بروكسل والخوف على التجربة الألمانية

بروكسل.. والخوف على التجربة الألمانية

بروكسل.. والخوف على التجربة الألمانية

 العرب اليوم -

بروكسل والخوف على التجربة الألمانية

بقلم - عماد الدين حسين

قضيت خمسة أيام فى بروكسل عاصمة بلجيكا والاتحاد الأوروبي في نهاية يناير الماضي لحضور اجتماعات لجنة الشراكة المصرية الأوروبية، تمهيداً لتوقيع اتفاق شراكة استراتيجية شاملة قريباً بين الجانبين. خلال الزيارة قابلت العديد من مسؤولي الاتحاد الأوروبي وإعلاميين، ودارت النقاشات عن موضوعات متعددة أهمها بطبيعة الحال تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة واحتمالات تطوره والصراع في البحر الأحمر وباب المندب، وكذلك العلاقات المصرية الأوروبية، خصوصاً في المجال الاقتصادي.

 

لكن ما لفت نظري أيضاً أن بعض الأوروبيين صار شديد القلق من صعود اليمين المتطرف، بما يؤدي إلى تغيير شكل القارة العجوز، بل وربما إلى تهديد الاتحاد الأوروبي في صميم وجوده.

كتبت وتحدثت عن هذا الأمر، لكن ما لم أتطرق إليه ما قاله لي أحد الدبلوماسيين الذين قابلتهم وهو خشيته تحديداً من تهديد التجرية الديمقراطية الألمانية، بصعود جديد لليمين المتطرف يذكرنا بصعود النازية أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي وحتى سقوطها وهزيمتها في نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945.

كلام المسؤول معي كان دردشة خاصة، وبالتالي لم أكتب أو أتحدث عنه، إلا أني فوجئت بمقال يحمل نفس الفكرة للكاتب مارك جونز على موقع «بروجكت سندكيت» وفكرته تحمل العنوان التالي: «هل يتكرر ما حدث عام 1933 في العام الحالي 2024»؟!.

فكرة المقال تتشابه إلى حد كبير مع ما سمعته في بروكسل وكذلك ما سمعته من بعض الدبلوماسيين الأوروبيين في عواصم عربية متعددة. نعلم تماماً أن اليمين المتطرف والشعبوي سجل صعوداً لافتاً في بعض الدول الأوروبية في الفترة الأخيرة خصوصاً في النمسا وهولندا والسويد كما أنه صار الحزب الرئيسي الحاكم في إيطاليا. إضافة لصعوده ونفوذه في كل من المجر وسلوفاكيا.

وصار واضحاً أن اليمين المتطرف ينشط أكثر في العديد من بلدان أوروبا الشرقية التي كانت تشكل جزءاً من الاتحاد السوفييتي قبل انهياره أوائل التسعينيات من القرن الماضي.

لكن ورغم كل هذا الصعود في العديد من أنحاء أوروبا فإن صعود هذا التيار في ألمانيا هو الذي يمثل عامل القلق الأكبر، لأن ألمانيا هي قلب أوروبا وهي رمانة الميزان في أوروبا، والداعم الاقتصادي الأكبر للاتحاد وللعديد من بلدانه. ولولا دعمها لوقعت اليونان ضحية الإفلاس الاقتصادي قبل سنوات.

اليمين المتطرف يسجل حضوراً لافتاً في ألمانيا، وبعد أن تمكنت المستشارة السابقة انجيلا ميركل من الاستمرار في منصبها لأطول فترة من 2005 حتى 2021، فقد اعتزلت العمل السياسي، وتعرضت لانتقادات عديدة من الأحزاب المتطرفة بسبب «سياسة الباب المفتوح» التي اتبعتها مع المهاجرين، خصوصاً السوريين لدرجة أن بعض هذه الانتقادات جاء من داخل حزبها المسيحي الديمقراطي.

في تقدير هؤلاء المنتقدين فإن هذه السياسة هي التي تسببت في صعود حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني الشعبوي المعارض للهجرة، وهو ثالث أكبر حزب في البرلمان الاتحادي، كما سجلت حركة «وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب» واختصارها «بيجيدا» صعوداً واضحاً في شعبيتها في ألمانيا.

المخاوف في ألمانيا وأوروبا هي أن يتكرر في العام الحالي 2024 ما حدث بالضبط في 30 يناير 1933 في ألمانيا حينما وصل أدولف هتلر وحزبه الاشتراكي للحكم وصار مستشاراً لألمانيا، ولم يكن أحد يتوقع أن يقود ألمانيا والعالم إلى الكارثة.

وقتها ظن كل السياسيين الألمان أنه سيكون رجلاً ينقذ ألمانيا بعد سقوط نظام فايمار الديمقراطي الليبرالي، لكن نعلم جميعاً أن هتلر تمكن من إزاحة كل منافسيه وأشعل الحرب العالمية الثانية التي تسببت في مقتل أكثر من 60 مليون شخص منهم 40 مليون مدني و20 مليون جندي.

المخاوف في بروكسل وسائر أنحاء القارة الآن تقول إن انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو المقبل قد تشهد صعود اليمين الأوروبي، وهو ما قد يقود إلى صعود هذا التيار في غالبية أنحاء القارة. لكن إذا حدث هذا الصعود أيضاً في ألمانيا نفسها فإن القارة الأوروبية بأكملها ستكون مرشحة للانجراف إلى موجة يمينية متطرفة أبرز ملامحها التصدي لظاهرة الهجرة خصوصاً من بلدان العالم الثالث وزيادة موجة كراهية المسلمين «الإسلاموفوبيا» والانحياز لإسرائيل وعدم مواجهة التغيرات المناخية.

ما سمعته في بروكسل وغيرها أن التيار الليبرالي والديمقراطي في أوروبا «يضع يده على قلبه» خوفاً من صعود التيار اليميني المتطرف عموماً، وخصوصاً في ألمانيا.

يقول أنصار هذا التيار إنهم لا يستبعدون إذا تمكن المتطرفون من مواصلة الصعود أنهم قد يفككون الاتحاد نفسه. وفي هذه الحالة فإن المستفيد الأكبر من هذا السيناريو حال حدوثه هو روسيا والصين، إضافة للمتطرفين في كل أنحاء العالم من الأرجنتين غرباً إلى إسرائيل في الشرق الأوسط، والبطل الأساسي هنا سيكون المرشح الرئاسي المحتمل في الانتخابات الأمريكية دونالد ترامب الذي صار الأب الروحي لهذا التيار عالمياً.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بروكسل والخوف على التجربة الألمانية بروكسل والخوف على التجربة الألمانية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام
 العرب اليوم - تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab