كن أنت وتحرر من جثتك المحنطة

كن أنت وتحرر من جثتك المحنطة

كن أنت وتحرر من جثتك المحنطة

 العرب اليوم -

كن أنت وتحرر من جثتك المحنطة

بقلم - خالد منتصر

كل منا ما زال يعيش بأقنعة ليرضى الآخرين ويصبح على مقاسهم ليستحق لقب المواطن المثالى الصالح، لكن أن يصبح القناع بمساحة الجسد لا الوجه، هذه هى قمة المأساة، رواية «بوجارت اعزف لى لحناً كلاسيكياً» للكاتبة جيلان صلاح، والصادرة عن دار «ضمة»، تتحدّث عن «وجيه سيد مرسى»، الذى يرتّبون لحفلة خروجه على المعاش، وهو لم يعش أصلاً، حقيقته لم يعشها، هو الأستاذ وجيه موظف البريد، لكن داخله تقبع فريدة التى اكتشف أنها تنمو بداخله منذ كان مراهقاً، هى ليست رواية عن مشكلة التحول الجنسى، لكنها رواية تحاول أن تجيب عن سؤال وجودى مرعب، هل بعد كل تلك السنوات كنت أنت؟، عشت حقيقتك أنت؟، أم ما يريده الآخرون والمجتمع لك؟!، كتبتها جيلان صلاح كرواية قصيرة بإيقاع لاهث ولقطات ذكية وجرأة مدهشة وصادمة، كتبتها بروح فيلم سينمائى قصير، ودائماً ستجد فى خلفية كل فصل مشاهد سينمائية لها دلالة، وجيه ما زال يذهب إلى مخزن أبيه المظلم، حيث يصبح هناك فريدة بفستانها وماكياجها وعشقها للرقص والموسيقى، هارباً من زوجته التقليدية وابنه السلفى وابنته ضحية الغدر الزوجى وباقى الأبناء المغتربين المهاجرين، فى المخزن هناك القط «بوجارت» الذى أطلق عليه اسم معشوقه الممثل همفرى بوجارت، القط صديقه الوحيد الذى قتلته الزوجة بالسم، لأنه شيطان أسود يجلب النحس، أخذ وجيه جثة بوجارت وذهب ليحنطه، وكأنه يريد إنقاذ ما تبقى من رفات الحقيقة، وكأنه يستدعى حقيقته التى تخبو ولا يشعلها إلا قبو المخزن، حيث تتحرر فريدة، كما فشل وجيه فى أن يحرّر ويظهر فريدة على الملأ وللناس، فشلت جارته مارلى فى أن تحرر موهبتها وتنشر رواياتها على الملأ وللناس، دور النشر ترفضها، وزوجها مكارى يهملها ولا يبالى بموهبتها، مارلى هى الوحيدة التى أخبرها وجيه بالسر، عرفت فريدة وأحبتها وتعاطفت معها، حكى وجيه عن تعويضه إخفاء فريدة بهواية التلصص، مراقباته السرية تمتد من قبلة الخالة وصديقها، إلى قبلات الأحفاد، والتلصص على الجيران، عندما تهجره مارلى وتترك العمارة، يعود للمخزن باحثاً عن فريدة، فيجد القط بوجارت قد تحرر من جثمانه المحنط، ليظل هو فى وصلة رقص، لتنزل آخر جملة فى الرواية دقى يا مزيكا!!

بعد قراءتك للرواية حتماً ستتساءل عن التحول الحياتى لا الجنسى، هل أنت تعيش ذاتك أم ذوات الآخرين؟، هل أنت جسد أم جثة تتنفس وجثمان ينبض؟، لو كنت أحمد أو خليل أو جورج، هل عشت فعلاً كأحمد أو خليل أو جورج الحقيقى الذى بداخلك؟!، إلى متى ستظل أسير منافقة القطيع، وضحية مجاملة السائد؟، يطاردك رعب الخوف من الطرد من دفء السرب وأمانه، تفزعك الوحدة ويرعبك الهجر لو تركوك فى هجير الاختلاف والتمرد، تحاول أن ترقص على إيقاعك الداخلى فيجبرونك على أن ترتعش فى حلقة زار مع نشازهم الخارجى، الرواية بها تفاصيل ولقطات بكاميرا عين جيلان الذكية اللماحة تجعلك دوماً فى حالة سؤال مؤرق ومقلق، والأدب الجيد هو الأدب المؤرق المقلق، الذى يكسر المألوف والمعتاد، وهذا ما فعلته رواية جيلان صلاح، التى لا تعرف فيها حدود الخيال السريالى والواقع الحقيقى، رواية تنعى فيها جيلان صلاح الإنسان الذى هجر ذاته، وأيضاً المدينة التى هجرت تنوعها، مدينتها الإسكندرية.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كن أنت وتحرر من جثتك المحنطة كن أنت وتحرر من جثتك المحنطة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - الأسد يؤكد قدرة سوريا على دحر الإرهابيين رغم شدة الهجمات

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ
 العرب اليوم - تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:06 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الغاوي يجمع أحمد مكي وعائشة بن أحمد في رمضان 2025
 العرب اليوم - الغاوي يجمع أحمد مكي وعائشة بن أحمد في رمضان 2025

GMT 06:22 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الخروج إلى البراح!

GMT 13:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق.. ونصر حزب الله!

GMT 16:01 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف فوري لانتهاكات الهدنة في لبنان

GMT 06:56 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حلب... ليالي الشتاء الحزينة

GMT 00:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab