ديمقراطية للبيع

ديمقراطية للبيع!

ديمقراطية للبيع!

 العرب اليوم -

ديمقراطية للبيع

بقلم : د.محمد الرميحى

تجري الدعوة لانتخابات عامة في أكبر الدول الغربية، الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، حيث دعي الناخبون لاستخدام حقهم الانتخابي في 4 يوليو المقبل، وجرت مناظرتان في بريطانيا بين رئيس الوزراء وزعيم المعارضة في السباق إلى بيت رقم 10 مقر الحكومة البريطانية.

 

عشت فترة في بريطانيا، وخرجت بانطباع عام أنها البلد، ربما الأكثر تمثيلاً للديمقراطية الحديثة لأسباب عديدة، منها قدمها وتدرجها، ومنها الممارسة، ووجود جمهور عام لديه مستوى من الوعي، فأنت تلمس أن المعلومات العامة متوفرة هي نفسها لدى رجل الشارع وأستاذ الجامعة تقريباً. في الأسابيع الأخيرة أتابع كغيري ما يجري في الحملة الانتخابية، والمواجهة بين الحزبين الكبيرين، المحافظين والعمال، مع منافسة متوسطة المستوى من أحزاب أخرى.

اتسم النقاش بين الرأسين المتنافسين الذي تم على شاشات التلفزة بالكثير من الرزانة، دون تجريح أو تحقير أو أصوات عالية، ذلك ما يظهر على السطح، طبعاً مع الكثير من الوعود التي تقدم للناخب!

على مقلب آخر، وقع في يدي كتاب بالإنجليزية بعنوان (ديمقراطية للبيع: الأموال السوداء والسياسة القذرة) للصحافي البريطاني بيتر جيوجين، والذي قدم بشكل مسهب كيف يضلل الجمهور، حتى في المجتمعات المتقدمة، من خلال الديمقراطية!

وجاءت موضوعات الكتاب من معايشة لصيقة بالعملية الانتخابية في كل من بريطانيا والولايات المتحدة.

فعشية الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي في 23 يونيو 2016، بعد صراع داخلي طويل، ظهر على الفيس بوك خبر يقول (إن تركيا سوف تدخل الاتحاد الأوروبي، وإن ملايين العمال الأتراك سوف يتدفقون على بريطانيا) هذا الخبر انتشر في المدن العمالية في شمال إنجلترا، وفي اليوم التالي ظهرت نتيجة التصويت في الشمال التي بلغت أكثر من 60 % خوفاً من الطبقة العاملة على وظائفها، وهي النسبة التي رجحت بنسبة قليلة عملية الخروج.

يكشف الكاتب أن تلك الحملة ليست إلا (أخباراً كاذبة) بثت الخوف في شريحة واسعة من البريطانيين، مع تمسك السياسيين بالخروج من الاتحاد، رغم أن كل الخبراء الاقتصاديين، بمن فيهم حاكم البنك المركزي حذروا من مغبة الخروج، وأيضاً بعض السياسيين المخضرمين، بل لاحقاً قال ديفيد كاميرون رئيس الوزراء، والذي وعد بالاستفتاء، قال في مذكراته التي نشرت لاحقاً إنه أخطأ خطأ كبيراً.

جراء الخروج من الاتحاد خسرت بريطانيا موقعها المميز كعاصمة للمال في أوروبا، كما هجرها الكثير من المهنيين، كالأطباء والعاملين في البنوك، ونقصت اليد العاملة الزراعية، ما سبب مشكلات اقتصادية ضخمة عانت وتعاني منها بريطانيا حتى اليوم، منها تراجع كفاءة الخدمات الصحية، وتقلص الإنتاج الزراعي والصناعي، وفقد سوق ضخمة هي سوق الدول الأوروبية، التي أعادت فرض ضرائب استيراد على الصناعة والخدمات المقدمة من بريطانيا، إلا أن الأسوأ، والذي يشكل مفاجأة غير سارة للجمهور البريطاني، أن عدد المهاجرين إلى بريطانيا زاد ثلاث مرات عما كان عليه قبل خروجها من الاتحاد!

الخسارة الكاملة، كانت وراءها الشعبوية السياسية التي جعلت جملة من السياسيين ينساقون مع العواطف، ويغازلون العامة بأحلام هي أبعد عن الحقيقة. الاستقلال وحماية الحدود وتوفير العمل للمواطنين! كلها كانت كذبة كبيرة.

كان وراء تلك الكذبة المال الأسود كما يرى الكتاب، فقد تدفقت أموال من الداخل والخارج لصنع واقع افتراضي للجمهور العام من خلال وسائل الإعلام الجديدة وحتى التقليدية لفرش المستقبل بالورود، ذلك هو الخلط بين الديمقراطية بمعناها المثالي وممارسة التضليل والتمويه لجعل الجمهور يتصرف من خلال صناديق الانتخاب بطريقة معينة.

وهي معضلة الديمقراطية كما نشاهد اليوم في تعزيز (الخوف من الآخر) والتوجه إلى اليمين في ظاهرة حماية المصالح الوطنية، وفي باطنه الإضرار من دون رجعة بمصالح الجمهور العام.

لذلك ليس من المستبعد (وهنا أغامر بالافتراض) في حال وصول العمال إلى الحكم، سوف يحاولون إرجاع الساعة إلى ما قبل عام 2016، بطريقة أو بأخرى، فهل يفعلون؟

arabstoday

GMT 00:32 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

حاذروا الأمزجة في الحرّ

GMT 00:29 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

نعم لغزة وفلسطين ولا للميليشيات

GMT 00:27 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

الحج بين المثوبة والسلامة

GMT 00:23 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

بوتين وكيم جونغ أون... والنظام الليبرالي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ديمقراطية للبيع ديمقراطية للبيع



درّة تتألق بفستان من تصميمها يجمع بين الأناقة الكلاسيكية واللمسة العصرية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:30 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

عرض فساتين وإكسسوارات الأميرة ديانا في مزاد علني
 العرب اليوم - عرض فساتين وإكسسوارات الأميرة ديانا في مزاد علني
 العرب اليوم - مزايا وعيوب الأرضيات الإيبوكسي في المساحات الداخلية
 العرب اليوم - هنية يؤكد أن أي اتفاق لا يضمن وقف الحرب في غزة "مرفوض"

GMT 00:37 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

أحمد عز مع سيد رجب للمرة الثانية على المسرح
 العرب اليوم - أحمد عز مع سيد رجب للمرة الثانية على المسرح

GMT 10:13 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

لافروف يُحذر من استمرار حرب غزة وامتدادها إلى لبنان
 العرب اليوم - لافروف يُحذر من استمرار حرب غزة وامتدادها إلى لبنان

GMT 12:19 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

"غوغل" تتيح المركبات ذاتية القيادة للعامة في أميركا
 العرب اليوم - "غوغل" تتيح المركبات ذاتية القيادة للعامة في أميركا

GMT 14:29 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

الإفراط في تناول الفلفل الحار قد يُسبب التسمم

GMT 00:29 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

نعم لغزة وفلسطين ولا للميليشيات

GMT 03:16 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

جولة في مطار بيروت لتفنيد تقرير تلغراف

GMT 06:07 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

الأهلي يعلن فوزه في مباراة القمة رسميًا

GMT 15:54 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

غوغل تجلب الذكاء الاصطناعي إلى طلاب المدارس

GMT 14:45 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

أسماك القرش تُودي بحياة ممثل أميركي في هاواي

GMT 07:46 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

إصابة خطيرة لفارغا لاعب منتخب المجر في يورو 2024
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab