بقلم - خالد منتصر
مشهد إلقاء الشباب للجبن الفرنسى فى إحدى الترع للرد على الرسوم المسيئة ونصرة للإسلام وانتصاراً للدين وحماية للعقيدة، هذا المشهد هو قمة الكوميديا السوداء، وقد وصل أصحاب غزوة اللافشكيرى أمام هذه الترعة إلى قمة الهذيان، أولاً: هذا الجبن الذى أُلقى فى الترعة بكميات مهولة، إنتاج شركة مصرية حاصلة على العلامة التجارية بالاسم الفرنسى، صاحبها مصرى، وموظفوها مصريون، والعمال الذين يقفون أمام ماكيناتها مصريون يقبضون راتبهم بالجنيه المصرى وليس باليورو الأوروبى!!، وأنت بهذه الفعلة العبثية مثل من شاهد زوجته تخونه فقام بإخصاء نفسه!!، ثانياً: هذه الترعة التى حولتموها إلى أقذر بركة على سطح الأرض، والآن تلقون فيها بعلب كرتون وبلاستيك وجبن.. إلخ، لتزيدوا البركة عفناً وانسداداً وركوداً وقذارة، هل هذه هى نصرة الدين فى رأيكم؟، نصرة الدين أن تجملوا حياتكم ولا تألفوا القمامة وتتخيلوا أن رائحة النتانة الصادرة منها وعنها هى عطر كريستيان ديور!!، أن تنظفوا تلك الترعة من فضلاتكم النورانية هى أقدس المهام الآن بالنسبة لكم، ثالثاً: الله جل جلاله لا يحتاج إلى بودى جاردات والنبى عليه الصلاة والسلام لا يحتاج إلى بلطجية وإرهابيين يذبحون البشر ويقطعون الرؤوس حماية له، بل يحتاج إلى أن تعمر الأرض وتنشر العلم والنور وتساهم فى تنمية الحضارة، حتى يشير إليك العالم قائلاً: هذا من أتباع محمد، ناجح ومتفرد وفاعل فى مجتمعه وفى العالم، رابعاً: إذا كان صاحب السوبرماركت الورع التقى المؤمن مستغنياً عن هذه البضاعة الكافرة وكارهاً لذلك الجبن الشيطانى، هناك فقراء وأطفال شوارع يبحثون فى القمامة عما يأكلونه، كان بإمكانك أن تحميهم من الجوع وتقدم لهم وجبة تسندهم وتساعدهم على استكمال حياتهم البخيلة المعذبة، خامساً: هذه الهستيريا، وذلك السرور والحبور الذى يعتريكم ويتلبسكم وأنتم تلقون بكراتين الجبن فى تلك الترعة البائسة، ما هى إلا أعراض خلل واضطراب نفسى عميق، وإحساس جارف بالدونية والتهميش، يتم تعويضه بهذا التصرف المعتوه، سادساً: متى سيخرج من جماجمكم مفهوم الجهاد بغزو العالم، حيث ينتصر فسطاط الإيمان على فسطاط الكفر، هذا الشاب الذى يلقى بكرتونة الجبن فى غضب وتوتر وهستيريا، إذا منحته سيفاً سيذهب مثل الشاب التونسى إلى نيس ليقطع رأس السيدة العجوز فى الكنيسة!!، البرمجة المخية تسمح بذلك وتؤهل له، مسحوا مخه بفكرة المؤامرة الكونية على دينه، وبأنه الأفضل رغم جهله، والناجى رغم تخلفه، فصار فى حالة زهو زائف بنفسه، ويحارب من أجل التعويض وتكملة البورتريه الخادع بالهلاوس والضلالات.
هذا المشهد الذى لم يكن جزءاً من اسكتش «ساعة لقلبك» أو فقرة فى مسرح مصر الكوميدى، هو مشهد كانت له دلالات كثيرة على المستوى العقلى والنفسى، ويحتاج فهمه إلى تحليل من علماء الاجتماع.