بقلم - طارق الشناوي
أمس مرَّ عيد ميلاد محمود عبدالعزيز، أكمل 78 عامًا.. ووجدت نفسى أتذكر بعض تفاصيل ترسم ملامح محمود عبدالعزيز.
من أكثر الفنانين الذين عشقوا الحياة، يكره أداء مشاهد الموت، ولهذا طلب من الكاتب وحيد حامد فى فيلم (معالى الوزير) استبدال مشهد المقبرة، وعاد إلى منزله موقنًا أن وحيد سوف يجد حلًا دراميًا، إلا أنه فوجئ وهو يقرأ جرائد الصباح أن المخرج سمير سيف وجد الحل فى إسناد الدور إلى أحمد زكى، يومها خرج محمود عبدالعزيز بملابس رياضية للشارع، ولم يعد للمنزل، اعتقدت زوجته الإعلامية بوسى شلبى أنه ذهب كعادته إلى الإسكندرية، مدينته التى يعشق أن يتنفس نسيمها لتتبدد أحزانه، إلا أنه وجد نفسه من فرط الذهول والغضب فى (السلوم).
وفى مهرجان القاهرة السينمائى، حصل أحمد زكى على جائزة أحسن ممثل عن (معالى الوزير)، وكان محمود أول من هنَّأ أحمد!!
أثناء تنفيذ فيلم (البرىء)، 1986، تأليف وحيد حامد، إخراج عاطف الطيب، كان اسم محمود تسويقيًا أعلى من أحمد، الفيلم كمشروع اقتصادى بحاجة إلى محمود فى التوزيع الخارجى، الذى وافق على أداء الدور التالى فى المساحة، وهو يعلم أنه فيلم أحمد وليس محمود.
آخر أفلامه (إبراهيم الأبيض)، شخصية (عبدالملك زرزور)، إطلالة استثنائية على الشاشة، شاهدته لأول مرة فى مهرجان (كان) داخل سوق المهرجان، تعود المنتج عماد أديب من خلال شركته (جود نيوز) السفر إلى هناك وعرض عدد من أفلامه، استحوذ محمود على إحساس الجمهور، قدم الدور بأستاذية، إلا أنه كان غاضبًا من شيئين: الأول أن عددًا من مشاهده تم استبعادها فى المونتاج النهائى، والثانى أن أحمد السقا سبقه على (التترات)، ورغم ذلك احتفظ بغضبه ولم يبح به للنشر حتى لا يفسد فرحة أحمد السقا ولا المخرج مروان حامد بالفيلم.
محمود، على عكس رفقاء المشوار محمود ياسين ونور الشريف وحسين فهمى، كلٌّ منهم لم تكن لديه مشكلة أن يسبقه على (التتر) أحد نجوم جيل الألفية الثالثة أحمد السقا وأحمد عز وكريم عبدالعزيز، إلا أن محمود كان يرى أن الجمهور يقطع تذكرة السينما من أجله، ومن حقه أن يسبق نجوم جيل الألفية الثالثة.
محمود كان مخلصًا لطى صفحة الخلاف مع عادل إمام فى أعقاب التراشق الذى حدث بينهما منذ نهاية الثمانينيات مع الجزء الأول لمسلسل (رافت الهجان)، إلا أنه كان حريصًا أيضًا على التأكيد أنه المرشح الأول للهجان، ولم يقبل الدور بعد اعتذار عادل.
الصحيح أن جهاز المخابرات، الذى نعى محمود عبدالعزيز فى رسالتين مكتوبة ومسموعة، تقديرًا لعطائه، كان لديه ترشيح لمحمود لأداء دور رفعت الجمال (رأفت الهجان)، بينما المخرج يحيى العلمى كان قد التقى قبلها مع عادل إمام فى (الدموع فى عيون وقحة) الذى تناول حياة أحمد الهوان (جمعة الشوان)، اسم عادل أكبر تسويقيًا من محمود، والمخرج يحيى العلمى يميل إلى عادل، وعندما اختلف عادل مع صالح مرسى حول تكنيك الكتابة، الذى يبدأ برحيل الهجان وعن طريق (الفلاش باك) تُروى الأحداث، رفض صالح تغيير السيناريو، العلمى وقف محايدًا، وانتصرت كفة صالح، وعاد الدور لمحمود.
ترقبنا جميعًا اللقاء بين عادل ومحمود فى (حسن ومرقص)، وبالمناسبة لم يعترض محمود على أن يسبقه على (التترات) عادل، وقبل التصوير روى محمود الحكاية مجددًا من (طقطق لسلامو عليكو) لعمرو أديب فى برنامجه الذى كان يقدمه عبر قناة (الأوربت)، وشاهد عادل اللقاء، وانسحب من مشروع الفيلم، والحل لعودته أن يُسند دور محمود فى (حسن ومرقص) إلى عمر الشريف.
وعادت العلاقات مجددًا بين الكبيرين لنقطة الصفر، حاول عادل أثناء مرض محمود الأخير زيارته بالمستشفى، بينما محمود فى مرحلة صحية لا تسمح بالزيارة، مؤكدًا أن محمود تسامح، وتصافى وجدانيًا قبل الرحيل مع عادل!!.