بقلم - خالد منتصر
وقع رئيس الوزراء السودانى الدكتور عبدالله حمدوك، ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال عبدالعزيز الحلو، على إعلان مبادئ بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا ينص على فصل الدين عن الدولة، وتقول المادة الثالثة من الإعلان إنه يجب إقامة دولة ديمقراطية فى السودان وأن يقوم الدستور على مبدأ «فصل الدين عن الدولة»، فى غياب هذا المبدأ يجب احترام حق تقرير المصير، حرية المعتقد والعبادة والممارسة الدينية مكفولة بالكامل لجميع المواطنين السودانيين، كما لا يجوز للدولة تعيين دين رسمى ولا يجوز التمييز بين المواطنين على أساس دينهم. هذا الخبر بداية تدشين لمجتمع علمانى يخرج من عباءة الدولة الدينية التى كان الإخوان الكيزان قد دشنوها فى السودان، فلا يمكن لدولة أن تلحق بركب الحضارة دون علمانية، والديمقراطية دون علمانية وهم كبير، فالمجتمع غير العلمانى مجتمع إقصائى بالضرورة، والعلمانية ليست ديناً بديلاً، ولكنها طريقة تفكير ومنظومة حكم، تحمى كل الأديان لا دين الأغلبية العددية فقط، والدولة كيان لا دين له، مثلها مثل القطار الذى يحمل الجميع، فلا ينفع أن أصفه بالقطار الإسلامى مثلاً لأن أغلبية ركابه مسلمون!!، وأيضاً أصبح دستور السودان لا يؤكد أن الشريعة هى المصدر الرئيسى، لأنها كلمة مطاطة، ولا تحترم السياق الزمانى والمكانى، فالحدود مثلاً لا ينفع تطبيقها الآن وهى من الشريعة.. إلخ، المقاصد هى التى من الممكن أن نتبعها لكن تحنيط وتثبيت التفاصيل الفقهية هى سباحة ضد تيار الزمن والتاريخ والعلم، وقد صرح مصدر فى وفد تفاوض الحركة الشعبية (شمال) بأن تمسك الحركة الشعبية بالعلمانية جاء نتيجة ما عاشته خلال السنوات السابقة التى قادت إلى مجازر جماعية وأدت إلى انفصال جنوب السودان، حيث لم ير السودان تلك الحروب المدمرة إلا بعد مجىء الإسلام السياسى، والتى ما زالت مستمرة حتى الآن فى دارفور، فالحركة الشعبية بتمسكها بالعلمانية تريد أن تتجاوز هذا التاريخ العنصرى المرير، وهذا الأمر لا يمكن حدوثه إلا عندما تقف الدولة على مسافة واحدة من الجميع، إذا أردنا أن نحافظ على وحدة ما تبقى من السودان.