كامالا هاريس «الجو» كبديل عن السياسة

كامالا هاريس: «الجو» كبديل عن السياسة

كامالا هاريس: «الجو» كبديل عن السياسة

 العرب اليوم -

كامالا هاريس «الجو» كبديل عن السياسة

بقلم : نديم قطيش

ثمة «جو» اسمُه كامالا هاريس. مناخ، لحظة، شعور... ماذا بعد؟

عبَرت كامالا هاريس امتحانَ المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي. شكَّلَ الحدث الذي استضافته مدينة شيكاغو نقطةَ تحول حاسمة في حملتها؛ إذ أعادت من خلاله تقديمَ نفسِها بصورة جديدة وخطاب سياسي بدا ساعياً لصفة تمثيلية أوسع لدى الجمهور الديمقراطي. ثمة إجماعٌ أن هاريس نقلت مزاج الديمقراطيين نحو الكثير من التفاؤل والبهجة، ونجحت في حقن القاعدة الديمقراطية بأسباب الإثارة والارتياح حيال المسار الجديد الذي اتخذته حملة الحزب الديمقراطي بعد خروج الرئيس جو بايدن من السباق.

كانَ لافتاً مثلاً تعديل هاريس لوجهتها اليسارية الواضحة، والتخفف من أثقال تركيزها سابقاً على قضايا الهوية والعِرق والإثنية والجندر. بشكل عام شكَّل خطابها الشخصي، وعموم مخرجات المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، انطلاقة جديدة، من خلال إعادة التركيز على موضوعات مشاكل الطبقة الوسطى، وتقوية الاقتصاد الأميركي، والإفراط في تظهير الاهتمام بمشاكل التضخم وتكاليف المعيشة وجشع الشركات وأصحاب الاحتكارات وهموم الرعاية الصحية. ويعد هذا التحول نحو الوسط استراتيجية فطنة من قبل الديمقراطيين بغية استقطاب جمهور أوسع في انتخابات تدل كل المؤشرات على أن الفوز فيها سيحصل بهوامش ضيقة بين الحزبين. كما أنه، والأهم، تحول يحسم صراعاً ديمقراطياً داخلياً حول هوية الحزب الديمقراطي ومساره منذ انتخابات 2016 بين هيلاري كلينتون ودونالد ترمب. وهي وجهة أسَّس لها وصول الرئيس باراك أوباما كأول رئيس من أصول أفريقية في تاريخ أميركا، وتفاقمت حدتها مع موجة «بلاك لايفز ماتر» عام 2013. تميزت هذه الحقبة بتصدر سياسات الهوية خطاب الحزب الديمقراطي، في مقابل استثمار الجمهوريين مع دونالد ترمب في الخطاب الاقتصادي الشعبوي، وتجييش الوطنية الأميركية التي يختصرها عنوان: «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى». بيد أن إعادة التغليف والتسويق هذه التي خضعت لها كامالا هاريس، جاءت شحيحة على مستوى السياسات الموصلة إلى علاجات واقعية للمشكلات التي تصدت لها. قدمت هاريس وعوداً وأمنيات سياسية واقتصادية واجتماعية، أكثر مما قدمت مقترحات محددة وأجندات تفصيلية. وبدا فقرها واضحاً في السياسات الخارجية والدفاعية في لحظة تتعرض فيها الولايات المتحدة لحزمة تحديات من أنظمة ودول ساعية بجد وكد، لإعادة تعريف النظام العالمي وتوازناته.

بدا خطابها حول السياسة الخارجية مثلاً محاولة فارغة لإظهار التزامها التفوق العسكري الأميركي والافتخار الوطني على المسرح الدولي من دون تقديم أي مضمون حقيقي، ما جعل مواقفها تبدو كجهد سطحي لتلبية التوقعات واللوازم، بدلاً من التعبير عن استراتيجية حقيقية لمعالجة التحديات العالمية المعقدة التي تواجهها أميركا. عباراتها الجوفاء حول قضايا دولية معقدة أثارت وتثير مخاوف جدية حول قدرتها على القيادة على الساحة الدولية.

حتى الآن تقدم حملة هاريس الرئاسية نموذجاً لافتاً لاستراتيجية سياسية حديثة، تقوم على التأثير العاطفي وخلق الأجواء الإيجابية كبديل عن المقترحات السياسية التفصيلية والأجندات المحددة لكسب الناخبين. ثمة ضجيج دعائي اسمه «الأمل» المنبعث من ترشيح كامالا هاريس، من دون تقديم إجابات محددة عن مشاكل محددة سيكون على هاريس الرئيسة أن تتعامل معها، وفق معطيات واقعية وأرقام وتحالفات وقوانين.

لا يُختلف على قوة الأمل كأداة سياسية فعالة في الحملات السياسية، بسبب قدرته على إلهام وإثارة الناخبين وتوحيدهم حول رؤيةٍ ما للمستقبل. ولكن التركيز على الأمل وحده لتلميع صورة هاريس، قد يخفي التحديات الحقيقية التي تواجهها البلاد، ويُوظَّف ربما للتغطية على افتقارها لخبرات القيادة العملية اللازمة للحكم بشكل فعال.

ما قدمته هاريس حتى الآن لا يتجاوز تعديل صورتها كمرشحة الحزب الديمقراطي من دون إيضاح جوهر مشروعها السياسي أو الاقتصادي أو الإصلاحي، ومن دون مصارحة الناخبين بشأن التحول الذي طرأ على مواقفها من القضايا الحيوية، وموجبات انزياحها من يسار الحزب إلى وسطه.

ولئن تجاوزت امتحان المؤتمر الحزبي ونجحت في إعادة تعريف الحزب الديمقراطي وضبط توجهاته، فإن اللحظة الرئيسية المقبلة بالنسبة لها ستكون المناظرة مع دونالد ترمب يوم العاشر من سبتمبر (أيلول). لا يغيب طبعاً أن إعادة تقديم كامالا هاريس للأميركية كـ«قائدة رؤيوية» تتناقض بشكل صارخ مع صورتها السابقة كـ«عبء» كبير على الديمقراطيين، بسبب رداءة أدائها كنائبة للرئيس، وهو ما يطرح الكثير من الشكوك حول أصالة صورتها الجديدة ومتانتها. فقد جرى الاشتغال على تغليف وتسويق هاريس الجديدة بعيداً عن الإعلام والمحاسبة، وبذل الكثير من الجهد للنأي بها عن أي مناسبة تشكل تحدياً للصورة التي يعاد بناؤها وتسمح بالتدقيق في تفاصيلها. والحال، فإن المناظرة المنتظرة ستشكل أكبر امتحاناتها؛ لأنها ستكشف عن مدى قدرتها على إخفاء أو تجاوز أوجه القصور التي تعتري خبرتها وتجربتها، وما إذا كانت السردية الجديدة مدفوعة بالضرورات السياسية أم أنها تعكس فعلاً قدرات هاريس القيادية الحقيقية.

 

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كامالا هاريس «الجو» كبديل عن السياسة كامالا هاريس «الجو» كبديل عن السياسة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab