خطر المشروع الإيراني

خطر المشروع الإيراني

خطر المشروع الإيراني

 العرب اليوم -

خطر المشروع الإيراني

بقلم - حسين شبكشي

تحيي الميليشيات والتنظيمات الإرهابية التابعة لإيران ذكرى مقتل الجنرال قاسم سليماني (الذي كان يعرف رسمياً بأنه قائد ميليشيا «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني). رفعت صوره العملاقة المحاطة بعبارات تمجيد وتبجيل خيالية، ونصبت الخيام والصواوين لإقامة العزاء المتجدد، ولكن الغرض الأساسي يبقى للاستغلال الأمثل لرحيله في الترويج والتسويق وبيع فكرة المقاومة للجمهور. وهذا يفسر سر اختيار أسماء هذه الميليشيات والتنظيمات الإرهابية لتكون «عاطفية وجذابة» مثل «حزب الله»، الذي هو اسم مستوحى من آية قرآنية، و«فيلق القدس»، اسم يضم فيه المدينة المقدسة المغتصبة، التي بها أولى القبلتين بالنسبة للمسلمين.
سيسعى مسوقو محور المقاومة لتحقيق أفضل العوائد العاطفية من مقتل سليماني وخلق منه بطل أسطوري وخيالي، يتجاوز في سرديته المحكية ما يروى في السير الشعبية التي احتلت مكانتها المميزة في الفولكلور الجماهيري، مثل ما يروى عن سيرة أبو زيد الهلالي، وعنترة بن شداد، وهو ما يحصل في المجتمعات الغربية أيضاً بسردياتها عن شخصيات مثل روبن هوود، ودون كيشوت على سبيل المثال. ولكن ما يحصل مع قاسم سليماني هو أشبه بسردية تخص «سبايدر مان» و«بات مان» هاتين الشخصيتين الخياليتين، اللتين تم ابتكارهما للترفيه والتشويق والإثارة والتسلية، وبالتالي تبقى مصداقية القصة محكومة بخيال واسع وعريض لا حدود لمداه وبعده.
حاول إعلام محور المقاومة قبل مقتل سليماني، وبعد مقتله، تكريس فكرة البطل الأسطوري بحقه في ذهنية المشاهد المتلقي، فكان يروج لفكرة «رؤيته» من قبل شهود عيان في حلب وفي بغداد وفي صنعاء وفي بيروت في الوقت ذاته لإثبات بشكل عاطفي ساذج قدرات الرجل الخارقة. ولكن الحقيقة كانت تقول وتؤكد شيئاً آخر تماماً عن قاسم سليماني، فتعددت شهادات العراقيين والسوريين واللبنانيين واليمنيين والفلسطينيين لتفضح جرائمه الدموية ضدهم (ولم يسقط أي جندي إسرائيلي بالمناسبة على يد قاسم سليماني ليؤكد كذب ادعاءاته وزيفها).
الكاتبة الأميركية آنجيلا فانديرفيلد تقول إن المجتمعات باتت تحتاج، وبشكل مدمن، إلى إيجاد الأبطال الأسطوريين في ثقافتهم، فهو الحل المريح لفكرة المنقذ من الشرور بشتى أنواعها. ولكن هناك دراسة من إحدى الجامعات الغربية المرموقة، تحديداً في كلية علوم النفس، تقول إن إحدى أهم طرق إعادة صياغة الشخصية السلبية والشريرة في المخيلة الشعبية، هي إعادة إطلاقها بمرافقة أوصاف مثل «الشهيد» أو «البطل» أو «المقاوم»، وهذا تماماً ما يحصل اليوم، وبشكل مكثف، فيما يخص إرث قاسم سليماني. ولكن هناك حالة من اليقظة أصابت الجماهير في صميم محيط النفوذ الإيراني، وباتت مشاهد تمزيق صور قاسم سليماني وضربها بالحذاء وحرقها مسألة اعتيادية أصابت زعامات محور المقاومة بالدهشة الشديدة والأقرب منها إلى الصدمة بلا مبالغة.
في السنة التي كان من المفروض أن يحتفل فيها لبنان بمرور مائة عام على ولادة لبنان الكبير، وترفع الأعلام اللبنانية وتعلق صور القيادات والزعامات الوطنية الحقيقية، يجد القادم من مطار بيروت الدولي باتجاه وسط المدينة صوراً عملاقة لقاسم سليماني مصحوبة بعبارات تمجده وتبجله مع أعلام حزبية وإيرانية. إنها فصول جديدة من مسح الهوية اللبنانية الغنية التعددية المدنية لصالح المشروع الفارسي الظلامي الطائفي البغيض. وكل مشروع سياسي بحاجة ماسة لاختراع سردية تاريخية تدغدغ المشاعر فتمنحه الشرعية التي يحتاجها بشدة، وهذه السردية بحاجة شديدة لحكواتي يرددها عبر الخطابات والمقابلات، وهذا هو الدور المحدد الذي يقوم به زعيم تنظيم «حزب الله» حسن نصر الله، الذي استخدم في مقابلته الأخيرة عبارات ألغى فيها تماماً أي مكانة وهيبة للدولة اللبنانية، واعتبر لبنان جزءاً من إيران ومشروعها.
ذكرى مقتل قاسم سليماني يجب أن تحيي فينا خطر المشروع الإيراني، وما يصاحبه من صناعة أبطال وهميين ونسج أساطير زائفة تماماً. ماكينة صناعة الأساطير ليست بالجديدة، ولعل أشهرها ما كان يقوم به أدولف هتلر وإعلامه، وتم وقتها اختراع أساطير لتمجيد الفكر النازي وقياداته. العالم تنفس الصعداء برحيل إرهابي مجرم مثل قاسم سليماني، وكل من يروج لفكره فهو اختار الانضمام لجانب الشر المظلم حتى لا ننسى.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطر المشروع الإيراني خطر المشروع الإيراني



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 العرب اليوم - الأسد يؤكد قدرة سوريا على دحر الإرهابيين رغم شدة الهجمات

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ
 العرب اليوم - تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:06 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الغاوي يجمع أحمد مكي وعائشة بن أحمد في رمضان 2025
 العرب اليوم - الغاوي يجمع أحمد مكي وعائشة بن أحمد في رمضان 2025

GMT 06:22 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الخروج إلى البراح!

GMT 13:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق.. ونصر حزب الله!

GMT 16:01 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف فوري لانتهاكات الهدنة في لبنان

GMT 06:56 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حلب... ليالي الشتاء الحزينة

GMT 00:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab