ظاهرة الاستجداء في رمضان

ظاهرة الاستجداء في رمضان

ظاهرة الاستجداء في رمضان

 العرب اليوم -

ظاهرة الاستجداء في رمضان

بقلم : د.محمد الرميحى

في الزمن القديم، كان المحتاج يقف أمام أبواب منازل الحي في حياء يطلب العون، وخاصة في المواسم الدينية، مثل شهر رمضان، وفي الغالب كان محتاجاً عن حقيقة، وليس ادعاء، مع تطور الزمن والتقنية الحديثة، تطورت فنون الاستجداء، وتحول من يطلبها من محتاج إلى محتال في الغالب.

 

في السنوات الأخيرة، وخاصة في رمضان أو ما يشبهه من مواسم دينية، تكثر مظاهر الاحتيال دون خشية، أو حتى إحساس بالضرر الذي يقع على الآخرين، لقد أصبح هذا النوع من الاستجداء يشكل خطراً حضارياً وسياسياً على الأمة بكاملها، لا على شخوص من يقوم بذلك الفعل، وخاصة ذلك النوع من الاستجداء الذي يثير الفتن، ويخاطب الغرائز، ويدعي أنه يملك (مفاتيح الجنة)!

أمثلة، وليس حصراً، على الظاهرة التي وُصفت أعلاه، يقول أحد الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي ما يلي (شارك في شراء كنيسة.. وتحويلها إلى مسجد، فقط بكذا مبلغ (مبلغ بسيط)، ولا تفوتك الفرصة... الأجر بانتظارك...)! أليس مثل هذا الإعلان استفزازياً، أولاً هو منافٍ لثوابت الدين الحنيف، فلم يذكر أو يشجع مثل ذلك الأمر في النصوص الثابتة، وثانياً، هو استفزاز لديانة اعترف بها الإسلام، كما يعتنقها ملايين الناس، والكثير منهم عرب في نفس الوطن، وثالثاً، أن أرض الله واسعة، يمكن بناء المساجد في أي منها، فما المعنى المقصود (شراء كنيسة وتحويلها إلى مسجد..!)؟. ما الرسالة التي يراد أن تصل إلى الآخرين؟ غير الغلو والتطرف، وتظهر مثل تلك الإعلانات الاستفزازية للعلن دون رادع أو حتى نقد موضوعي تجاهها.

لا أحد يعلم على وجه اليقين أين تذهب تلك التبرعات، إن تمت من الناس البسطاء، ومن هي الجماعة أو الأفراد وراء تلك الإعلانات، غير أنها تستدر عاطفة باتجاه إثارة فتنة.

في إعلان آخر يقول أيضاً على وسائل الاتصال الاجتماعي (اكفل يتيماً في غزة.. واحجز مقعدك (نعم مقعدك) بجوار النبي (صلى الله عليه وسلم) في الجنة...!

لا خلاف على حاجة أيتام غزة بالرعاية، فذلك واجب إنساني وإسلامي لا يختلف فيه أحد، إنما (احجز مقعدك بجوار النبي في الجنة)! هي بمثابة صكوك (غفران) التي انتشرت في عهود الظلام الأوروبية، والتي يستنكرها العقل السليم.

هذا النوع من الاستجداء، وكثير منه، ينتشر في أيامنا الفضيلة التي نعيش، يجب الحذر منه والدعوة، ليس إلى مقاطعته فقط، ولكن أيضاً نقده والتحذير من نتاجه، وبيان مناقضته للثابت من تراث الأمة.

في الوقت الذي نقوم كمسلمين بنقد بعض الحكومات على تساهلها ضد أشكال الكراهية للأقليات المسلمة في تلك الأوطان، وتناضل دولنا من أجل إشاعة وتأكيد التسامح الديني والمذهبي، برفع شعار (عش ودع الآخرين يعيشون)، وفي الوقت الذي يتخذ فيه العالم، ممثلاً بأعلى سلطة عالمية (الأمم المتحدة)، بتجريم كراهية الإسلام (الإسلاموفوبيا)، وتخصص الأمم المتحدة يوماً دولياً للتذكير بأهمية نبذ تلك الفكرة، يأتي من ينشر على الملأ، ما يجعل الآخرين والمعادين يحصلون على دليل ثابت وموثق بتبنّي التطرف من قبل البعض، ويُشهر ذلك التطرف على وسائل الاتصال العالمية، ويستخدم ضدنا.

الجنة والنار بيد الواحد الأحد، ويجزي بها بسبب الأعمال الصالحة في الحياة الدنيا، ومنها المحبة والتآخي، وليست حكراً على أحد، كي يقرر أنه بهذا العمل أو ذاك (يحجز مقعداً بجوار النبي في الجنة)، وليس في تاريخنا الفقهي، حتى في عصور الظلام، مشروع (لحجز المقاعد).

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ظاهرة الاستجداء في رمضان ظاهرة الاستجداء في رمضان



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab