المذبح والمجمع والعيد

المذبح والمجمع والعيد

المذبح والمجمع والعيد

 العرب اليوم -

المذبح والمجمع والعيد

بقلم - محمود خليل

 

في الماضي، تحديداً في الستينات والسبعينات، كان "سَقَط الخروف" يعد رمزاً من رموز العيد الكبير.. لكن الأمر اختلف في الثمانينات حين تحول "السَقَط" إلى رمز للكيفية التي استطاع بها البعض تحويل الأشياء (التي كانت بلا ثمن) إلى أشياء (لها كل الثمن) ومنصات لتحقيق الثروات.

على مدار التاريخ كانت -ولم تزل- الأسر الفقيرة عاجزة عن شراء خروف العيد، الخروف الذي لم يكن سعره في الستينات أو السبعينات يزيد عن بضعة جنيهات (من 3 – 9 جنيهات). بدا هذا الأمر طبيعياً خلال هذه الفترة، رغم أن متوسط أجر الموظف في الستينات كان كان يقارب الـ12 جنيهاً (احسبها أنت وشوف يشتري كام خروف حينذاك)، وارتفع هذا المتوسط في السبعينات إلى 16 جنيها.

الأسر الفقيرة لم يكن أمامها في ذلك الوقت إلا أن تشتري "سقط الخروف" لتحيي به أيام وليالي عيد الأضحى. والسقط كما يظهر من الكلمة هو ما يتبقى أو يسقط من الخروف بعد تشفية ما يدره من لحم، ويشمل: رأس الخروف، وأرجله الأربعة، وجلد بطنه "الكرشة"، و"فشته"، وأمعائه، ولسانه. وقد كانت هذه المكونات كافية لتزروط أي أسرة فتة وشوربة وأطايب مما كان يفيض به سقط الخروف على من يأكله.

ظل "السقط" رمزاً لعيد الأضحى لدى آلاف الأسر من المصريين في ذلك الوقت، وكانت مراكز بيعه بـ"المذبح"، حيث يتم الدفع بسقط الخرفان والبقر والجاموس والجمال إلى محال متخصصة لبيعها لمن يريد، وكان الطلب عليها -وخصوصاً سقط الخرفان- شديداً، وذلك خلال الأيام التي تسبق عيد الأضحى، وحتى في الأيام العادية كانت بعض الأسر تستعيض -من حين إلى آخر- عن أكل اللحوم بشرائها.

لم يكن لسقط الخروف في ذلك الزمان سعر يذكر، لذلك زاد استهلاك مكوناته من جانب الأسر الفقيرة، لكنه، مثل كل رخيص أو شعبي، كان محل نظر واهتمام من كان يطلق عليهم "القطط السمان" في السبعينات والثمانينات (ولست ادري ما هي العلاقة بين القطط السمان ووصف السمين الذين يطلق على سقط الخرفان)، إنها الفترة التي بدأت تنتعش فيها استثمارات الانفتاح في مصر.

وكان ينظر إلى المستثمر الشاطر في ذلك الوقت -ولا يزال الحال كذلك- كشخص قادر على التقاط الأشياء الرخيصة (التي تباع بالقروش) ليصنع منها سلعة غالية الزمن (تدر الملايين)، مثل الشخص الذي يضع عينه على قطعة أرض في إحدى المناطق الشعبية يستقر عليها بيت يستأجر شققه مجموعة من الغلابة الذين يدفعون إيجاراً شهرياً لا يزيد عن عدة جنيهات ليتم إخلاؤه وإعادة بنائه في مشروع ضخم ليدر الملايين، باختصار كان المستثمر الشاطر هو القادر على تحويل التراب إلى ذهب.

في تلك الفترة أشياء كثيرة رخيصة لم يكن له ثمن يذكر كانت تبرق في أعين المستثمرين كذهب يمكن اختراعه من التراب، وكان من بينها "سقط الخروف" الذي كان يمتع الفقراء أيام الأضحى، في ذلك الوقت ظهرت العديد من المشروعات التي تقوم على تجهيز "السقط" في شكل وجبات، بارعة الإعداد، قادرة على استثارة الشهية، بيعت بأسعار انفتاح، ووجدت زبائنها في أبناء الطبقات الوسطى والغنية التي كانت آخذة في النمو، خلال الحقبتين الأخيريتن من القرن العشرين. واحتضنت منطقة "الناصرية" بالسيدة زينب أغلب هذه المشروعات.

تصور محلات بيع سقط الحيوانات التي أصبحت تسمى منذ الانفتاح "الحلويات" أو "الفواكه" نشأت على أنقاض ذكرى المجمع العلمي الذي أنشأه الفرنسيون خلال حملتهم على مصر (1798- 1801).

arabstoday

GMT 00:32 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

حاذروا الأمزجة في الحرّ

GMT 00:29 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

نعم لغزة وفلسطين ولا للميليشيات

GMT 00:27 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

الحج بين المثوبة والسلامة

GMT 00:23 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

بوتين وكيم جونغ أون... والنظام الليبرالي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المذبح والمجمع والعيد المذبح والمجمع والعيد



درّة تتألق بفستان من تصميمها يجمع بين الأناقة الكلاسيكية واللمسة العصرية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:30 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

عرض فساتين وإكسسوارات الأميرة ديانا في مزاد علني
 العرب اليوم - عرض فساتين وإكسسوارات الأميرة ديانا في مزاد علني
 العرب اليوم - مزايا وعيوب الأرضيات الإيبوكسي في المساحات الداخلية

GMT 13:59 2024 الخميس ,27 حزيران / يونيو

مصر تُغلق مدارس سودانية مخالفة مقامة بأراضيها
 العرب اليوم - مصر تُغلق مدارس سودانية مخالفة مقامة بأراضيها

GMT 14:29 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

الإفراط في تناول الفلفل الحار قد يُسبب التسمم

GMT 12:22 2024 الخميس ,27 حزيران / يونيو

كيمياء الدماغ تكشف سر صعوبة إنقاص الوزن

GMT 05:59 2024 الخميس ,27 حزيران / يونيو

3 شهداء في قصف إسرائيلي على منطقة الصبرة وسط غزة

GMT 19:03 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

عودة أوكرانيا

GMT 04:27 2024 الخميس ,27 حزيران / يونيو

رونالدو يحقق أسوأ رقم في مسيرته الدولية

GMT 02:50 2024 الخميس ,27 حزيران / يونيو

كيف يكون الحل سودانياً؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab