آثار الانفجار اللامعرفي على العقل العربي

آثار الانفجار اللامعرفي على العقل العربي!

آثار الانفجار اللامعرفي على العقل العربي!

 العرب اليوم -

آثار الانفجار اللامعرفي على العقل العربي

بقلم : د.محمد الرميحى

مع التطور السريع لوسائل التواصل الاجتماعي تأتيك من كل حدب وصوب، أخبار ومعلومات وآراء قد لا تتفق معها، يذهب البعض إلى لوم وسائل الانفجار الاتصالي، وهو لوم لا فائدة منه، والبعض ينصب نفسه (محامياً) ضد كل ما لا يروق له، أو يعظم ما يتفق معه، وهي عملية مضنية، بل ربما قاتلة. فالقضية لها شقان:

 

الأول: إن الناس على (قدر عقولها) أو (ذلك قدرهم من الفهم) فلا تتوقع أن يفكر الآخرون كما تفكر، فهم يخضعون، كما أنت، للكثير من العوامل التي تسهم في تشكيل وعيهم بذاتهم أو تأثير البيئة التي يعيشون ويعملون بها، منها التربية وسوية المعرفة التي تعرضوا لها والصداقة والتحيز الاجتماعي أو الثقافي والخلفية العرقية أو الإثنية، أو الخضوع لحالة من الإحباط، والأكثر التحيز السياسي.

لهذا يختلف الناس في تفسير الظواهر التي تصادفهم في حياتهم اليومية، كما يختلفون في قراءة النصوص، ولذلك تجد تلك الاختلافات بين الناس. في الأزمات، وبخاصة السياسية، أو الدينية، ينشأ ما هو ليس اختلافاً فقط، ولكن انشطاراً كاملاً وتفاقماً بين المكونات الاجتماعية إلى حد الخصومة.

أما على صعيد الوطن الواحد، أو على صعيد أوسع، كما يحدث اليوم حول تفسير ما يحدث في غزة. إذاً علينا أن نقبل أن هناك وجهات نظر مختلفة، قد يكون الاختلاف حاداً وقطعياً، كقول البعض في أحداث غزة (إن المقاومة انتصرت على إسرائيل) مثلاً، وأن الفرق هو أيام معدودة حتى تستسلم، أو من يقول إن إسرائيل قد انتصرت نهائياً على المقاومة.

كل ذلك (التطرف أو الإفراط أو الدرجة القصوى من الرأي) وفي تفسير الأحداث، هي ناتجة عن (أهواء)، وخاضعة لعدد من العوامل المؤثرة فيها والتي تقود إلى هذا الرأي أو ذاك، الأمر الذي يزعج البعض في الطرفين، من الرأي الآخر المخالف، كل يرى أنه على حق، وأن الآخر متحيز أو حتى (غير وطني)، لذلك يستخدم بعضنا ألفاظاً حادة كما يستخدم الطرف الآخر ألفاظاً مضادة. وقد يتفاقم الشق المعرفي في السنوات القادمة، حيث ينبئنا العلماء بأن ما سوف نراه من نتائج (الذكاء الصناعي) سيكون مذهلاً، وقد يصل إلى (برمجة عقل الإنسان) والتحكم في تصرفاته!

الثاني: من المعادلة، إذاً ما نحن فيه في إطار التأثير والتأثر، لا مفر منه، فلا يجب أن نلوم بعضنا بسببه، أو نلوم وسائل التواصل، اللوم إن كان ذلك صحيحاً، يجب أن يوجه إلى (آلية نقص المناعة المعرفية) في مؤسستنا، فالكثير من مؤسساتنا التعليمية والأسرية والاجتماعية (العائلية) تربي النشء على أن يفكر في (دوائر محدودة وضيقة).

فعلى الرغم من كل التطور التقني والمعرفي الذي يحيط بنا، وينقل البشرية إلى آفاق لم تكن لتعهدها، لا تزال منظومة التعليم والتدريب والإعلام عندنا باقية كما هي منذ عقود، بل والأكثر أن بعضها أو حتى كثيراً منها يتراجع إلى مقولات تراثية، وبعضها لا يخلو من الشعوذة (والأخيرة بالمناسبة تستخدم التقنية الحديثة لزيادة التضليل)، ما شكل وعياً زائفاً أو مسطحاً يتقبل كل ما يرد إليه من دون فحصه وعرضه على العقل.

من جهة أخرى، وسائل إعلامنا في أغلبها تميل إلى تأكيد الطرق القديمة وشبه المستهلكة في تقديم التحليلات للظواهر التي تحيط بنا، فتزيد الجهل جهلاً، والتعصب تعصباً.

هنا ربما تكمن الإشكالية التي تنتج عقولاً لا تريد أن تنظر خارج محيطها، ويستوي في ذلك صاحب الشهادة العليا (الذي في الغالب لم يحصل على تدريب نقدي) أو الشخص العادي، وتساعد بعض المؤسسات على (بقاء الحال كما هو) من خلال فرض رقابة صارمة على الابداع والتفكير الابتكاري، نتيجة إما من الضغوط الاجتماعية، أو خوفاً على قيم بعينها تعتبرها تلك المؤسسات (مقدسة)، فيخرج الى المجتمع جمهور سهل الانقياد ويشيع التطرف في الفئات وبخاصة الشبابية حيث يسيطر على عقولهم التفكير الأحادي.

في ثقافتنا العربية ومن يتجرأ على الخروج من الدائرة المغلقة ذات البعد الواحد يتعرض إلى نقد غير موضوعي ومحاولة (قتل الشخصية) معنوياً.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آثار الانفجار اللامعرفي على العقل العربي آثار الانفجار اللامعرفي على العقل العربي



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 18:44 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

السعودية تؤكد دعمها الثابت لقيام دولة فلسطينية
 العرب اليوم - السعودية تؤكد دعمها الثابت لقيام دولة فلسطينية

GMT 12:53 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

محمد هنيدي يخوض تجربة فنية جديدة في السعودية
 العرب اليوم - محمد هنيدي يخوض تجربة فنية جديدة في السعودية

GMT 02:54 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

انتشال جثث 39 شهيدًا من غزة بعد أشهر من الحرب

GMT 03:50 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الاتحاد الأوروبي يحاول تجنب حرب تجارية مع أميركا

GMT 09:30 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

ماذا ينتظر العرب؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab