لقاء مع زكى نجيب محمود ١

لقاء مع زكى نجيب محمود (١)

لقاء مع زكى نجيب محمود (١)

 العرب اليوم -

لقاء مع زكى نجيب محمود ١

بقلم - خالد منتصر

فى يوم ٨ سبتمبر من كل عام أتذكر لقاء مصيرياً وفارقاً فى حياتى مع الفيلسوف الذى لمس بعصاه السحرية عقلى فجعله فى حالة سؤال مزمن وفضول دائم، علمنى هذا الرجل يومها أن الفلسفة هى أرق علامات الاستفهام وألق فضول الاستعلام، ذكرى رحيل د. زكى نجيب محمود وانقطاعه جسداً عن الحياة هى أيضاً ذكرى انقطاع الحبل السرى بمشرط ومقص عقله الجبار وولادتى من جديد، وهجرتى من أمان رحم المستقر المعروف المحفوظ الملقن إلى حيث برودة وصقيع المختلف والجديد والفكر البكر الطازج الصامد، الحبل السرى الذى كان يربط ما بينى وبين تفكير القطيع، بينى وبين المألوف والسائد وما يعتبره الناس بديهياً، كنت فى السنة الثالثة من كلية الطب وفى غاية الإحباط من صدمتى فى مناخ الكلية، كنت قد سمعت عن مثقفى كلية الطب وطلبة التيار اليسارى وأعضاء فريق المسرح والفنانين التشكيليين، وأيضاً سمعت عن الأساتذة من متذوقى الفنون ومنهم من كان يعزف بمهارة المحترفين أو يرسم بإتقان الأكاديميين، وكنت قد سمعت عن أصحاب العقليات المستنيرة المتأثرة بالفلسفة الغربية حينذاك من الأساتذة الكبار، دخلت بهذا الشعور، وتخيلت أننى مقبل على الدخول لبوابة أكاديمية أفلاطون، لكن القدر كان له رأى آخر، فقد كان تاريخ التحاقى بكلية الطب هو نفس تاريخ صعود الجماعة الإسلامية وسيطرتها على الكلية والتحكم فى كل مفاصل الجامعة، وضرب التيار اليسارى ودفنه، ودخول معظم أعضاء هيئة التدريس أصحاب الفكر المختلف فى كهوف روتين الوظيفة منعاً لوجع الدماغ، بل منهم من ارتدى جلباب السلفية وصار يتحدث فى الإعجاز العلمى مغازلة لمزاج الشارع المصرى الذى بدأت تنتابه حمى الدروشة، بدأوا بفصل الطلاب عن الطالبات فى المدرجات، ثم الدخول قبل المحاضرة وفرض الصمت على الأستاذ المحاضر حتى ينتهى طالب الجماعة من قراءة القرآن وما تيسر من المواعظ، كان فرض ذلك الصمت والسكوت مقدمة لفرض الحجاب على الطالبات، ثم بدأت لقاءات مسجد الكلية مع الطلبة غير الملتزمين كما كانوا يصفونهم، وصار مسجد كلية الطب هو مشتل الجماعة الإسلامية، كان عبدالمنعم أبوالفتوح وحلمى الجزار قد تخرجا وصارا بمثابة المرشد ونائبه على المستوى الطلابى، أما عصام العريان فقد أصبح أمين اللجنة الثقافية بالكلية والمسئول عن الرقابة على أمثالى من المشاغبين، كنت ما زلت فى وهم الحلم، وأكتب مجلة الحائط بحماس وتمرد جيفارا وتبتل وإخلاص ورهبنة غاندى، أكتب وأعلق المجلة وعصام العريان يمزق، وهكذا كان الكر والفر، كنت قد كتبت قصة قصيرة بعنوان «مأساة عباس بن فرناس»، وكانت هناك جملة فيها «حمل ابن فرناس صليبه»، أثارت كلمة الصليب فى القصة «العريان» واستفزته، فصدر الفرمان بتمزيق المجلة ووقوف بلطجية الجماعة لضرب كل من سيقترب ويتجرأ على تعليق أى مجلة حتى ولو كانت مجلة طبية، وكانت تلك نهاية مجلات الحائط بالنسبة لدفعتنا، أما قمة الجنان والتهور فقد حدث عندما استدعينا كأسرة طلابية الفنان هانى شنودة وفريق المصريين تحت رعاية عميد الكلية د. هاشم فؤاد، وتم منع الحفل واقتحام القاعة، وقد حكيت تفاصيل تلك الواقعة فى مقال سابق، وسط كل هذا المناخ المحتقن المحبط، لمعت فى ذهنى فكرة الحوار مع د. زكى نجيب محمود، حوار للمجلة التى لن تصدر، مع الفيلسوف الذى ظننت أنه من المستحيل أن يوافق على مقابلة شوية عيال فى كلية الطب، لكن المستحيل تحقق، أما كيف قابلت د. زكى نجيب محمود؟ الإجابة فى المقال القادم بإذن الله.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لقاء مع زكى نجيب محمود ١ لقاء مع زكى نجيب محمود ١



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - الأسد يؤكد قدرة سوريا على دحر الإرهابيين رغم شدة الهجمات

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ
 العرب اليوم - تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:06 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الغاوي يجمع أحمد مكي وعائشة بن أحمد في رمضان 2025
 العرب اليوم - الغاوي يجمع أحمد مكي وعائشة بن أحمد في رمضان 2025

GMT 06:22 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الخروج إلى البراح!

GMT 13:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق.. ونصر حزب الله!

GMT 16:01 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف فوري لانتهاكات الهدنة في لبنان

GMT 06:56 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حلب... ليالي الشتاء الحزينة

GMT 00:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab