما الباطل هم الآخرون، قال لى أشرف زكى إن قرار اتحاد النقابات الفنية باطل شرعا، لأنه وهانى شاكر نقيب الموسيقيين لم يوقِّعا عليه.
كاتبة كبيرة أيدت البيان الرافض لمقاطعة الجونة بسبب ديبارديو، ثم عادت وكتبت أرفض التطبيع ولكن ديبارديو ليس مُطبِّعًا.
مناطق ضبابية ملتبسة والنقابات نخشى اقتحامها لنظل فى «الركن البعيد الهادى» و(على قديمه)، فقط نسارع بتفعيل كلمة مطاطة (أوول سايز) أقصد (ميول صهيونية)، توصيف ميول بطبعه يحتمل أى شىء، ولا يحتمل أى شىء.
قبل عامين مثلًا كان رأى البعض أن ليلوش المخرج الفرنسى لديه تلك الميول، ولهذا وقعوا على بيان رفض تكريمه فى مهرجان (القاهرة)، عدد منهم هذه المرة تواجدوا فى (الجونة) بعد أن تأكدوا بعد تحليل عينة من دماء ديبارديو أنه خالٍ من الميول.
شاهدت فى الافتتاح المخرجة الفلسطينية نجوى النجار، الرافضة للتطبيع، ورأيت أيضًا الفنان السورى المعارض والرافض للتطبيع جمال سليمان، فما هى إذن بالضبط حكاية التطبيع؟
طالبت أكثر من مرة النقابات الفنية بإعادة النظر فى قرارات الجمعية العمومية التى تم اتخاذها برئاسة سعد الدين وهبة فى عام 80 وتجددت فى 96 وتضمنت كل تفاصيل وأشكال المقاطعة. الواقع بعد نحو ربع قرن، تغيَّر تماما، رأينا عددا من الدول العربية تعقد اتفاقات سلام مع إسرائيل وهناك دول أخرى ستوقع فى الأيام القادمة.
لا تنسى أن لدينا (خيال مآتة) اسمه (اتحاد الفنانين العرب) لديه أيضا قراراته الملزمة لجميع الفنانين العرب، بمنع التطبيع، بينما التطبيع كلمة هلامية.
يجب أن نسقط أولًا من قاموسنا تلك الاتهامات التى صارت تنال من الجميع، وعلى الجانبين كل طرف يتهم الآخر بالانتهازية أو (الحنجورية)، بينما دور النقابات الفنية هو إخماد النيران بدلًا من سكب البنزين.
الطريق الوحيد أن تجتمع الجمعية العمومية للنقابات الثلاث، لتعيد تأمل الواقع الذى نعيشه بكل أبعاده، ولا يجوز أن يقف الجميع عاجزًا عن القراءة الصحيحة والعصرية للمشهد الحالى.
إنها المسؤولية التى تتهرب منها مع الأسف النقابات الفنية فى مصر، رغم أنها الطريق الوحيد لإطفاء الحرائق المشتعلة حولنا، والكلام أيضا (إليك يا جارة) أقصد ضياء رشوان، نقيب الصحفيين!!