عندما رأونا

عندما رأونا

عندما رأونا

 العرب اليوم -

عندما رأونا

بقلم - خالد منتصر

«بإمكانك أن تسامح لكنك لن تنسى، لا يمكنك نسيان ما فقدت، لا مال يمكنه استرجاع الزمن، لا مال بإمكانه إعادة الحياة التى فوّتناها أو الوقت الذى سُلب منا».

هكذا قال كورى وايز فى لقاء تليفزيونى، وكورى وايز هو أحد المتهمين فى واحدة من أشهر القضايا الأمريكية، والتى عُرفت باسم «قضية الاغتصاب فى سنترال بارك»، حكاية هذه القضية شاهدتها فى مسلسل من أربع حلقات، أعتبره من أفضل ما شاهدت من دراما مقتبسة عن قصة حقيقية، المسلسل بعنوان «عندما رأونا when they see us»، المسلسل إيقاعه فى منتهى السرعة وحبكته فى منتهى الانضباط، ورائحة حى هارلم فى نيويورك بكل المتناقضات والصراعات ومشكلات البشرة السوداء فيه تشمها فى كل التفاصيل.

الظلم أقسى كلمة فى قاموس اللغة، الفرق بين القانون والعدل وهل من الممكن أن نوجه دفة القانون نحو ما نرغب عكس العدل؟، هل هناك تعويض عن ضياع العمر فى السجن؟، وهل هناك طعم للبراءة بعد أن تظل فى زنزانة أكثر من عشر سنوات؟!، معانٍ ستقتحمك حتى النخاع طيلة مشاهدتك للمسلسل، وأحياناً تحس بأنك شخص مختنق داخل زنزانة، خمسة مراهقين ساقهم حظهم العاثر إلى الذهاب ليلاً لأشهر متنزهات نيويورك، سنترال بارك، تجمعهم شقاوة المراهقة والبشرة غير البيضاء، أربعة من البشرة السمراء وواحد من ذوى الأصول الإسبانية، فى نفس الوقت تُقتل شابة وتُغتصب فى هذا المتنزه، تسرع الشرطة إلى المكان وتعتقل هؤلاء الخمسة وهم يهرولون فى ظل الهرج والمرج الذى حدث، اثنان ١٤ سنة واثنان ١٥ سنة، والأخير كورى ١٦ سنة، يضغط عليهم فريق التحقيقات بمنتهى القسوة، وبدون وجود أولياء أمورهم، وبتلفيق إجابات على ألسنتهم، واختراع اتهامات من كل منهم للآخر ونقلها بينهم لتحطيم معنوياتهم، تسير الأمور فى المحكمة لصالحهم، فالأدلة متناقضة، والـ«دى إن إيه» لا ينتمى لأى واحد فيهم، وبالرغم من ذلك يصدر الحكم، مذنبون!! أربعة تحت السن القانونية يذهبون إلى مركز الأحداث أو التأهيل، أما الخامس، أكبرهم، فيذهب إلى السجن فى رحلة معاناة لم أشاهد أقسى منها، لدرجة أن كورى احتل الحلقة الأخيرة منفرداً، فقد تحطم تماماً، وتم الاعتداء عليه أكثر من مرة، وتنقّل بين أكثر من سجن، وتعرّض للموت وتهشيم الجسد مرات ومرات، حتى أصبح شبه جثة وربع إنسان. الخمسة كلهم تعرضوا لمصائب عائلية، لكن كورى بالذات كان أكثرهم تعرضاً للقسوة والدمار المعنوى والجسدى، منهم من خرج من السجن ليجد أباه قعيداً، ومنهم من خرج ليجد زوجة أم وقد أنجبت طابوراً من الأطفال، ليجد أن ملجأه الوحيد فى تجارة المخدرات... إلخ، كل منهم يحمل عار ووصمة مغتصب، لا يستطيع حتى بعد الخروج من مركز التأهيل أن يعمل فى أى مهنة، منبوذون، مكروهون، ما زال البوليس يراقبهم حتى بعد الإفراج.

فجأة يظهر القاتل الحقيقى الذى يقضى عقوبة السجن مدى الحياة فى جرائم قتل واغتصاب، لنعرف أن جريمة السنترال بارك هى واحدة من ضمن جرائمه، وأنه فعلها منفرداً، وتيقّن القضاء بعد فتح القضية أنه هو الجانى من تحليل الـ«دى إن إيه» ومقارنته، تم منح أكبر تعويض فى تاريخ أمريكا للخمسة، ٤١ مليون دولار مقسمة عليهم، لكن هل هناك تعويض بالفعل عن الخراب النفسى الذى حدث لهم، وطعم الظلم المر الذى ما زال فى الأفواه؟! المسلسل مكتمل من كافة الأوجه، خاصة التمثيل المذهل للمراهقين الخمسة، المسلسل يحتاج مساحات ومساحات، ولكن الدرس الدرامى قبل رمضان يتلخص فى الاختيار ما بين أربع حلقات مكثفة أم ثلاثين ممطوطة؟.

arabstoday

GMT 18:04 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل والمسرحية.. والمتفرجون

GMT 05:17 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (٦)

GMT 05:14 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

أمٌّ صنعت معجزة

GMT 05:10 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

بورصة أسماء الوزراء

GMT 05:07 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

الرد على الرد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما رأونا عندما رأونا



GMT 23:31 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
 العرب اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 22:06 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

3 عمليات حوثية ضد سفن ومدمرات أميركية وإسرائيلية

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 22:17 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين قبالة جربة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 10:46 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.3 ريختر يضرب شرق إندونيسيا

GMT 01:08 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab