خطاب ترمب قراءة متأنية

خطاب ترمب... قراءة متأنية

خطاب ترمب... قراءة متأنية

 العرب اليوم -

خطاب ترمب قراءة متأنية

حسين شبكشي

في مشاهد، هي أقرب للأفلام الهوليوودية بل في الحقيقة أقرب إلى السينما البوليوودية الهندية منها إلى السياسة الأميركية، جاءت لقطات تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب وهي تظهر لغة جسد لا يمكن إغفالها، ونبرة صوت لا يمكن تجاهلها، كلها تقول إنه عاد لينتقم وليفرض بصمةً تاريخيةً تُحسب له وتدخله في صفحات تاريخ الرئاسة الأميركية للأبد.

 

ألقى الرئيس الأميركي كلمةً عبَّر فيها بوضوح عن سياساته المقبلة، وتوجهه الذي ينشده، وهو لم يفاجئ أحداً بما لم يسبق له ذكره من قبل وذلك خلال الحملة الانتخابية.

قبل أن يقضي ليلته الأولى في البيت الأبيض، كان دونالد ترمب قد أصدر عدداً من القرارات الرئيسية التنفيذية تجاوز عددها مائة وخمسين قراراً، قضت فعلياً على منجزات سلفه الرئيس جو بايدن، وما تبقى من إرثه السياسي.

ركَّز ترمب في كلمته على مبدأ «إعادة أميركا إلى مكانها الطبيعي في قيادة العالم، وأن مصالح أميركا ستكون العامل الأول الذي يجب مراعاته».

سيكون التوجه الأساسي لصالح حماية الحدود الأميركية، وتحسين المنظومة الأمنية، وبناء جدار هائل أشبه بالسد العظيم بين أميركا والمكسيك؛ للحد من الهجرات غير الشرعية.

وستعود الولايات المتحدة الأميركية دولة صناعية بامتياز، تقدم أهم الإغراءات والمزايا لجعل أميركا بلداً صناعياً منافساً، وتعيد أمجادها في هذا المجال.

وينوي دونالد ترمب أن يحول أميركا إلى اللاعب الأساسي الأهم والأول في التنقيب وتصدير النفط والغاز، بفتح المجال للتنقيب بشكل غير مسبوق، ولضخ ملايين البراميل في الأسواق؛ لخفض الأسعار والسيطرة بالتالي على معدلات التضخم.

وفي مجال الشأن الاجتماعي، قرَّر ترمب إلغاء تدريس الخيارات الجنسية المثيرة للجدل في المدارس، واعتماد المسابقات الرياضية، ودخول القوات المسلحة، ومناهج التعليم على مبدأ «الذكر والأنثى» فقط، وهي مسألة أثارت كثيراً من اللغط في المجتمع الأميركي.

وصرح ترمب، في خطابه ولأكثر من مرة، بأن مرحلة الانحدار الأميركي قد انتهت، وأن هناك عهد ازدهار أميركياً جديداً، وأن المستحيل ممكن إذا كنت أميركياً، وسيشهد على ذلك نزول أول رائد فضاء أميركي على كوكب المريخ، بحسب كلامه.

كان ترمب يتحدث بهذه الثقة واليقين، وهو محاط بأباطرة صناعة التقنية الحديثة من أمثال إيلون ماسك، ومارك زوكربيرغ، وجيف بيزوس، وتيم كوك، وغيرهم في تظاهرة واضحة لتأكيد تأييدهم ودعمهم لما طرحه الرئيس ترمب.

وعد ترمب بإطلاق إجراءات حمائية للاقتصاد الأميركي، أهمها عقوبات ورسوم كبيرة على دول عدة؛ لتحسين ميزان التبادل التجاري لصالح أميركا.

وتخللت الكلمة وعود غريبة، تضمنت إعلان تغييره مُسمَّى «خليج المكسيك» إلى «خليج أميركا»، وإعلانه أنه سيعيد قناة بنما للولايات المتحدة الأميركية.

دونالد ترمب لديه رغبة جامحة في أن يختم حياته بشكل جدي، ويترك إرثاً سياسياً مهماً. رجل قضى عمره بين «المثير للجدل» و«الجدل نفسه»، وكان نادراً ما يؤخذ بقدر محترم من الجدية، والآن، وهو الرجل الذي عُرف عنه استثمار اللحظة واستغلالها لأقصى درجة، يستشعر أنه أمام فرصة ذهبية لتحقيق مجد شخصي تحت الغطاء السياسي العام. لحظة فارقة منحه إياها الناخب الأميركي، وبهذا الزخم وبتلك القوة سيدفع ترمب بكل ما يملك من أدوات لإنجاز ذلك، وسيدفع ثمن هذا الحماس الصديقُ قبل الخصم.

طموح دونالد ترمب الشخصي، واستشعاره بنبض الناخب الأميركي، وإدراكه أنه أمام فرصة ذهبية لحفر اسمه، بل وحتى نحت وجهه على «جبل راشمور» كخامس رئيس أميركي، وذلك ما يطالب به أنصاره بوصفه «منقذ أميركا» حسب وصف البعض له، أو كما وصفه إيلون ماسك بأنه «الفائز بأهم انتخابات في تاريخ البشر ومنقذ الحضارة»، كل ذلك يدركه ترمب جيداً، ويصر بالتالي على تنفيذ سياساته التي وعد بها. ويبقى السؤال القائم: كم ستكون تكلفة سياسات ترمب الجديدة ومَن سيدفع الثمن؟

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاب ترمب قراءة متأنية خطاب ترمب قراءة متأنية



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab