بايدن وإيران وحرائق الشرق الأوسط

بايدن وإيران وحرائق الشرق الأوسط

بايدن وإيران وحرائق الشرق الأوسط

 العرب اليوم -

بايدن وإيران وحرائق الشرق الأوسط

بقلم - نديم قطيش

خلال الأسابيع القليلة الماضية أقدمت واشنطن على ما تعدّه طهران سلسلة تراجعات مهمة:
1- في رسالة إلى مجلس الأمن أرسلها السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة بالإنابة، أبلغت الإدارة الأميركية مجلس الأمن عدم اعترافها بمزاعم إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بأن العقوبات الأممية كافة أعيد فرضها مجدداً على إيران من طرف واحد.
2- أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن رفع جماعة الحوثي من قائمة المنظمات الإرهابية، مع بقاء قادة حوثيين تحت العقوبات الأممية.
في المقابل؛ بعثت إيران برسائل تصعيد واضحة توزعت على عموم الجبهات التي تمتلك فيها طهران نفوذاً وأدوات:
1- تعرضت قاعدة عسكرية أميركية في أربيل بشمال العراق لهجوم صاروخي، أدى إلى مقتل متعاقد مدني وإصابة تسعة أشخاص آخرين؛ بينهم جندي أميركي. ويعتقد على نحو واسع أن الهجوم تقف وراءه ميليشيات تابعة لإيران.
2- فاقمت ميليشيا الحوثي، التابعة لإيران، من وتيرة هجماتها على مدن سعودية بالمسيّرات المفخخة والصواريخ، بشكل غير مسبوق.
3- اغتيل أحد أشرس المعارضين اللبنانيين الشيعة لـ«حزب الله» وإيران في لحظة انتقالية معقدة بين إدارتين أميركيتين مختلفتين تماماً. ويعتقد أن قرار الاغتيال الذي طال لقمان سليم قرار اتخذه ونفذه «حزب الله».
4- زادت إيران من تفلتها من ضوابط الاتفاق النووي الموقع بينها وبين مجموعة «5+1»؛ إنْ لجهة زيادة عدد أجهزة الطرد المركزي المتطورة، وإنْ لجهة رفع درجات تخصيب اليورانيوم، وفرض قيود على مساحة عمل فريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعرقلة جهودها التفتيشية.
5- ردت إيران بسلبية فاقعة على خطوات سياسية أرادتها إدارة بايدن أن تكون مستهلاً للحوار بين البلدين، وجددت تمسكها بشرط رفع العقوبات عنها كاملاً قبل العودة إلى الاتفاق النووي.
في إيران احتفالات مبكرة بما يروّج له النظام على أنه تراجعات أميركية كبرى، وهذا مفهوم بعد سنوات من الإذلال العلني الممنهج الذي مارسته إدارة ترمب لنظام الملالي، وحاجة النظام لترميم بعض الهيبة والحضور. بيد أن إعلان طهران أن الخطوات الأميركية غير كافية كي تعود إلى التزاماتها النووية بموجب «اتفاق 2015»، يكشف عن إدراك صانع القرار السياسي الإيراني أن الخطوات الأميركية أشبه بالخطوات الرمزية. فرسالة الإدارة الأميركية إلى الأمم المتحدة عن سحب قرار البيت الأبيض السابق إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، بمثابة «لزوم ما يلزم»، حيث إنه لا توجد دولة من دول مجلس الأمن كانت معنية فعلاً برسالة ترمب. يشبه الأمر بيع إيران من كيسها، حيث إن إدارة بايدن تعطل قراراً لم تكن له أي مفاعيل حقيقية، في حين أن العقوبات الأخرى القائمة، التي لا يشي شيء بقرب التراجع عنها، كبَّدت إيران، باعتراف محمد جواد ظريف، ما يفوق التريليون دولار!
في واشنطن خطوات مدروسة أقرب إلى الرمزية وإعلان النوايا؛ منها إلى التغييرات الجذرية في معركة الاشتباك النووي مع إيران.
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أعرب، بعد الاجتماع مع الثلاثي الأوروبي؛ الألماني - البريطاني - الفرنسي، عن استعداد بلاده للتباحث الدبلوماسي مع إيران بهدف إحياء الاتفاق. وذيل هذه النية بالشروط المعلنة؛ وأبرزها ثلاثة:
1- عودة إيران إلى التزاماتها بشروط «اتفاق 2015».
2- بدء التفاوض على تعديلات أساسية على نص الاتفاق، بعد مضي نحو ست سنوات على توقيعه.
3- بدء التفاوض مع إيران على اتفاقات مكملة تطال عناوين «البرنامج الصاروخي» و«دعم إيران الميليشيات المذهبية في الشرق الأوسط».
يبدو الوقت عدواً للطرفين؛ الإيراني والأميركي.
فإيران على موعد مع انتخابات رئاسية مهمة خلال أربعة أشهر، قد تؤدي إلى تغيير المشهد السياسي في إيران بالكامل، وتعيد خلط التحالفات وتوزيع مراكز القوى، في ضوء الفراغ الاستراتيجي الذي خلفه مقتل قاسم سليماني. لا حصر للمفاجآت المحتملة في هذا السياق، والتي تتوزع على طيف عريض تحده من جهة عودة مختلفة بالكامل لمحمود أحمدي نجاد، المتحول إلى شخصية قومية إيرانية، ومن جهة أخرى تصعيد إحدى شخصيات «الحرس الثوري» كما كان المشروع العميق لسليماني، وهو تحويل إيران إلى حكم عسكري بعمامة.
أما أميركا فلا تملك ترف التركيز على الملف النووي، في ظل الملفات الضاغطة الأخرى، لا سيما ملفي «إدارة النتائج الصحية والاقتصادية لجائحة (كورونا)»، و«الحوار الاستراتيجي مع الصين».
من هنا تثابر إيران على التصعيد. وتثابر واشنطن على الممالأة. تقول الأولى للثانية إن أثمان عدم التفاهم معها كبيرة، وإنها غير مردوعة كما كانت أيام ترمب. وتقول الثانية للأولى إنها جادة في الاتفاق السياسي وإحياء الدبلوماسية، لكنها تبحث عن مرونة إيرانية مفقودة.
حتى الآن يبدو موقف واشنطن جدياً في عدم التفريط أكثر من اللازم، رغم التفسيرات المختلفة التي تعطيها إيران للخطوات الأميركية والتي تحسبها تشجيعاً على التصعيد، وتسامحاً مع الشغب.
لكن عدم التفريط غير مطمئن. مشكلة واشنطن أنها تسعى عبر «النووي» لمعالجة مشكلات أخرى لا علاقة لها بالملف النووي الإيراني. فبايدن يخوض حرباً شبه عقائدية مع إرث إدارة ترمب وعموم موجة اليمين الشعبوي الأميركي، وقد اختار الملف النووي ليكون ساحة الحرب هذه. عبر «النووي الإيراني» يريد بايدن أن يقول إن أميركا ليست بلطجي العالم، وإنها ملتزمة بتحالفاتها مع أوروبا، وإنها تضع الدبلوماسية أولاً، وإنها تقود العالم بـ«قوة النموذج» لا بـ«نموذج القوة».
يسهل إذّاك أن تنزلق واشنطن لتسوية مع إيران بحسابات الربح في أميركا، لا بحسابات الخسائر الكبرى في الشرق الأوسط.
فإيران تفهم الممالأة والمحاباة الأميركية تصريحاً لها بالعربدة في الشرق الأوسط. هذا ما مارسته بالحرف بعد الاتفاق النووي عام 2015، حين تصدر الساحة قاسم سليماني بميليشياته؛ لا جواد ظريف بابتساماته وملفاته.
الحقيقة التي يجدر ببايدن الاعتراف بها أن التشدد مع إيران لم يؤدِ إلى حرب، كما أسرف المعلقون والسياسيون الديمقراطيون في التحذير قبل اغتيال سليماني وبعده. كما لا يجدر به وضع التشدد السياسي في ملف محدد، والليبرالية بوصفها منظومة فكرية، على طرفي نقيض. يمكن لإدارة بايدن أن تتشدد مع إيران وتغيير صورة أميركا في الوقت نفسه.
أهمية التشدد أنه ردع إيران وأدَّب ساستها، وأدخلها في محنة هيبة عميقة أمام العالم وأمام الإيرانيين.
في المقابل؛ فإن الممالأة والمحاباة، بما ينطويان عليه من إهمال مقصود أو غير مقصود لمصالح استراتيجية لدول في الشرق الأوسط والسعودية والإمارات ومصر وكذلك إسرائيل، هما الطريق المضمون نحو التصعيد في الشرق الأوسط وربما الحرب.
المنطقة باتت تتحدث بلسان واحد، منطوقه يقول إن الاتفاق السابق مضر بمصالحها المباشرة. تجاهلُ إدارة بايدن ذلك هو أقصر الطرق إلى حرائق الشرق الأوسط، خصوصاً أن دول المنطقة لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء تهديد مصالحها أو السماح لواشنطن بأن تقرر عنها ما يهدد أو يحمي أمنها القومي.

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بايدن وإيران وحرائق الشرق الأوسط بايدن وإيران وحرائق الشرق الأوسط



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab