في سماء الروحانيات

في سماء الروحانيات

في سماء الروحانيات

 العرب اليوم -

في سماء الروحانيات

بقلم - محمود خليل

رغم صوته الآسر وموهبته الربانية الفريدة لم يكن من السهل على الشيخ محمد رفعت أن يجد له مكاناً بين الأصوات العذبة والحناجر الذهبية التي تجمعت في زمانه. ذلك الزمان الذي كان صاحب كل صوت جميل فيه يملك لقب شيخ، سواء كان هذا الصوت يغني للحب والغرام، أو يبتهل إلى الله وينشد المديح في حب النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، أو يقرأ القرآن الكريم.

أوائل القرن العشرين كانت الحياة في مصر تحتشد بالعديد من الأصوات النادرة التي تغني أو تنشد أو تتلو القرآن أوتقوم بالإبداعات الثلاث معا.

الشيخ عبد الرحيم المسلوب لم يزل على قيد الحياة، وتراث محمد عثمان الذي توفي عام 1900 يبث الشيخ المنيلاوي وعبد الحي حلمي الحياة فيه من جديد، ثم ظهر الشيخ سلامة حجازي -كما يحكي كمال النجمي في كتابه "تراث الغناء العربي"، وكان مؤذناً في شبابه الأول، فلما احترف الغناء أحدث فيه ما يشبه الانقلاب، فلم يكتف بالغناء في الأفراح والحفلات الخاصة، بل أنشأ مسرحاً غنائياً ونقل الغناء من القصور والسرادقات إلى المسارح، ثم ظهر العبقري "سيد درويش" نهاية عصر الشيخ سلامة حجازي، بموهبته العريضة وعبقريته في التجديد، وإلى جوار هذه الأسماء ظهرت أسماء عديدة أخرى أبدعت في الموسيقى والغناء، مثل الشيخ أبو العلا محمد، واسماعيل سكر، وداود حسني، وكامل الخلعي، والشيخ زكريا أحمد، ومحمد القصبجي، وغيرهم.

وفي عالم تلاوة القرآن الكريم كان هناك العديد من الأصوات المتميزة التي تشكل مدارس فريدة في هذا المجال، على رأسهم بالطبع الشيخ "علي محمود" الذي كان الناس يتجمعون بالآلاف ليستمعوا إليه وهو يؤذن في مسجد الإمام الحسين، والشيخ "محمود البربري" والشيخ "أحمد ندا"، والشيخ "منصور بدار"، والشيخ "محمد الصيفي"، وغيرهم من قراء رصدهم بقلمه الرشيق الراحل "محمود السعدني" في كتابه "ألحان السماء".

لم يكن لشاب يبدأ رحلته في عالم تلاوة القرآن الكريم -مثل الشيخ محمد رفعت- أن يجد لنفسه موضعاً لقدمه، داخل خميلة الأصوات تلك، بسهولة، لكن موهبة الشيخ كانت "ربانية" كما وصفتها لك، وعندما انطلق صوته بآيات الذكر الحكيم، توقف الجميع أمام الحنجرة الذهبية العجيبة، وذلك الأداء الرفيع الراقي في التلاوة.

أخذ الصوت النابع من جنة الخلد يرتل ويجود ويخترق قلوب المستمعين في العديد من أحياء القاهرة، وتنقل خلال رحلة السعي على الرزق، إلى عدد من المحافظات. وكل من استمع له صار أسيراً لتلاوته العذبة الوقورة، وأخذ يلهث وراءه من مسجد إلى مسجد، ومن سرادق إلى سرادق، كي يشفي نفسه وقلبه، ويغسل أحاسيسه الإيمانية، بالاستماع إلى صوت الشجن.

كان عمره على وجه التقريب 15 عاماً حين ذاع صيته كمقرىء رسمي للقرآن، وسعى مشايخه الذين حفّظوه القرآن وعلموه أحكام التلاوة وأصول التجويد لتعيينه قارئاً للسورة بمسجد مصطفى فاضل باشا (شقيق الخديوي اسماعيل ونجل ابراهيم باشا بن محمد علي) ويقول "أحمد البلك" في كتابه "أشهر من قرأ القرآن في العصر الحديث" أن الشيخ العظيم ظل قارئاً للسورة بمسجد فاضل باشا من سنة 1918 وحتى عام 1943. ليأذن الله أن يحتضن هذا المسجد أكبر موهبة قرآنية عرفها التاريخ.

arabstoday

GMT 01:57 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

انتخابات حاسمة

GMT 01:54 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

من ضرورات الحياة

GMT 01:41 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

لا حرب قريبة على لبنان

GMT 00:11 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

خطر اليمين القادم!

GMT 22:07 2024 الإثنين ,01 تموز / يوليو

الذكاء الاصطناعي والحرب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في سماء الروحانيات في سماء الروحانيات



نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:44 2024 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

قائمة تضم 14 فاكهة توفر أعلى وأقل كمية من السكر

GMT 05:52 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

عاصفة شمسية ضخمة تتجه نحو الأرض خلال ساعات

GMT 03:15 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

السعودية تعرف طريقها المرسوم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab