الحرب في غزة ولبنان الطريق الثالث

الحرب في غزة ولبنان الطريق الثالث

الحرب في غزة ولبنان الطريق الثالث

 العرب اليوم -

الحرب في غزة ولبنان الطريق الثالث

بقلم : محمد الرميحي

 

في وسط النيران المشتعلة في كل من غزة ولبنان يجري سريعاً نقاش في عواصم الغرب لافت للنظر. في لندن نرى تحركاً من جانبين؛ الأول قضائي، والثاني سياسي. القضائي أن تقوم محكمة بريطانية بإصدار حكم لافت هو «أن نقد أعمال إسرائيل ليس من ضمن ما يعرف بعداء السامية»، ومضمون هذا الحكم أن النقد لأعمال دولة إسرائيل هو من المباح؛ لأنه يقع في السياسة، وليس في مكان التجريم، والثاني توجّه مجلس العموم البريطاني والحكومة البريطانية بإصدار فرض عقوبات على اثنين من أعضاء الحكومة الإسرائيلية بسبب موقفهما المتطرف، إذا أضفنا المهلة الأميركية في مدة شهر، بأن تسهل إسرائيل دخول المواد الإغاثية والإنسانية لشمال قطاع غزة، وإلا فسوف تتخذ إجراءات ضدها، وكذلك قيام عدد من عواصم أوروبا بالتشهير بسياسة إسرائيل في غزة التي تنفذ تحت شعار «استسلم أو مت جوعاً»، فسوف تتضح الصورة لاتجاه المزاج الأوروبي نحو الضيق بما تفعله إسرائيل، مع ذكر العبارة الكلاسيكية أن من حقها «الدفاع عن نفسها»!

أما إذا سمعنا الاحتجاج الواسع في الغرب حول استنكار استهداف المراقبين الدوليين في الخط الأزرق الفاصل بين جنوب لبنان وشمال إسرائيل، فإن معالم الصورة تتضح.

العالم لا يريد الحرب، وظاهرة العنف تنحسر في هذا القرن، عدا منطقتين: الأولى هي أوكرانيا، والثانية في الشرق الأوسط، زيادة على ذلك فإن أوروبا القريبة تخشى من تدفق المهاجرين من مناطق النزاع عبر البحر إلى شواطئها، وهو شعور يثير الرأي العام في مجتمعاتها.

هذه المواقف يمكن الاستفادة منها في إجراء نقاش حقيقي يقود إلى هدف أكثر وضوحاً، وهو حل الدولتين.

ما نواجهه أن من يحارب ليس الدولة بل ميليشيات، كلها من دون استثناء مصنفة في دول الغرب بأنها (إرهابية)، وبالتالي لا تستطيع أن تستفيد سياسياً من التغيرات النسبية الحاصلة في البيئة السياسية المواتية في دول القرار الغربية.

تلك الميليشيات لم تقتنع أن من يفاوض هو الدولة، هي قدمت الكثير من التضحيات، تلك حقيقة، وعانى المجتمع الغزاوي الهوائل ولا يزال، من دون الحاجة إلى تكرار ما نراه يومياً، كما أن المجتمع اللبناني بدأ يدفع ثمناً باهظاً في هذه الحرب، إلا أن تلك الميليشيات لم تصل إلى قناعة أن الدولة هي التي يجب أن تفاوض، وكل حرب مهما طالت يتبعها تفاوض ما.

تضع الميليشيات الجسم العربي الواسع والمتعاطف بشدة مع قضيتها أمام خيارين لا ثالث لهما؛ هما إما أن تكون مع المقاومة وإما ضدها (والأخير قد تكال لك الشتائم). هذه هي الثنائية الزائفة، وهناك خيار ثالث وهو الأهم هو (القوة الفلسطينية) المعترف بها عالمياً، وهي «منظمة التحرير»، والدولة اللبنانية أيضاً المعترف بها من العالم. فقط هاتان السلطتان هما القادرتان في ضوء المتغيرات الدولية على أن تصلا إلى نتائج مُرضية إن قامتا بالتفاوض.

في لبنان الدولة غائبة، والحديث عن وقف إطلاق النار لن يحصل ولن يفيد حتى وإن حصل، قبل أن تقوم الدولة بترميم مؤسساتها، والتي اهترأت من التدخل المرضي لـ«حزب الله» في كل مفاصلها، كما أن غزة لن يتوقف القتل فيها وهو على سوية الإبادة، قبل أن يتكون رأي لدى قيادة «حماس» أن من الأفضل الاتفاق مع «منظمة التحرير» لقيادة العمل السياسي، هناك حديث خافت على الاتفاق حول لجنة موسعة لإدارة غزة بعد وقف الحرب، ولكنه حديث فقط، قد لا يصل إلى نهاياته قبل أن تتصحر غزة كلياً كما يحدث أمام العالم.

في الجانب الآخر، هناك امتناع في العواصم، ليست الغربية فقط، ولكن العواصم القادرة على التأثير في القرار الإسرائيلي مهما ضغطت، والأخيرة تنتهك كل الخطوط الحمر؛ من الحصار والإبادة، إلى استهداف قوات الأمم المتحدة، إلى استخدام الذخائر المحرمة، يعضدها رأي عام داخلي يشعر بالخوف بل بالرعب مما يسميه (الهولوكوست) الجديد، مع أن الخسائر العربية في الجانبين الفلسطيني واللبناني هائلة.

تلك المعادلة الصفرية لن تحل إلا من خلال قناعة أن الميليشيات قد قامت بدورها حتى لو كان ذلك الدور مختلفاً عليه، وأن ما راهنت عليه من توسيع الحرب ضد عدوها بدخول دولة إقليمية، ثبت أنه عند مسّ مصالحها، تسقط المبادئ على الأرض، فلا ملاذ إلا الأهل، فهل هناك من يضع مصالح الأغلبية على مصالح الأقلية؟ ذاك سؤال يحتاج إلى إجابة شجاعة، كمثل شجاعة حمل البندقية.

آخر الكلام: الشجاعة ليست في إطلاق النار، الشجاعة أن تتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب في غزة ولبنان الطريق الثالث الحرب في غزة ولبنان الطريق الثالث



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab