على هامش رحلة د أبوالغار

على هامش رحلة د. أبوالغار

على هامش رحلة د. أبوالغار

 العرب اليوم -

على هامش رحلة د أبوالغار

بقلم -خالد منتصر

د. محمد أبوالغار ليس مجرد أستاذ علّمنا طب النساء والولادة فى الكلية، وكان نجماً فى التدريس برشاقة وعذوبة وذكاء، وليس مجرد رائد فى علاج العقم وأطفال الأنابيب، ولكنه صاحب بصمة فى العمل الاجتماعى والسياسى، ورجل فى منتهى النبل على المستوى الإنسانى، لذلك يستحق منا جميعاً قبلة على جبينه الوضاء فى عيد ميلاده، وبهذه المناسبة وصلتنى رسالة من تلميذه د. أيمن أبوالحسن، وقراءة فى كتاب سيرته الذاتية، يقول د. أيمن:

كيف مر هذا الكتاب الهام، بدون ما يستحقه، من تنويه، وترحيب، بل الدراسة، والتحليل؟ الدكتور محمد أبوالغار، العالم المصرى الشهير، رائد ومؤسس علم، أطفال الأنابيب، نحن يقيناً، أمام حالة فريدة، هو رجل لم يسع أبداً للدعاية لنفسه، لم نره يفرض نفسه علينا فى الصحف والتليفزيون، بالرغم أنه لديه الكثير مما يقال، فإننا نكاد نكون إزاء أشهر أستاذ فى علم النساء والتوليد فى مصر.. بدون أى تدخل منه، أصبح شخصية عامة.. لها ثقلها فى مصر والعالم.. ليس مصادفة بالقطع.. ولكن نتائج أعماله الفذة هى التى تفرضه.

الكتاب يقع فى 332 صفحة من القطع الكبير، بعنوان «على هامش الرحلة»، تقديم الأديب العربى الكبير الطيب الصالح، وأصدرته الهيئة المصرية العامة للكتاب.

من أين تأتى أهمية وثيقة «أبوالغار»؟ هل من كوّنها سيرة إنسان مصرى عادى، لم ينخرط فى تنظيمات سياسية، علنية، أو سرية، فليس له حساب قديم، مع أحد، يريد تصفيته، كما نرى فى شهادات الكثيرين.. من رجال السياسة، الذين كتبوا مذكراتهم الشخصية، المليئة بالأمجاد الشخصية.. أم أنها لرجل عرف عنه حبه الشديد للعلم وللمنهج العلمى البحت فى تحليل ورصد الأشياء من حوله، وحباه الله بذاكرة فوتوغرافية وعين مجهرية.. أم لأنه تصادف وجوده فى عصر التحولات العملاقة بين اليمين واليسار، بين الحرية والاستعمار؟؟ أم لكل هذه الأسباب جميعها..

يبدأ الدكتور من البداية، ونراه يدين العملية التعليمية، وأسلوب قهر تلميذ صغير السن، فينقل الأسئلة فى كراسة الأجوبة، خوفاً وهلعاً من معلمته الشرسة.. ويصطدم صغيراً بمعنى الإعدام لأسباب سياسية، عندما يدرك أن والد زميله قد أعدم فى العراق، ويستدعى هذه الحادثة، ثانية، عندما أعدمت الثورة «خميس» و«البقرى» فى أسابيعها الأولى.. ورغم أنه ينتمى لأسرة ميسورة، فإنه يصدم بمستوى بعض الأسر التى تقتنى السيارات الأمريكية الفارهة، ويتسلى أولادها بركوب الخيل وصيد البط، ويولد وعيه السياسى والاجتماعى على يد «توفيق الحكيم»، عندما قرأ مبكراً «يوميات نائب فى الأرياف»، بما فيها من إدانة صارخة للإدارة وجرائمها فى حق الفلاح المصرى.. وفى المدرسة الإبراهيمية، يتعرض لأول محاولة لتجنيده للإخوان المسلمين.. ويندهش لماذا لم يحاول اليساريون تجنيده رغم تعاطفه الواضح معهم.. ويكتمل وعيه فى واحة «سلامة موسى» ويتعلم منه أهمية المنهج العلمى فى التفكير..

لا يتنكر أبداً لتجربة ما كانت لصغر سنه ربما غير لائقة! فهو يتعمد أن يذهب لكافيتريا كلية الآداب حيث الفتيات الجميلات.. ثم إنه يعترف بأنه انخرط فى إعطاء الدروس الخصوصية لمدة عامين.. هو إنسان عادى.. لم ينكر ويتنكر لطفولته أو لشبابه الأول بأخطائه العادية، ويستمر نمو الوعى، بنجيب محفوظ ولويس عوض ويوسف إدريس، هو إذن يتلمس أنوار الحكمة من منابعها الصحيحة والصحية.. و هذا الوعى، هو الذى سيعيد له توازنه فيما بعد، بعد هول هزيمة 67، حيث يفرد الفارس صفحات مطولة للخامس من يونيو الحزين.. فهو ابن شرعى للثورة، عاش أحلامها العظيمة، وبالتالى كانت الهزيمة قاصمة، ولكنه لا يستسلم للذهول الذى غلف روح الوطن.. يروى قصة ذات مغزى هام، حول زيارة الفيلسوف العالمى «سارتر» وكيف حشدوا له الفلاحين لكى يناقشوه فى فلسفته المعقدة بأسئلة محفوظة بما يشبه المهزلة، بهذا الزيف هزمنا اليهود!!.. ويرى المعتقلات فتحت فمها الضخم تلتهم كل صاحب رأى.. ولم تترك سوى الانتهازيين والمذعورين.. ومتى كانوا هؤلاء بناة أمم؟؟

وفى «عز» النكسة بحد تعبيره.. قرر الزواج من حبيبة عمره.. السيدة «كريستين» وهى سويدية الأصل كانت مقيمة بالقاهرة.. ومن أجلها ترجم رواية «القاهرة الجديدة» لكى يعرفها على الأدب المصرى.. ويقول عن هذه السيدة العظيمة، التى أحبته وتزوجته وهو ووطنه فى أشد حالات المحنة، الكثير.. والكثير.. لكأنها قصيدة عشق قديمة!! وحاول الهجرة بعد النكسة.. ولكنه فشل فى قتل قلبه ومشاعره تجاه بلده الجريح.. فعاد للوطن.

من الصعب، بل من المستحيل، تلخيص هذه السيرة العظيمة لرجل عظيم يدعى تواضعاً أنه إنسان عادى بعد أن وصل بسيرته إلى العالم كله بأشرف صفة يتصف بها إنسان وهى العلم، نعرفه نحن تلاميذه.. نتزاحم حوله فى حلقة الدرس، نتنافس فى الاقتراب منه.. نحبه ونحترمه.. ويعرفه الناس فى بلادى عالماً فذاً.. لكن من يقرأ سيرته سيعرف وطناً..عظيماً.. أحب وأجمل الأشياء.

لقد كنا فى أمسّ الحاجة لسيرة إنسان مصرى جميل ونبيل بحجم الدكتور محمد أبوالغار.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على هامش رحلة د أبوالغار على هامش رحلة د أبوالغار



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab