ما بعد المحكمة الدولية

ما بعد المحكمة الدولية!

ما بعد المحكمة الدولية!

 العرب اليوم -

ما بعد المحكمة الدولية

بقلم - حسين شبكشي

ما إن أعلنت محكمة العدل الدولية قرارها الأخير الخاص بدعوى جمهورية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل والتي اتهمت إسرائيل بممارسة جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين حتى انهمك الكثيرون من القانونيين المتخصصين في قراءة وتفسير ما جاء في القرار؛ وعلى الرغم من كون القرار لم يدِن إسرائيل بصريح العبارة بارتكابها جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، فإن القرار أدان إسرائيل وحمّلها مسؤولية تعريض حياة الشعب الفلسطيني للقتل بشكل ممنهج ،ومنحها فرصة شهراً لتقديم البراهين التي تثبت التزامها.

وبعد عاصفة الرفض والتنديد والتشكيك واتهامات التمييز والعنصرية ومعاداة السامية بحق محكمة العدل الدولية التي قامت بها إسرائيل والأبواق الإعلامية المنتشرة فور صدور القرار... ماذا كان رد إسرائيل العملي، على أرض الواقع في مقر المجازر التي تقوم بها، في قطاع غزة؟ كان الرد بقتل أكثر من 190 فلسطينياً في أكبر حصيلة للقتلى الفلسطينيين في يوم واحد. كانت الرسالة الإسرائيلية في غاية الوضوح. لا يهمنا شيء.

ولم تمضِ ساعات قليلة بعد ذلك إلا وأن فاجأت إسرائيل العالم باتهامها العنيف لمنظمة الأمم المتحدة الإغاثية الأهم والأكبر والأكثر فاعلية وتأثيراً في قطاع غزة، منظمة «الأونروا» بأن موظفيها متواطئون مع الأحداث التي حصلت عليها يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وعلى الرغم من أن إسرائيل لم تقدّم حتى لحظة كتابة هذه الكلمات أي دليل يثبت الاتهامات التي ساقتها بحق منظمة «الأونروا»، فإن دولاً غربية ذات ثقل كبير، عُرفت بتأييدها المطلق لإسرائيل بقيادة الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا وأستراليا قامت بالتعليق الفوري لتمويل عمليات هذه المنظمة الإغاثية والتي بها أكثر من أربعة عشر ألف موظف في غزة يشرفون على مخيمات لاجئين ومستشفيات ومدارس وملاجئ.

ولم تتوقف إسرائيل عند هذا الحد، بل اتهمت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بدعم الإرهاب ضد إسرائيل لمطالبته بالحفاظ على تمويل «الأونروا» لدواعٍ إنسانية ضرورية وملحة.

لم تعتبر إسرائيل، في أي يوم من الأيام، منظمة الأمم المتحدة صديقة لها، بل على العكس تماماً كانت تعتبر هذا المكان «مسرحاً لأعداء إسرائيل لتنفيث الكراهية ضدها» كما صرح أحد المسؤولين الإسرائيليين ذات يوم. وبالتالي، فهي اليوم من خلال تصرفاتها بعد قرار محكمة العدل الدولية تسعى إسرائيل لشيطنة مؤسسات الأمم المتحدة وإثارة الجدل والتشكيك في موظفيها وسياساتها وقرارتها.

وعملياً، لا يمكن أن يكون هناك تفسير جاد لمسالة تجميد التمويل سوى بأنه تعطيل حقيقي وعملي لقرار محكمة العدل الدولية بحق إسرائيل.

في الناحية الأخرى، هناك وجهة النظر الآتية من الدولة صاحبة القضية، جمهورية جنوب أفريقيا والتي صرّحت وزيرة الخارجية فيها بأنَّ قرار محكمة العدل الدولية الصادر بحق إسرائيل هو قرار «تاريخي وغير مسبوق»، وهذا هو تماماً السبب في توتر وقلق إسرائيل وتصرفاتها الموتورة وتصريحاتها غير المنطقية ولا المتوازنة.

ولعلَّ أهم نتيجة خرجت بها دعوى جمهورية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، هي كسر الحاجز النفسي وإيجاد سابقة قانونية في غاية الأهمية قد تفتح شهية دول أخرى لعمل الشيء نفسه، وبالتالي رفع قضايا جديدة ضد إسرائيل، ولعل من أهم الدول التي قد تقدِم على خطوة كهذه هي دول أميركا اللاتينية مثل بوليفيا وهندوراس على سبيل المثال لا الحصر وقد تأتي مفاجأة، وإن كانت مستبعده، فتقدم دول أوروبية مثل إسبانيا أو بلجيكا كخطوة كهذه؛ وذلك قياساً على بعض التصريحات من بعض مسؤوليها والتي أدانت إسرائيل بشكل واضح وغير مسبوق.

العقلية الاستعمارية الاستعلائية التي لا تزال مسيطرة على أروقة صناعة القرارات الأممية فلا تساوي بين كل المظلومين ولا كل المحتلين، وهذا يفقد بطبيعة الحال الصدقية الأخلاقية والجدارة المبادئية وهي معضلة عميقة أمام القوى الكبرى التي ترفع الشعارات الحقوقية وتبني شرعيتها على تحقيق تلك الشعارات بعدل ومساواة، ولكن تتفتت هذه الشعارات عندما تصطدم بصخرة دعم وحماية إسرائيل.

قرار محكمة العدل الدولية بحق إسرائيل هو صفحة جديدة تشهد بوضوح على انتهاكاتها حقوق الفلسطينيين ومواصلة ارتكاب الجرائم البشعة بحقهم، ويبقى الأمل قائماً في أن تكون لهذه القرارات المهمة أنياب ومخالب لتنفيذ توصياتها ووضع حد فوري وحاسم لإراقة دماء الأبرياء.

arabstoday

GMT 05:14 2025 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

البخيل الباني الباذخ

GMT 05:12 2025 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

الذكاء الاصطناعي وكعب بن سعد الغنوي!

GMT 05:10 2025 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

سؤال السلام... مع الفلسطينيين أو من دونهم

GMT 05:08 2025 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

ما زال الأمل كبيراً

GMT 05:06 2025 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

مصالح متقاطعة: ترمب والشرق الأوسط

GMT 05:04 2025 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

النفط في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين

GMT 05:03 2025 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

أشكال متعددة من توجهات ترمب

GMT 05:01 2025 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

كلام الطمأنينة للنفوس العربية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد المحكمة الدولية ما بعد المحكمة الدولية



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:42 2025 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

غوغل تكشف موعد تغيير تسمية خليج المكسيك
 العرب اليوم - غوغل تكشف موعد تغيير تسمية خليج المكسيك

GMT 12:06 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

أنغام في أول حفل بعد أزمة عبد المجيد عبدالله

GMT 11:50 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تكشف حقيقة زواجها سرّاً

GMT 11:53 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

يسرا اللوزي تكشف أسلوبها في التعامل مع التنمر

GMT 11:59 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

روجينا توجّه رسالة مؤثّرة لرانيا فريد شوقي

GMT 06:42 2025 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

غوغل تكشف موعد تغيير تسمية خليج المكسيك

GMT 15:48 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

محمد إمام يشعل مواقع التواصل برسالته لعمرو دياب

GMT 15:45 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

هيدي كرم تعلن رأيها في عمليات التجميل

GMT 15:52 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

رانيا فريد شوقي تردّ على التنمر بها

GMT 16:12 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

إياد نصار يتحدث عن تحديات مسلسله في رمضان

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:19 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

صابر الرباعي يطرح أحدث أغانيه مخزون السعادة عبر يوتيوب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab