نشر غسيل الناشر

نشر غسيل الناشر!

نشر غسيل الناشر!

 العرب اليوم -

نشر غسيل الناشر

بقلم - حسين شبكشي

انتهيت منذ أيام قليلة من إتمام قراءة كتاب «سقوط: غموض روبرت ماكسويل» للكاتب البريطاني جون بريستون، الذي يروي فيه تفاصيل مهمة جداً عن حياة إحدى أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في مجال الصحافة وعالم الإعلام، والمعني هنا تحديداً هو الناشر البريطاني الراحل روبرت ماكسويل صاحب صحيفة «الديلي ميرور»، التي تصدر في العاصمة البريطانية لندن، وهي المعروفة بأنها واسعة الانتشار، والمالك لاحقاً لصحيفة «الديلي نيوز» الصادرة في مدينة نيويورك الأميركية.
يروي الكاتب عن هوس روبرت ماكسويل غير الطبيعي بمنافسه اللدود وغريمه الأول الناشر الإعلامي الأشهر روبرت ميردوخ صاحب صحيفة «الصن» الأولى في مبيعات صحف حجم التابلويد في بريطانيا (المرتبة الثانية من نصيب صحيفة الميرور)، وميردوخ يملك صحيفتي «التايمز» اللندنية العريقة و«النيويورك بوست» في نيويورك، ومؤخراً ضم لهما «الوول ستريت جورنال» الأميركية. هوس وجنون رويرت ماكسويل بملاحقة روبرت ميردوخ كان خلف جميع قراراته المهنية الكبرى، والإبقاء على قدرته المالية «التوسعية» لتحقيق طموحاته الكبيرة على ما يبدو أنه كان خلف تعاملاته المشبوهة مع أجهزة استخبارات عالمية، وأهمها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي المعروف باسم «الموساد» لأجل الحصول على عوائد مالية أخرى خارج نطاق خطه المهني التقليدي المعروف عنه. ولعل هذا ما قد يفسر مقتله بطريقة مريبة وغامضة على متن يخته الفاخر العملاق في عرض البحر الأبيض المتوسط في جريمة بقيت مقيدة ضد مجهول، وبتفاصيل تنتمي لسلسلة أفلام العميل السري للاستخبارات البريطانية جيمس بوند.
دار شريط الذاكرة لأحاول الاستشهاد بناشرين آخرين كانوا محاطين بسمعة مريبة جعلت منه هدفاً سهلاً للنيل منهم، فخطر على بالي فوراً ما حصل لناشر صحيفة «الديلي تليغراف» اللندنية المؤثرة الأسبق كونراد بلاك الذي أدين في عام 2007 بجرائم تزوير مريبة، وهو الذي كان يلقى دعماً من اللوبي اليهودي حول العالم بسبب زوجته الإسرائيلية والذي حصل على عفو رئاسي بعد ذلك من قبل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في عام 2019.
وفي عالمنا العربي لم يكن هناك من حل سريع وناجع أمام بعض الحكومات العربية للقضاء على سمعة أي ناشر حر ومستقل ومهني ومحترم إلا باتهامه بشكل صريح ومعلن بأنه «خائن» و«عميل للقوى المعادية»، وهذا ما حصل مع الأخوين علي ومصطفى أمين صاحبي دار «أخبار اليوم» الشعبية والمؤثرة، واللذان كانا يشكلان صداعاً متزايدا بالنسبة للخطاب الإعلامي التقليدي، فتم إطلاق إشاعة أن الأخوين مجندان من قِبل الاستخبارات الأميركية ونالا حظهما من الاعتقال والتعذيب.
وهناك كامل مروة مؤسس صحيفة «الحياة» اللبنانية، الذي أطلقت عليه استخبارات إحدى الدول العربية المؤثرة الاتهامات بالتخوين والتشكيك في وطنيته وعروبته، ودفع حياته ثمن هذا الموقف، إذ تم اغتياله على يد أحد عملاء استخبارات الدولة المعنية في مكتبه. وتكرر المشهد بصور مختلفة في الداخل السوري نفسه، حين تم التضييق التام على الصحف الخاصة المستقلة مثل «الأيام» لنصوح بابيل و«القبس» لنجيب الريس وغيرهما، حتى تم إغلاقهما تماماً بحجة أنهما من الصحف «الرجعية والمناهضة للاشتراكية». واستمر النظام السوري في «اتهام مخالفيه» في لبنان «بالعمالة للعدو الصهيوني» والمساعدة المباشرة في «التآمر على سوريا الأسد» مما كلف سليم اللوزي وجبران تويني وسمير قصير حياتهم بشكل دموي وبشع.
وما قدم في كتاب «سقوط» عن روبرت ماكسويل ليس هو الحالة الأولى من الغموض الكبير، فلقد تناول فيلم «المواطن كاين»، الذي قام ببطولته العملاق أورسين ويلز، حياة الناشر الكبير ويليام هيرست (وإن كان الفيلم لم يشر إلى اسم الرجل بصريح العبارة) وتأثيره المتنامي على صناعة الرأي العام الأميركي في بدايات القرن العشرين الماضي. تبقى مهمة الناشر المستقل (وهي باتت حالة شبيهة بالديناصورات قبل انقراضها مع ندرتها الشديدة جداً) مهمة صعبة ومحفوفة بالتحديات والتقلبات والمخاطر، ومن المؤكد أنه ليس كل ما يُعرف يمكن الكتابة عنه أو قوله... وهذا هو تماماً الانطباع الذي تركه الكتاب عندي.
أحسست أن هناك طناً من القاذورات فضل المؤلف ألا يدخل فيه ويترك للقارئ وخياله حرية الوصول إلى الخلاصة الممكنة من ذلك

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نشر غسيل الناشر نشر غسيل الناشر



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab