بقلم - فـــؤاد مطـــر
ثمة فرصة أمام «حزب الله» إذا هو استغلها يلقى إعادة نظر في التصنيف الدولي، وإن كانت المواقف لم تكتمل بعد، وفي موقف عموم العرب وليس فقط دول الخليج، على أنه «تنظيم إرهابي».
الفرصة المواتية التي نعنيها هي إطلالة استثنائية من إطلالات الأمين العام للحزب حسن نصر الله يقول فيها من الكلام ما من شأنه إحداث تبدل في التقييم ومنجاة من صفة الترهيب.
كان آية الله الخميني فيما يعرف بـ«الفتوى الخمينية» سلّم بعدم جدوى الحرب مع العراق وتقليل حجم الضرر من استمرارها، فكانت عبارته التي يجوز اعتبارها «فتوى» كونها صدرت عن الخميني رجل الدين، وليس عن كبير جنرالات إيران.
بهذه «الفتوى» قلل حجم الضرر الذي بات مع استمرار العناد في التفاوض وبرعاية الأمم المتحدة، يجعل إيران على مشارف الهاوية.
مثل هذه «الفتوى» جدير بالمرشد علي خامنئي ضميرياً اعتمادها رأفة بالرعية اللبنانية الإيرانية الهوى والتي لا ترى في الدولة الإيرانية الملاذ لها. وطوال اشتداد الأزمة في لبنان ماضياً وحاضراً لم ير شبان من هذه الرعية أن مستقبلهم في المدن الإيرانية. ومن جانبها فإن الحكومات الإيرانية المتعاقبة لم تشوق الألوف من أفراد تلك الرعية إلى طلب العمل والأمان والدراسة في رحابها. وتلك نقطة نظام من واجب نصر الله التوقف عندها بما يعني ذلك الكثير. وهو لا بد يرى أن الجيل الشاب اليائس في الرعية اللبنانية الإيرانية الهوى يطرق أبواب السفارات الأجنبية والسفارات الأفريقية والسفارات الخليجية والسفارة المصرية للحصول على تأشيرة سفر إلى هذه الدول الشقيقة والصديقة والاستكبارية منها، وأما الذين يطرقون باب السفارة الإيرانية فأفراد يروم بعضهم إما دورة تدريبية وإما التبرك ببعض أضرحة رموز دينية.
هذا الواقع من المهم استدراكه، فالمفاجآت التي في علم الغيب قد تكون إحداها ذات ساعة تغيير في إيران مثل التغيير الذي قضى بأن الإمبراطور محمد رضا بهلوي انتهى لاجئاً في حِمى مصر التي ما انفك النظام الثوري الإيراني يناصب مكانتها ودورها التحرش من خلال ثغرات مذهبية. وقد تكون المفاجأة من النوع الذي جرى في الاتحاد السوفياتي حيث هزَّ الكيان الماركسي وكامل أباطرته حراك على مستوى أهل الحكم قوبل بارتياح شعبي أعقبه تأييد جارف للصفحة الجديدة في تاريخ الدولة العظمى.
لعل هذا الاستحضار «الفتوى الخمينية» يكون قارب النجاة مما قد ينتهي أعظم بالنسبة إلى الرعية اللبنانية الإيرانية الهوى. ومثل هذه الأمنية منشودة ومطلوبة من أمين عام حزب الله، علماً لو أن طقوس العمل الحزبي كانت رحبة، بمعنى كان هنالك نقاش رحب لواقع الحال ومساحة رحبة لتسجيل الرؤى والمواقف وليس الحال على نحو أسلوب الجنرال وأركانه أي التنفيذ ثم المناقشة إذا فسح المجال لها، لكنا سنرى أن الصوت الذي يرى إعادة النظر ولو «اقتباساً شرعياً» لما سبق وأفتى به الإمام الخميني سيعلو بعض الشيء على صوت المكابرة والتحديات.
ويبقى أن مناسبة هذا الذي نقوله أن قرار «اعتبار حزب الله منظمة إرهابية» لم يعد أميركياً وإنما هنالك المزيد من الدول الأوروبية وكذلك أستراليا التي كانت إحدى دول مقصد أبناء الطائفة اللبنانية الإيرانية الهوى ولقد اتخذت القرار نفسه. ويوماً بعد آخر سنسمع المزيد من هذه القرارات.
ثم هنالك قمة خليجية ستعقد بعد أيام، وهذه ستؤكد ما هو مؤكد سابقاً من جانبها لجهة تصنيف «حزب الله» إرهابياً. وبعد القمة الخليجية هنالك القمة العربية الدورية قد تجد نفسها تماشي الموقف الخليجي حتى إذا كانت هنالك تحفظات خجولة، وتعتبر «حزب الله» إرهابياً. وهذا سيتم بحضور رئيس لبنان أو من يمثله. وتلك لحظة الحسم الرسمي اللبناني امتناعاً جاء عن التصويت أو إبداء بعض التحفظ، أو لدواعي التحالف القائم قد يكون الموقف دفاعاً عن الحزب الذي سينتهي التعامل الدولي - العربي مع أوضاعه إلى أنه «داعش» الشيعية بتصنيف المجتمع الدولي له. وتلك طامة كبرى لا يبعدها عن الرعية اللبنانية ذات الهوى الإيراني سوى اقتباس حسن نصر الله «فتوى» الإمام الخميني واعتبار الحراك الدولي – الأميركي الأوروبي – الأسترالي بوجه التحديد، ومعه الموقف الخليجي المحسوم بأنه كما العقوبات المتدرجة كانت رسالة في انتظار الرد الواقعي عليها، أي اعتماد الممانعة السياسية عند الوجوب كما حال السلطة الوطنية الفلسطينية رمز القضية وإهداء السلاح لجيش البلاد والعباد، وعودة الذين حملوه واستعملوه إلى مجتمعهم المدني. والله الهادي.