الأهم الأعظم بعد المهم العظيم

الأهم الأعظم بعد المهم العظيم

الأهم الأعظم بعد المهم العظيم

 العرب اليوم -

الأهم الأعظم بعد المهم العظيم

بقلم - فـــؤاد مطـــر

تكون جالساً كما في نهاية نهار من الكتابة والبحث وترتيب الأوراق على كنبة من دون سائر الكنبات كونها تساعد في تخفيف آلام متقطعة في العمود الفقري وفي العنق، وتستكمل مع رشفات من القهوة قراءة صحيفتك الخضراء التي تعوِّض بصفحاتها الأربع والعشرين الذبول المتدرج لصحافة البلد الذي كان منارة وأوصلتْه الأحزاب والحركات والتيارات السياسية إلى أنه نزيل العناية الفائقة يرنو إلى مَن يعيد إليه حيويته ويستأنف دوره.
فجأة ينسكب فنجان القهوة على قميصك وعلى «الشرق الأوسط» التي تستكمل الاطلاع عليها، بفعل هزة خفيفة، ثم فجأة تجد نفسك مع دوي انفجار هائل هزّ العمارة التي فيها شقة سكنك، وقد بتّ تقع أرضاً على مسافة 3 أمتار من الكنبة التي تجلس عليها. ثم ينتابك الذهول من الذي حدث وأصابك وتبدأ السعي لمعرفة أين حدث هذا الانفجار الهائل. وحيث إنك عشت تماماً لحظة تفجير الرئيس رفيق الحريري قبل 15 سنة وأنت إلى مكتبك تحبِّر إحدى مقالاتك، فقد ذهب الخاطر إلى أن الفاجعة الحريرية ربما تكررت وأن المستهدف هذه المرة هو الحريري الابن رئيس الحكومة السابق، وأن التفجير بغرض أن تطوي المحكمة الدولية إعلان قرارها الظني حول جريمة الحريري الأب وتنشغل بالحدث الثاني الذي ضحيته (افتراضاً) الابن سعد الدين رفيق الحريري.
مثل هذه الخواطر الافتراضية (تشير فيها إلى ما حدث معك) طبيعية ولم تقتصر عليك وإنما وردت في خاطر كل لبناني بدأ عملية العد العكسي ليوم الجمعة 7 أغسطس (آب) 2020 يوم إصدار القرار القضائي الدولي.
كل لبناني أو مقيم في لبنان روى الذي أصابه لحظة الدوي الأهول وغير المسبوق في حياة لبنان المتقاتل أو المستهدَف. وكل من هؤلاء بدا مذهولاً في اليوم التالي، وهو يرى ما لا سابق لرؤيته في أزمان حربية مضت. يسير في الشارع على أكوام من الزجاج المكسور ويتحاشى وهو يسير سقوط بقية نافذة أو شرفة على رأسه، ويبدأ الاستفسار عن أهل أو أحبة أو أصدقاء. ويحاول من خلال الفضائيات الوقوف على حقائق ومعلومات في هذا الذي حدث. وكانت تعليقات المسؤولين تستفزه كونها منزوعة المصداقية. وكلما كانت هذه الفضائيات تعيد بثّ صور الانفجار الهائل وما أحدثه في مبانٍ ومستشفيات تصدعت، فإن مشاعر الهلع كانت ترافق لحظات المشاهدة. وعلى وقع الأسى على عائلات تشردت ومفقودين غير واضح مصيرهم، هل هم تحت الأنقاض، وهل ابتلعهم البحر على نحو ابتلاع بحر بيروت في الستينات للزعيم السياسي الاقتصادي المسيحي الماروني المستقيم الرأي إميل البستاني، الذي كم هو لبنان في حاجة إلى سياسته ووطنيته ورؤيته التعميرية يأخذ بها اليوم، وبعده مَن يتبوأ منصب الرئاسة، ويكمل ما بدأه رفيق الحريري. فهكذا تبنى الأوطان، وتصان العلاقات مع الدول، وهكذا لا تصل الحال باللبناني إلى درجة اليأس، ويرى أن هذا الوطن بحاجة إلى إدارة أممية له، تضع حداً لكل ما يعطل حياة بنيه. ومثل هذا الشعور الذي يصيب النفس اللبنانية الحزينة، تجده حاضراً عند الذين ضاقوا ذرعاً بحقبة من السنوات، حل فيها الباطل من جانب أكثرية أهل السياسة والتحزب محل الحق.
وهذا الحضور هو الذي حقق قبولاً عفوياً لدى الناس من الدعوة التي أطلقها البطريرك الراعي، وزادت ويلات الانفجار في مرفأ بيروت من الاقتناع بالحياد حلاً لهذا الوطن الذي يتعامل بعض أولي التحزب المذهبي المضمون معه على أنه ساحة وليس وطناً. ويا ليت متفقد الفاجعة الرئيس الفرنسي ماكرون يعزز للبنانيين المقدِّرين إطلالته التفقدية عليهم، التي تذكِّرنا بالإطلالة الشيراكية التفقدية في بيروت مع الرئيس رفيق الحريري، يتبنى هذا التوجه... بل يساعد في تسويقه.
ما بعد الحدث المهم عصر يوم الثلاثاء 4 أغسطس 2020 قد يكون ما ربما يحدث في لحظة غفلة هو الأهم الأعظم، والذي يستوجب التنبه فالتدارك. ونقول ذلك على أساس أن واقعة المرفأ ربما تليها واقعة مماثلة في المطار وفي المنطقة المحيطة به، حيث هنالك كما تحت عمارات كثيرة تجاوره، وعمارات في مناطق بيروت، مستودعات هي شكلاً لتخزين تجاري، لكنها في واقع الحال لتخزينات استراتيجية، من نوعية تخزينات في أماكن كثيرة من المرفأ.
وأصحاب هذه التخزينات لديهم مشروع معلن عنه وتصريحات يدلون بها بغرض التهويل أو رفع المعنويات. وعندما يدار الوطن أممياً لفترة زمنية محددة، فإن مثل هذه التخزينات تصبح تحت السيطرة إلى أن يقضي الله أمراً يدعو اللبناني على مدار الساعة رب العالمين إلى حسمه وفي الوقت نفسه يعزز مزية الصبر لديه. ويحضرنا قول الشاعر العربي الذي كأنما كان يلخص حال اللبناني عندما فاضت قريحته بالأبيات الآتية: سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري... وأصبر حتى يأذن الله في أمري. وأصبر حتى يعلم الصبر أنني... صبرت على شيء أمر من الصبر.
وإلى جانب الصبر على ما حدث، هنالك تكراراً وجوب الحذر الشديد لما يمكن أن يصيب المطار. وبالقدر نفسه التنبه لمفاعيل ما هو مختزَن في مستودعات في أبنية، من حق ساكنيها أن يناموا مطمئنين، ومن دون الخشية أن يصابوا بما أصاب الألوف من فاجعة المرفأ. ويا ليت يصار إلى تفريغ كل المختزنات في هذه المستودعات قبل فوات الأوان.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأهم الأعظم بعد المهم العظيم الأهم الأعظم بعد المهم العظيم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab