بقلم - عماد الدين حسين
هل يمكن لإسرائيل أن تستخدم القنبلة النووية ضد سكان قطاع غزة، أو جنوب لبنان أو اليمن أو إيران أو أى دولة عربية؟
لو أن شخصا سأل هذا السؤال قبل أكتوبر الماضى، لربما تم اتهامه بالجنون، لكن أظن أن طرح هذا السؤال الآن، لم يعد جنونيا، بل أظن أن على غالبية الدول العربية المتشددة والمعتدلة، أن تدرس بهدوء ماذا لو قررت حكومة المجانين فى إسرائيل اللجوء إلى ما يسمى بـ «السلاح الأخير»؟!
المؤشرات والشواهد والأدلة على أن هذا الأمر ليس مستبعدا من إسرائيل كثيرة. وأخطرها بطبيعة الحال هو ما قاله اميحاى الياهو وزير التراث الإسرائيلى فى ٥ نوفمبر الماضى فى تصريح للإذاعة الإسرائيلية بأن إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة خيار مطروح.
لمن لا يعرف فإن الياهو ينتمى إلى حزب «قوة يهودية» الذى يترأسه وزير الأمن الوطنى المتطرف إيتمار بن غفير.
يومها استنكر نتنياهو تصريح وزيره شكلا، وبدلا من إقالته، فإنه تركه يتحدث أكثر وأكثر، ومساء يوم الجمعة الماضى قال الياهو إنه علينا البحث فى طرق أكثر إيلاما من الموت للفلسطينيين لحسم المعركة وكسر معنوياتهم كما فعلت الولايات المتحدة مع اليابان.
ونعلم أيضا أن أمريكا كسرت معنويات اليابان فى نهاية الحرب العالمية الثانية حينما استخدمت القنبلة الذرية مرتين على مدينتى هيروشيما وناجازاكى فى أغسطس ١٩٤٥، مما دفع اليابان لإعلان الاستسلام وانتهاء الحرب بالتزامن مع انتحار هتلر فى ألمانيا.
نتنياهو ومعه حكومته المتطرفة يريد أن يهدد كل المنطقة بالقنبلة النووية اعتقادا أن ذلك سوف يردع الجميع، رغم أن القنابل النووية الإسرائيلية وهى موجودة منذ عقود لم تردع الفلسطينيين حتى حينما تأكدوا أن إسرائيل لديها برنامج نووى ورءوس نووية، أو قبل ذلك. والمؤكد أن المقاومة البطولية لسكان غزة ضد العدوان الوحشى دليل على أن الفلسطينيين لا يخشون قنابل إسرائيل النووية أو العادية.
النقطة المثيرة هى أن فكرة استخدام السلاح النووى فى التفكير الإسرائيلى موجودة دائما، وليس سرا أن موشيه ديان وزير الدفاع خلال حرب أكتوبر ١٩٧٣ وحينما فوجئ وهو وقادة الجيش بالتقدم المصرى السريع وعبور قناة السويس اقترح استخدام السلاح النووى ضد القوات المصرية، لكن الجسر الجوى والبحرى الذى أنشأته الولايات المتحدة لتقديم السلاح والعتاد لإسرائيل جعل رئيسة الوزراء جولدا مائير تطمئن، بعد أن أصيبت باليأس. نعلم أيضا أن إسرائيل كانت دائما تستخدم ما يسمى بسياسة «الغموض النورى» فيما يتعلق بامتلاكها للسلاح النووى، وصاحب هذا التعبير هو شيمون بيريز رئيس الوزراء الأسبق وصاحب الدور الأساسى فى تأسيس البرنامج النووى الإسرائيلى، ولم تعترف به أبدا رسميا إلا من خلال كلام اميحاى الياهو فى ٥ نوفمبر الماضى، لكن أوضح دليل على امتلاك إسرائيل السلاح النووى هو ما أعلنه موردخاى فانونو الفنى الذى عمل فى معامل ديمونة، وهرب إلى بريطانيا عام ١٩٨٦، وكشف للصحف البريطانية بالتفاصيل أن إسرائيل تمتلك ٢٠٠ رأس نووى، وقام الموساد الإسرائيلى باستدراجه إلى إيطاليا ومنها إلى إسرائيل حيث تم الحكم بسجنه ١٨ عاما منها ١١ عاما فى السجون الانفرادية.
الخطر الحقيقى هو أن حكومة المجانين فى إسرائيل وهى عاجزة تماما فى الحرب ضد المقاومة فى غزة، قد تلجأ إلى خيار السلاح النووى، أو حتى تستخدمه ضد إيران، حتى تنتهز هذه الفرصة وتقضى على البرنامج النووى الإيرانى الذى تقول طهران إنه سلمى.
نتنياهو والمتطرفون المحيطون به، لا يمكن أن نستبعد منهم أى أفعال غير متوقعة، خصوصا أنهم جميعا شعروا أنهم مهددون فى وجودهم الفعلى بعد عملية «طوفان الأقصى» يوم ٧ أكتوبر الماضى. هم يعتقدون الآن أن الفرصة سانحة لتنفيذ مخططاتهم الشيطانية وتصفية القضية الفلسطينية سواء بقتل الفلسطينيين أو تهجيرهم، أو حتى بإلقاء قنبلة نووية عليهم.
كل ما أرجوه ألا تستبعد الدول العربية خصوصا المحيطة بإسرائيل أى أفعال غير متوقعة من حكومة نتنياهو ومجلس حربه، خصوصا أنهم يعلمون أنهم فشلوا فى كل ما وعدوا به.