عمر الشريف أحد عشاق مصر الكبار، سنوات الغربة، والتى كان يحلو للبعض فيها إلقاء ماء النار على وجهه، والادعاء عليه بالكثير من الافتراءات، لمجرد أنه يعمل مثلًا مع نجم أو نجمة أو منتج يهودى.
على الفور يصبح عند الجماعة (الحنجوريين)، صهيونى الهوى، داعمًا لإسرائيل، عمر الشريف كان يقابل كل ذلك بمواقفه الوطنية، التى تجعله، مثلًا، يوافق فى عز النجومية مع بداية مشوار العالمية على بطولة فيلم (المماليك) أمام نبيلة عبيد، إخراج عاطف سالم، إنتاج مؤسسة السينما 1965، كما أنه شارك بالتمثيل بعدها فى أكثر من مسلسل إذاعى للشرق الأوسط، إخراج محمد علوان (إمبراطور الميكروفون)، كما كانوا يطلقون عليه مثل (الحب الضائع)، مع سعاد حسنى وصباح.
عندما يتحدث عمر الشريف عن سر عشقه لمصر، لا يتناول النيل والأهرام، يستوقفه رجل الشارع، يقول مصر هى البلد الوحيد فى العالم، عندما يرى الفقير رجلًا غنيًا يقود سيارة فارهة يقول على الفور: (الحمد لله على الصحة وربنا يزيده ويبارك له)، رصد عمر الشريف حالة التسامح فى الشارع، باعتباره هو السائد، فهل تغيرت مشاعرنا فى السنوات الأخيرة؟.
ما حدث مع حموبيكا وحسن شاكوش وعمر كمال، من تنمر وسخرية، بعد أن رأينا كلا منهم مع سيارة فارهة واسم كل منهم هو حروف الترخيص، بالمناسبة كثير من الكبار فى مصر يستطيعون تحقيق ذلك، فلا بأس أن يفعلها أيضا مطربو المهرجانات.
ما الذى حدث لطبيعة المصرى؟، المطربون الثلاثة يحققون قطعًا أرقامًا ضخمة من خلال الأسطوانات والحفلات، أترك جانبًا الاتهام بإفساد الذوق العام وغيرها من الكليشيهات الجاهزة، هذه قضية أخرى، لو هناك كلمة أو حركة مسفة، فإن القانون كفيل بهم، وتصل عقوبة من يقدم على ذلك إلى السجن.
هل التباهى بالثروة مستهجن؟، محمد رمضان أكثر فنان يفعلها، ودائمًا ما تلتقط له الصور فى طائرته الخاصة، وهو يردد كما كان يقول عادل إمام: (تلك الأموال حققها من الشعب، ومن خلال شباك التذاكر، وعن طريق شركة الإنتاج تعود إليه).
ليس مستهجنًا أن ينشر محمد رمضان لقطات من طائرته الخاصة، إلا أنه أخطأ، مثلا عندما صور فيديو وهو يلقى أموالًا فى حمام السباحة، وسارع بعدها بالاعتذار وحذف شريط الفيديو.
التباهى الذى يحرص عليه عدد من الذين بدأوا من الصفر، رد فعل عفوى، لا نلومهم عليه، شاهدت الفيديو الذى قدمه عمر كمال للجمهور وهو يروى كيف بدأ عاملا فى (بنزينة) ينتظر جنيها أو اثنين من أصحاب السيارات، ولم يحقد عليهم، وذلك ردًا على من تنمروا عليه.
كان الكاتب الكبير توفيق الحكيم يردد تلك المقولة فى الثمانينيات (هذا زمن أصحاب الأقدام وليس الأقلام)، رغم أننا وقتها كنا نتحدث عن مكافأة بضع مئات يحصل عليها، لاعب كرة قدم، وليست الملايين التى تتردد الآن؟.
المقابل المادى ليس هو بالضبط معادلًا للقيمة، هناك دائمًا معادلات أخرى، كان عمر الشريف يعتبر أن أجره الذى يتقاضاه عن الأفلام حرام، فهو يرى نفسه مجرد مؤد.
لم يقصد الحرام والحلال بمعناه الشرعى، فقط الإشارة إلى أن جهد الكاتب والمخرج والمصور والمونتير، ينبغى أن يلقى أيضا تقديرًا ماديًا.
فى كل الأحوال كانت وستظل الأمور نسبية، النجم فى مجال التمثيل أو الغناء لا يتقاضى أجره مقابلًا لما قدمه مثلًا على الشاشة أو فى الحفل، ولكن لأنه بحضوره كان محفزًا لكى يقطع الناس التذكرة، وكلما ارتفع رقم الشباك زاد أجره.
تحب أو تكره أغانى المهرجانات قطعًا هذا حقك، ولكن الازدراء أو التنمر ليس أبدًا من حق أحد