بابل والسجن داخل زنزانة الجلد

"بابل" والسجن داخل زنزانة الجلد

"بابل" والسجن داخل زنزانة الجلد

 العرب اليوم -

بابل والسجن داخل زنزانة الجلد

بقلم -خالد منتصر

فى ظل حصار كورونا لجأت أمس إلى حضن السينما، عدت إلى فيلم قديم عمره ١٤ سنة، فيلم «بابل» للمخرج المكسيكى المبدع أليخاندرو جونزاليس، لماذا هذا الفيلم بالذات؟ لأن فيه نفس حالة العبث التى نعيشها، كما أن زبوناً تناول وجبة خفاش أو آكل نمل فى سوق «ووهان» فى الصين أربك العالم كله وأدخله فى كابوس ونفق معتم، هناك أيضاً رصاصة طائشة فى صحراء المغرب انطلقت من بندقية أهداها سائح يابانى يهوى الصيد إلى فلاح مغربى، قلبت موازين عدة أسر فى أربع قارات، فى المغرب والمكسيك وأمريكا واليابان!! كيف ترابطت أحداث تلك القصص الأربع؟ هذه هى عبقرية الفن وسحره، سائح أمريكى وزوجته يعيشان حالة برود ونفور، فيقرر الزوج أن يكسرها برحلة سياحية إلى صحراء ورزازات فى المغرب تاركاً الطفلين فى أمريكا مع المربية المكسيكية.

الزوجة متوجسة وتعيش فى داخل صدفة وسواس أن هؤلاء إرهابيون وفقرهم يجعلهم يفعلون أى شىء حتى تقديم الثلج الملوث، على الطرف الآخر هناك طفلان من رعاة الأغنام يحتفلان ببندقية الأب التى اشتراها من العجوز حسن إبراهيم، يذهبان لتجريب البندقية لحماية الغنم من «ابن آوى»، تذهب الرصاصة لتخترق زجاج أوتوبيس السياحة ومنه إلى كتف الزوجة، فجأة يهبط السائحون من علياء نظرة السائح إلى حيث أرض الواقع الفقير المجدب، يقف الأوتوبيس فى قرية حيث يستعرض المخرج فى لوحات بديعة مساكن وحياة تلك البقعة الخالية من أى رفاهية، هبط السياح المسجونون داخل زنازين جلودهم إلى حيث رحابة وبساطة وفضول هؤلاء الفقراء، تضطر الزوجة لوقف النزيف بيد طبيب القرية البدائى صديق المترجم، أما التخدير فقد كان سيجارة مخدرات من صاحبة البيت العجوز. ترك الزوج الحائر وحيداً بينما هرب ركاب الأوتوبيس السياحى فراراً من شدة الحرارة، الزوج والزوجة وحيدان لا يعرفان مصير الطفلين، فى موزاييك سينمائى بديع تنتقل الأحداث متوازية من المكسيك واليابان.. المكسيك حيث تذهب المربية بالطفلين إلى حفل زفاف ابنها بعد الفشل فى العثور على من يجلس معهما، وأثناء العودة مع ابن أخيها يطارده البوليس الأمريكى على الحدود فيترك عمته والطفلين فى الصحراء على وعد أن يأتى إليهم ثانية، تهرول المكسيكية فى تلك الصحراء حيث العطش والجوع والسراب، يقبض عليها البوليس ويرحلها إلى المكسيك حيث لا يوجد معها تصريح عمل، إنه قهر الفقراء واغتراب البشر، أما فى اليابان فقهر من نوع آخر، بنت الصياد اليابانى الثرى صاحب البندقية محركة الأحداث، هى فتاة مراهقة صماء بكماء، مسجونة فى زنزانة الخرس وعزلة الصمم، لا تجد إلا جسدها لتعبر به كجسر تواصل، تبكى عارية فى حضن مفتش البوليس الذى جاء ليسأل عن مصدر البندقية التى قلبت العالم وفسرها الأمريكان على أنها حادث إرهابى، الفيلم ملىء بتفاصيل صغيرة ومثيرة، والمدهش أنها بلغة أهل كل بلد وفى الخلفية موسيقى آسرة غامضة، تجعل الساعتين والنصف مجرد دقائق، تخرج بعده وأنت أكثر عجزاً وحيرة، متسائلاً عن برج بابل الذى شيده البشر للصعود إلى السماء فعوقبوا باختلاف اللغات والأجناس والأماكن والطبقات، فأصابهم مرض الوسواس المزمن والخوف المتبادل والاغتراب الجماعى برغم وسائل التواصل الاجتماعى، فهل علمتنا عبثية الفيروس الشرس أن نتحد برغم التباعد المفروض، وأن نتحدث بحميمية برغم الكمامات؟

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بابل والسجن داخل زنزانة الجلد بابل والسجن داخل زنزانة الجلد



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab