إلى أين تتجه أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان، بعد أن أعلنت وزارة الري المصرية رسمياً قبل ثلاثة أسابيع بأن الاجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات السد النهضة قد انتهى من دون تحقيق أي نتيجة تذكر، بسبب استمرار المواقف الإثيوبية الرافضة طوال السنوات الماضية للتوصل إلى اتفاق قانوني وملزم لملء وتشغيل السد؟
ولعل مراجعة المحطات الأساسية في هذه الأزمة قد تقدم لنا مؤشراً على طريقة أداء كل من مصر وإثيوبيا، ولماذا وصلت المفاوضات إلى هذه المرحلة المتعثرة.
السد كان في تفكير وأحلام ووعي ورغبة الإثيوبيين منذ عقود لكن موازين القوى هي التي منعت أديس أبابا من تنفيذه. ولذلك لم تكن صدفة أن الإعلان الإثيوبي الأول عن فكرة إنشاء السد كان خلال انشغال المصريين بثورة 25 يناير 2011. وفى أبريل من نفس العام أعلنت عن بدء تحويل مسار نهر النيل لبدء عملية التشييد.
وفى مايو 2011 أعلنت إثيوبيا أنها ستطلع مصر على مخطط إنشاء السد لدراسة مدى تأثيره على دولتي المصب. وفي سبتمبر من نفس العام اتفقت مصر وإثيوبيا على تشكيل لجنة دولية لدراسة آثار بناء السد.
وبعد ذلك بعام كامل أي مايو 2012، بدأت اللجنة أعمالها بفحص الدراسات الإثيوبية الهندسية.
وفي مايو 2013 أصدرت لجنة الخبراء الدوليين تقريرها بضرورة إجراء دراسات تقييم آثار إنشاء السد على مصر والسودان.
وفي يونيو 2013 اجتمع الرئيس الأسبق محمد مرسي مع مجموعة من المسؤولين المصريين وأذيع الاجتماع على الهواء، وخلاله تم طرح أفكار من قبيل مهاجمة منشآت سد النهضة، الأمر الذي منح إثيوبيا تعاطفاً دولياً واسعاً، كان له تأثير سيئ على موقف مصر خصوصاً أنه كان «ضجيج بلا طحن».
وفي يونيو 2014 اتفقت مصر وإثيوبيا على استئناف المفاوضات مرة أخرى، وبعدها بشهرين في أغسطس 2014 اتفق البلدان على تنفيذ توصيات اللجنة الدولية المشكلة منذ 2012 من خلال مكتب استشاري عالمي.
وفي الشهر التالي سبتمبر 2014 انعقد الاجتماع الأول للجنة الثلاثية للتباحث حول صياغة الشروط المرجعية للجنة الفنية وقواعدها الإجرائية.
وفي أكتوبر 2014 اتفقت الدول الثلاث على اختيار مكتبين استشاريين، الأول هولندي والثاني فرنسي لعمل الدراسات المطلوبة بشأن السد.
وفي مارس 2015 حدث تطور نوعي مهم تمثل في توقيع قادة مصر والسودان وإثيوبيا على وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة، وتضمنت عشرة مبادئ أساسية تتسق مع القواعد العامة في القانون الدولي للتعامل مع الأنهار الدولية.
وفي يونيو 2015 انعقدت في الخرطوم الجولة السابعة لاجتماعات اللجنة الفنية التي وضعت قواعد عمل المكتبين الاستشاريين الدوليين.
وفي سبتمبر 2015 انسحب المكتبان الاستشاريان لعدم وجود ضمانات لإجراء الدراسات بحيادية بسبب التعنت الإثيوبي..
وفي ديسمبر 2015 وقّع وزراء خارجية الدول الثلاث على وثيقة الخرطوم بالتأكيد على إعلان المبادئ وتكليف مكتبين فرنسيين بتنفيذ الدراسات الفنية الخاصة بالسد.
وفي فبراير 2016 أعلنت إثيوبيا أنها لن تتوقف عن بناء السد. وفي مايو 2016 أعلنت أنها توشك على إكمال 70 ٪ من بناء السد. وفي مايو 2017 تم الإعلان عن الانتهاء من التقرير المبدئي للسد واندلع خلاف حاد بين الدول الثلاث بشأن تفسيره.
في يوليو 2017 زار وزير الخارجية المصري سامح شكري إثيوبيا ودعا لضرورة إتمام المسار الفني. وفي منتصف أكتوبر 2017 أعلنت مصر موافقتها على التقرير المبدئي.
وفي نفس الشهر زار وزير الري المصري موقع السد وأعرب عن القلق من تأخر تنفيذ الدراسات الفنية.
وفي نهاية فبراير 2017 قال الرئيس عبدالفتاح السيسي: «أتفهم حق إثيوبيا في التنمية، لكن قضية المياه بالنسبة لنا حياة أو موت».
وفي يناير 2018 استضافت واشنطن في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب جولة مفاوضات جديدة بين الدول الثلاث، وتوصلت إلى اتفاق فعلي، لكن إثيوبيا انسحبت من التوقيع في اللحظة الأخيرة.
في فبراير 2020 بدأ سد النهضة رسمياً إنتاج الطاقة الكهرومائية مع ملئه 3 مرات بصورة أحادية.
وفي أبريل 2021 فشلت مفاوضات الفرصة الأخيرة في الكونغو.
وفي أغسطس 2021 أعلنت أديس أبابا بدء عملية الملء الرابع.
وفي يوليو 2023 زار رئيس الوزراء آبي أحمد القاهرة واتفق مع الرئيس السيسي على الشروع في مفاوضات عاجلة لا تستغرق أكثر من أربعة شهور، وكانت الجولة الأخيرة في الشهر الماضي، التي أعلنت مصر فشلها.
تلك باختصار أهم المحطات في أزمة سد النهضة، ومن الواضح أن إثيوبيا تنصلت عن التزاماتها، وهو ما يتطلب رؤية مصرية واضحة ومحددة، أما مصر فأعلنت أنها «تحتفظ بحقها للدفاع عن أمنها المائي في حالة حدوث أي ضرر».
ما هي الخطوة التالية؟
الإجابة في علم الغيب.